: الحمد لله أنني لم أشارك بالتصويت في الانتخابات البرلمانية السابقة، بعد أن استخرجت بطاقة التصويت واحتفظت بها حفاظاً على صوتي وخوفاً من ان يتم استخدام اسمي ورقمي لترجيح كفة أي من المرشحين، ولم اندم انني لم انتخب احداً، ولن اندم، بل الذين اختاروا من يمثلونهم في البرلمان هم الذين يجب عليهم ان يبتلعوا أصابع الندم الآن، ولا يكتفوا ب «العض»، ولا أصدق ان النواب هم من يمثلون الشعب رغم قناعتي بأنه لا يمكن ان تسمع الدولة كل افراد الشعب، ولا يمكن ان يتفرغ الشعب كله لعملية إدارة شؤونه، فهذه المهمة لها رجالها منذ ان خلق الله الأرض. وكون أني لم انتخب أحداً فهذا لا يعني أن الذين يتحدثون في البرلمان غير مساءلين أمامي، فأنا مواطن شئت ام أبيت لي شخص يسمى عضواً او نائباً يتقاضى راتباً ومخصصات ويؤدي واجبات ويتعرض لانتقادات، ولو لا انا وأمثالي من البشر، ما وصل الى هذا المكان في المجلس التشريعي للمحلية او الولاية، او مجلس الولايات، او المجلس الوطني، ولهذا فنحن بوصفنا مواطنين تحق لنا مساءلة البرلمان، وإن لم نصوت لنوابه لأن نائب الدائرة الذي يفوز في الانتخابات لا يمكن ان ينتقي قائمة المصوتين له ويتحدث باسم هذه القائمة فقط، ولا يحق له ان يحرم معارضيه من ان ينالوا شرف تمثيله لهم أو بهم. مجلسنا الوطني الحالي او البرلمان له مواقف مشهودة في قضية رفع الدعم عن المحروقات «الجازولين والبنزين»، فهو يصر على رفع الدعم الحكومي عن هذه السلع منذ قبل عامين، ليخفف على الحكومة آثار الأزمة الاقتصادية ويضع هذا الحمل الثقيل على المواطن، وقد نجح بالفعل في العام الماضي في رفع بعض الدعم، وأسهم بل انفرد، بأجر رفع أسعار الوقود في كل محطات البلاد، وبالتالي زيادة تعرفة المواصلات، وزاد كل ما يتصل بذلك من سلع او لا يتصل، فطالما ان هناك سلعة مهمة ارتفع سعرها فإن سلعاً أخرى ستلحق بها لا محالة. فحينما زادت أسعار المحروقات في العام الماضي اضطر احدهم لنظافة ساعته، وحينما انتهى الساعاتي من النظافة وأخذ خمسة جنيهات من الرجل لم يعد له متبقي المبلغ كالمعتاد، فعملية نظافة الساعة كانت تكلف جنيهين وهو يرى انه يجامل الساعاتي. فاستغرب وسأل عن الباقي فجاءته الإجابة «ده كان زمان قبل زيادة المحروقات.. الساعة دي أنا مش منضفا ليك بي بنزين شوف الجالون عمل كم الليلة». وحالة الهلع والجشع التي اصابت أسواقنا أخيراً مهندسها المقيم والمنفذ بل والمقاول هو البرلمان، جزاه الله عنا بقدر ما ألحق بنا من ضرر أو خير، وها هو يتأهب من جديد للقفز على «حيطته القصيرة» ليسد عجز الموازنة ويخفض معدل التضخم في الربع الاول من عام 2013م من جيب الشعب، فالمطالبة برفع الدعم عن المحروقات والسكر في نظر البرلمان هي التي تحل كل مشكلات الشعب الذي لا يعرف مصلحته. وأعتقد أنه لا يوجد مواطن واحد يمكن أن يقتنع بمبررات نواب البرلمان للمطالبة برفع الدعم عن الوقود والسكر لتخفيف العبء على المواطن نفسه، ولا توجد نظرية اقتصادية يمكن أن تقنعنا بصحة ذلك، وإن وجدت فلن نصدقها، ولا نملك إلا أن ندعو لنوابنا ونسأل الله أن يعطيهم بقدر ما قدموا لنا من رفاهية وخدمات.