يتفق كثير من المراقبين للشأن الاقتصادى السودانى ان موازنة العام المقبل جاءت تقليدية كالموازنات السابقة ويؤكدون انها ستواجه بعقبات كثيرة من خلال التطبيق خاصة وانها تعول كثيرا على الصادرات غير النفطية التى يقول عنها المراقبون انها تحتاج الى اعوام واعوام حتى يصبح هذا القطاع منتجا يمكن ان يساهم فى رفد الخزينة العامة ومن ثم الناتج الاجمالى المحلى. ولكن عدم وضوح الرؤية الكلية من خلال الموازنة العامة للدولة وعدم اعتراف الدولة بوجود ازمة اقتصادية مازال شاهدا للعيان بدليل انها غير واضحة الطريق فى كيفية سد النقص ال?يرادى للدولة من خلال الموازنة العامة، هذا ويعلم الجميع ان النفط كان له اثر كبير فى الصادرات يمثل 75% ويدخل فى الموازنة العامة بنسبة 34% اما الآن فلا يوجد نفط والموازنة مواجهة بانهيار كبير فبدلا من ان يفاجأ المواطن فى الربع الاول من تنفيذ الموازنة بزيادات كبيرة ومهولة، كان من الاجدى للقائمين على الامر ان يكونوا اكثر وضوحا وتحديدا فى شأن اقتصادى يتعلق بمعيشة المواطن اليومية الذى ارهقته الزيادات المتكررة بدون اسباب مقنعة له، خاصة وان الحكومة كانت وراء ذلك فبدايات الازمة المالية العالمية كانت وفقا للاقتصاديين ?نها بعيدة كل البعد على المواطن وفسرت ذلك بعدم الارتباط المحلى بالعالمى الامر الذى الحق ضررا بالغا بالاقتصاد السودانى متناسين ان هنالك مفاوضات للحكومة بالدخول الى عالم التجارة الدولية فى وقت يعتبر السودان جزءا من الكوميسا والتجارة العربية التى ترتبط مصالحها مباشرة بالاقتصاد والتجارة العالميين فكيف يكون السودان بعيدا عن التدهور الاقتصادى العالمى؟! فكان الاجدر بالحكومة ان تكون على بياض وتعترف بالامر توطئة لوجود معالجات انية ومستقبلية ولكنها تواطأت والحقت ضررا بالمواطن . والان اعدت الموازنة واغفلت ايضا امر المعالجات فجاء ذكر الوقود وزيادته من قبل النواب فثارت ثائرة البرلمان الذى يترأسه احمد ابراهيم الطاهر نافيا الامر ولكنه تناسى ان الحقيقة هى ان موازنة العام 2012م معطوبة الجوانب تحتاج الى حلول لسد العجز حتى لا يحدث ما حدث فى ظل وجود النفط والزيادات الكبيرة التى شهدتها اسعار الوقود فما بال عدمه فكيف لنا ان نختار اما موازنة دون زيادات فى بعض السلع او ا?رار زيادات مقنعة للشعب السودانى او البحث عن بدائل لسد العجز.. كل هذا وجاء التشكيل الجديد بنفس الوزارات الكثيرة والمترهلة التى تحتاج الى صرف بذخى خاصة فى ظل انضمام وجوه من احزاب اخرى تحتاج الى صرف كبير جدا لاقناع الآخرين باللحاق بالقطار. ولكن هل تجدى زيادة الوقود فى هذا التوقيت واثره سيكون مضاعفا على المواطن لاجل استمرار التشكيلة الحكومية ام هنالك بدائل اخرى وفق ما جاء وهى خفض الانفاق غير الضروى فى بعض الوزارات لحين اشعار اخر!؟. يرى رئيس لجنة الطاقة بالبرلمان محمد يوسف اهمية رفع الدعم الحكومي عن البنزين وإبقائه على الجازولين بحجة أن البنزين يستخدمه المقتدرون بينما الجازولين تستخدمه الشرائح الضعيفة، وقال منذ العام الماضي تبنت لجنته زيادة أسعار البنزين برفع الدعم الحكومي عنه مع إبقاء الدعم على الجازولين إلا أن وزير المالية الاسبق سيد على زكي قال إن استهلاك البنزين والجازولين لا يعني أن غالبية المستخدمين من المقتدرين لأن البنزين يستخدم في تقديم خدمات للشرائح الضعيفة بأسعار أعلى أما العربات فقد أصبحت ملكًا حتى للفقراء عن طريق البنوك ?لتي تقدم قروضًا وقال ان هذا التبرير لا يستند إلى منطق. وقال رئيس لجنة الطاقة بالبرلمان إن دعم الحكومة للمشتقات النفطية يتم بنسب كبيرة تتراوح بين «36%» من سعر جالون البنزين البالغ 13.3 جنيه عالميا، في حين يباع محليا ب«8.5» جنيه، و«50%» للجازولين مشيرا إلى أن الحكومة تشتري النفط بالسعر العالمي وتبيعه للمصافي المحلية بواقع «49» دولارا للبرميل، واشار الى الفرق الكبير جدا، وقال من العدل أن تتكفل «الشرائح المقتدرة» التي تستخدم البنزين بدفع قيمته كاملة وتحمل مبلغ الدعم الذي تدفعه الحكومة وقال «لا بد أن تدفع جهة قيمة هذا الدعم والعدل يقتضي أن يدفعها الذين يملكون سيا?