موجة الغناء «المبتذل» التى تهيمن على مسارح المناسبات وبيوت الاعراس، ظاهرة مازالت تراوح مكانها وتساهم فى انحطاط الذوق العام وتتجاوز اسوار البيوت دون استحياء. والبعض ذكر أن غناء البنات مهد لهذا النوع من الغناء الذى ذاع وانتشر كالنار فى الهشيم. أغنية البنات انحرفت عن مسارها الأصيل: يقول الفنان ابراهيم حسين: «كثير من الغناء الذي يغني في المناسبات الاجتماعية يصنف فى خانة غناء هابط، ويجب على اتحاد المهن الموسيقية والمجلس والمصنفات الفنية محاربة هذا النوع من الغناء المبتذل والحد من انتشاره. وغناء البنات الحقيقى اصيل ونابع من قيم وعادات وتقاليد سودانية اصيلة مثل اغنية السيرة والحماسة، واذكر عندما كنا صغاراً كانت هنالك اغنية بنات تغني لكوريا «الله لي أنا من شباب كوريا»، وذلك تعبيراً عن اطلاع وثقافة المرأة السودانية فى الماضى بما هو دائر من احداث وقضايا عالمية في ذلك الوقت، وكذلك فى سنوات الحرب في الجنوب غنت المرأة «يا جوبا مالك علي ... شايلة نوم عيني»، وفي أحيان كثيرة فإن حياء المرأة يمنعها من البوح بحقيقة مشاعرها خوفا من المجتمع وأغنية مثل: يا ماشي لي باريس جيب لي معاك عريس شرطاً يكون لبيس من هيئة التدريس كانت تعبر عن أحلام البنت السودانية، ولكن اختلفت الأهداف والأحلام والمفاهيم بتعاقب السنوات، وانعكس ذلك على الغناء والساحة الفنية التي أصبحت عكس ما كانت عليه سابقاً وفقدت القدرة على الإبداع». المجتمع هو المسؤل الأول: وترفض المطربة إنصاف مدنى المتخصصة فى غناء البنات اتهام غناء البنات بالتسبب فى موجة الغناء الهابط، وتقول: «لا اؤيد ذلك الاتهام لأن غناء البنات موروث وثقافة تحمل عاداتنا وتقاليدنا السودانية وتعبر عن هموم واحلام وطموحات لا تستطيع البنت ان تبوح بها الا من خلال الغناء والموسيقى، ولكن هناك من يسعى لتشويه هذه اللونية من الغناء بإدخال مفردات لا تليق بالمتلقى، وانا ضد هذا الغناء الذي يمارس في كثير من الحفلات والمناسبات الخاصة، واعتقد أن المجتمع هو المسؤول الاول، فهو يساهم في استمرار هذه الظاهرة حين يسمع أو يطلب اداء تلك الاغنيات التى نستمع لها قسراً من خلال الأماكن العامة ووسائل المواصلات، وتقع مسؤلية محاربة هذه الظاهرة على عاتق اتحاد ومجلس المهن الموسيقية الذي يجب ألا يسمح لهؤلاء بالغناء الهابط ولا بد من تفعيل الرقابة والقوانين لحماية المجتمع». ميثاق شرف لمواجهة الظاهرة: ويعترف الفنان سيف الجامعة بوجود الغناء الهابط ويقول: «إنها ظاهرة تحتاج الى دراسة من قبل باحثين فى علم الاجتماع، وعلى القائمين على امر حماية المجتمع فى المصنفات الفنية والنظام العام تكثيف الجهود للقضاء على الغناء الهابط، وهناك جملة من العوامل الاقتصادية والاجتماعية تقف خلف الظاهرة، وهى ظاهرة مرضية يجب محاربتها بالندوات والتنوير وليس القوانين وحدها. ومن الملاحظ أن هناك ازدواج بعض الفنانين فى الأجهزة، فهم يقدمون فيها أعمالاً متميزة، وفى المناسبات يقدمون أعمالاً هابطة، وسوق الكاسيت يحتاج الى ضبط، ولا بد من تفعيل ميثاق شرف امتهان المهنة وقد تم التوقيع عليه من قبل المطربين». ليس هناك غناء هابط: وتقول الفنانة حنان بلوبلو: «إن غناء البنات ليس مسؤولاً عن انتشار الغناء الهابط، وليس هناك غناء هابط بالمعنى المعروف، وربما هناك بعض الكلمات دون المستوى»، واشارت الى انها كانت تؤدى اغنية «وراء وراء» لترقيص العرائس، وقد انتشرت الاغنية واضاف البعض كلمات لا علاقة لها بالنص الاصلى، وصارت تؤدى فى الحفلات من قبل مطربين. غناء البنات ليس هابطاً ويكرس للقيم الفاضلة: وتقول المطربة ايمان عبد المحمود: «غناء البنات ليس هابطاً فهو إرث يكرس للقيم الفاضلة مثل الكرم والشجاعة والفروسية، ويعبر عن احلام وتطلعات وأشواق البنات منذ زمن مهيرة ومهلة العبادية والاجيال التى تعاقبت بعد ذلك، وتلك الأحلام والنصوص الغنائية تتغير وفق تطور الحياة السودانية، وهناك من يسيئون لهذا النوع من الغناء من خلال المفردة او اللحن، لكن ذلك لا يعنى أن هذا الفن هابط، وهناك شعراء يتقمصون أحاسيس البنات ويكتبون أروع القصائد التى تعبر عنهن، وليس عيباً ان يكون الشاعر او الملحن لاغنية البنات رجلاً. هناك فوضى: وتقول الفنانة سمية حسن: «إن كلمة فوضى ربما لا تجسد أبعاد المشهد الحقيقي للساحة الفنية التي تضج بالمقلدين ومن لا علاقة لهم بالفن بسبب غياب الرقابة، وبالطبع ما يحدث ينعكس سلباً على الفن». المشكلة ليست في المصطلح: الفنانة نبوية عبد الحفيظ الملاك تقول إنها لا تعترض على مصطلح اغنية البنات، وترى ان العيب ليس فيه ولكن فى بعض الجمهور الذى انحدر ذوقه واحساسه، وتضيف أن غالبية المطربات يمارسن الغناء بفهم الحصول على عائد مادى، والمال عندهن وسيلة وليس غاية، وقالت إن غناء البنات كان وسيظل يعبر عن مضامين وقيم اخلاقية وليس مسؤولاً عن موجة الغناء الهابط.