تقرير: فاطمة رابح: الانتقال السلس للحكم الذي حدث في قطر كان مثار اهتمام الدوائر الرسمية والشعبية بالسودان ،وذلك للادوار المحورية التي ظلت تلعبها الدولة الخليجية في المشهد السوداني ،ومثلما يؤكد مراقبون ان الأمير الصغير لن يحيد عن الخطي التي مشاها الأمير المتنحي طوال 18 عاما ،الا ان ثمة توقعات بان تشهد السياسة الخارجية القطرية تحولا في عهد الأمير تميم،لجهة تنامي اصوات ناقدة لها خاصة في دول الربيع العربي او تلك التي تأمل شعوبها في التغيير. وعلاقة الحكومة مع دولة قطر تعتبر بكل المقاييس من افضل العلاقات التي تجمعها بدولة خليجية وربما خارجية ،وذلك من واقع المساندة القطرية للسودان في الكثير من القضايا الدولية وابرزها الجنائية ،والداخلية وعلي رأسها قضية دارفور ،ولعبت قطر دورا كبيرا في محاولة رتق الفاتق الدارفوري من خلال رعايتها للمفاوضات بين الحكومة والحركات المتمردة ، كما ان الشيخ حمد ووريثه في الحكم تميم كانا قد سجلا زيارة للسودان ،ولم تنقطع الزيارات القطرية بواسطة مسؤولين جاءوا اما لتقديم الدعم او لافتتاح مشروعات تنموية، لدرجة ان رئيس الجمهورية عمر البشير عبر عن شكره وتقديره في مدينة كسلا لصاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثانى أمير قطر الذي زارها قبل عامين ، ولسمو ولي العهد الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، ولشعب دولة قطر لدورهما المقدر تجاه دعم قضايا السودان، وقال بصوت عالٍ «قطر أعطتنا أكثر مما كنا نتوقع وقدمت لنا أكثر مما طلبنا .. فلهم منا كل الشكر والتقدير على هذا الصنيع الذي لن ينساه أهل السودان، بجانب دورها المتميز والرائد في تحقيق السلام في دارفور، وأشاد البشير بحكمة وحنكة سعادة السيد أحمد بن عبد الله آل محمود نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء وصبره في معالجة ملف دارفور حتى أطلقنا عليه «عبد الصبور». وفي نهاية عام 2011م استقبل الرئيس البشير الأمير تميم بن حمد آل ثاني ولي العهد وجرى خلال المقابلة استعراض العلاقات القائمة بين البلدين وسبل دعمها وتعزيزها إضافة الى بحث عدد من القضايا الاقليمية والدولية. وكان ان حضر سمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني ولي العهد الجلسة الختامية للملتقى الاقتصادي السوداني القطري الثالث تحت شعار «نحو شراكة استراتيجية» الذي عقد بالخرطوم، وشهد سمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني ولي العهد و علي عثمان محمد طه النائب الاول لرئيس التوقيع على ست اتفاقيات ومذكرات تفاهم ثنائية ،خاصة بمجالات التعاون الاقتصادي بين البلدين، وكان تميم قد عبر في برقيه عقب وصوله بلاده عن شكره بحفاوة الاستقبال الذي وجده في السودان. والزيارات المتكررة للأمير القطري الشاب للسودان تشي بمعرفته التامة لتفاصيل الملف السوداني بكل تقاطعاته السياسية والامنية والاقتصادية ،وهذا يعني ان تعامله مع السودان خلال حكمه سيكون مرتكزا علي معطيات وقرائن احوال معروفة بالنسبة له ،ويتوقع مراقبون ان يمضي علي خطي والده ،خاصة فيما يتعلق باحلال السلام في دارفور ،وهو الملف الذي يحظي باشراف قطر عليه بموافقة دوائر امريكية وغربية واممية ،وسيجد الأمير الشاب نفسه امام مرحلة ثانية من تنفيذ اتفاقية سلام الدوحة وهي المتعلقة بالمشروعات التنموية والعودة الطوعية. ومثلما تذهب كل التحليلات ناحية التأكيد علي ان العلاقة بين السودان وقطر لن تتأثر بالتغيير الذي شهدته الدولة الخليجية ،الا ان هناك من يري بان الأمير الشاب يدرك بان الشعوب العربية باتت تنظر لادوار دولته بشك وريبة ،وماحدث من هجوم علي قطر بدول تونس ومصر وليبيا يوضح ان هذه الشعوب والتي قابلت الادوار القطرية في انجاح ثوراتها بالتقدير والاشادة ،بدأت تشك في ان قطر مازالت تواصل تدخلاتها في شؤون دولها الداخلية وذلك لمساندة حكومات الاسلاميين التي تحظي برفض واسع عقب تنسمها السلطة ،ويشير المراقبون الي ان هذا ربما جعل الأمير الشاب يفكر في احداث تغيير ولو بسيط علي السياسة الخارجية القطرية وذلك للحفاظ علي مكانة دولته. واذا كانت شعوب الربيع العربي قد بدأت تتململ من مساندة قطر لانظمة حكم الاسلاميين فان هناك شعوبا ومن ضمنها السودان يعتقد ان قطر التي ساندت الربيع العربي في بعض الدول ،وقفت بجانب حكومات حتي لاتعصف بها رياح التغيير. ويعتقد المستشار القانوني السابق لليوناميد في الدوحة والناشط السياسي في ملف دارفور صالح محمود ان قطر ستمضي في اغلب الانشطة والمفاوضات الخاصة بملف دارفور، وقال ان الحاكم الحالي كان يشرف ويهتم شخصيا بقضية دارفور واشرف علي كل الجهود التي قادت للتوقيع علي وثيقة الدوحة لذلك فان الاهتمام القطري قائم في اطار تنفيذ اتفاق الدوحة او توسيع المشاركة لحملة السلاح غير الموقعة علي اتفاقيات سلام للانخراط في العملية السلمية. ويري المحلل السياسي عبدالله ادم خاطر ان عملية تنحي الشيخ حمد من الحكم هو تغيير في الاطار الاسري وان العلاقة مع السودان هي جزء من الطموح القطري في اتجاه العلاقات الخارجية بين الدولتين خاصة وان قطر تهتم في العلاقات الثنائية بالجانب الانساني ، الاستثمار ، فض النزاعات، فضلا عن استمرار الحاكم تميم في دارفور باعتبار ان قضية دارفور تمثل انجازا قوميا وان تستمر العلاقة جيدة طالما ان السودان يتعامل مع قطر في اطار الطموح الاقليمي والدولي للسلطة القطرية. من جانبها امتدحت وزارة الخارجية السودانية مواقف دولة قطر ودورها الملموس في قضايا السودان وقالت على لسان الناطق الرسمي ابو بكر الصديق الذي كان يتحدث ل «الصحافة» عبر الهاتف امس ان العلاقات ستظل قائمة على التفاهم . وتوقع الصديق ان يمضي الأمير تميم على ذات الدرب وبذات النهج الذي كان يتبعه والده تجاه السودان وان تمضي العلاقات بين البلدين في نفس المسار الايجابي والاخوي، ولفت الصديق الى ان قطر حققت انجازا كبيرا في قضية دارفور عبر وثيقة سلام الدوحة لسلام دارفور . واضاف «قطر قدمت رعاية كريمة وجميلاً لن ننساه».