ات البنزين لأنهم مقتدرون ماليا «، وقلل في ذات الوقت من تأثير زيادة سعر البنزين باعتبار الكمية القليلة التي يتم استهلاكها محليا والبالغة «381.411» طنا سنويا، مقارنة ب«2.639.000» طن جازولين، وقال «نحن ضد زيادة الجازولين رفقا بالشرائح الضعيفة». ونجد أن رئيس البرلمان أحمد ابراهيم الطاهر أعلن أنه يرفض زيادة اسعار البنزين في موازنة العام المقبل ويطالب بايجاد بدائل اخرى لتفادي الزيادة غير أن قوله بأنه» اذا وجدت بدائل ربما تتم المعالجة « يقدح في رفضه في وقت دعا فيه كمال عبيد النواب للتفريق في معاني الكلمات فيما يختص بزيادة أو رفع الدعم الحكومي عن البنزين ومطالبا إياهم الاستفسار فقط عن أسباب رفع الدعم وليس لماذا وحذر نواب من المردود السياسي للزيادة وتأثيرها على المواطنين وكشف النواب ان حجم الدعم الحكومي للبنزين «400» مليون جنيه وفق ما جاء فى الموازنة ا?عامة داعين الى ايجاد بدائل اخرى . وحذر رئيس اتحاد نقابات العمال البروفسور ابراهيم غندور من اللجوء لرفع الدعم عن المحروقات كخيار لتغطية العجز الناتج عن خروج بترول جنوب السودان من الموازنة العامة للدولة، وقال ان ذلك سيقود لاثار كارثية وزاد قائلا اى محاولات لرفع الدعم عن المحروقات ستكون لها اثار كارثية واقتصادية وسياسية واجتماعية، مؤكدا وقوف الاتحاد ضد عملية رفع الدعم عن المحروقات. وقال البروفسير عصام بوب استاذ الاقتصاد بالنيلين ان الخطوة غير موفقة تؤدي إلى ارتفاع تدريجي في أسعار السلع الاستهلاكية بجانب شح في سلع أخرى مثل السكر خلال الأيام القادمة بالرغم من عدم ارتباطه بتكلفة الترحيل. وتوقع بوب الخطوة من الحكومة لزيادة إيراداتها وتعويض العجز من إيرادات البترول بعد انفصال الجنوب، مبيناً أن البنزين يعتبر من السلع الرئيسة في السودان التي ترتبط بمستوى الأسعار للمستهلك بصورة عامة، مشيرًا إلى أن رفع الدعم عن البنزين وزيادة سعره بواقع عشرة جنيهات سيكون له أثر سلبي على مستويات استهلاك المواط?.ويرى الخبير الاقتصادي عادل عبد العزيز الفكى ان الاتجاه لرفع الدعم عن البنزين يمثل قيمة حقيقية لتقليل الدعم الموجه من قبل الدولة للمشتقات البترولية وان القرار به فائدة كبيرة للإيرادات العامة بالدولة ، مبينا إن الزيادة تستهدف البنزين فقط باعتبار أن السيارات التي تستخدمه سيارات صغيرة خاصة بخلاف الجازولين الذي تم استثناؤه لتأثيره على الترحيل والنقل العام، وقلل من أثر رفع الدعم على المواطنين، ووصفه بالضئيل، واعتبر الامر جزءاً من المعالجة للخلل في الإيرادات العامة، وقال إنه سيتبع بإجراءات أخرى أقر?ها الدولة في وقت سابق مثل تخفيض تكلفة السفر الخارجي والصرف على البعثات الدبلوماسية وخفض مخصصات ومستحقات الدستوريين وغيرها من الإجراءات. والى ذلك وقال الاقتصادى الدكتور محمد الناير أن «90%» من وسائل النقل حتى الآن في العاصمة تحديداً وهي اكثر جهة مؤثرة تستخدم البنزين معتبراً أنه وبمجرد ما تحدث زيادة فإن أصحاب سيارات النقل لايقيسون أن الجالون زاد «1,5» جنيه بما يعني ان الراكب تضاف إليه «5» قروش بل قد يزيدون ال1,5 جنيه على راكبين أو ثلاثة فقط، فلذلك اعتبر الزيادة سيكون فيها نوع من الظلم وتنعكس على حياة المواطن ككل في مستوى المعيشة. وقال ان الوضع الآن تغير ولم يعد كما كان فى السابق ابان زيادة اسعار المحروقات خلال يناير المنصرم . وقطع الناير?بأن الوضع الآن لا يحتمل ولعلّ البعض في الفترة الاخيرة إعتبر أن وزير المالية يعي الوضع الراهن وذلك لأنه عند اعلانه زيادة اسعار الوقود في يناير «2 جنيه» على المحروقات قال وكأنه كان يبشر المواطن بزيادة أربعة جنيهات أخرى « هذا الثلث وتبقى ثلثان» وكأنما كان يعلن عن قدوم اربعة جنيهات زيادة اخرى.