تقرير : عبدالوهاب جمعة: قالت تنزانيا انها ستطالب بتفويض أقوى لقوات حفظ السلام في دارفور بعد مقتل سبعة من جنودها في كمين يوم السبت،بينما وصف قائد عمليات حفظ السلام التابعة للامم المتحدة، ايرفيه لادسوس، الوضع في المنطقة بأنه «غير مقبول بالمرة». وكانت تنزانيا اكدت أمس الاول ان 36 فردا من قوتها التي تضم جنودا ورجال شرطة تعرضوا لكمين نصبه متمردون على بعد نحو 20 كيلومترا من خور أبشي في جنوب دارفور،وأصيب 17 اخرون بجروح بينهم امرأتان. وقال المتحدث باسم الجيش التنزاني، كابامبالا مجاوي، للصحفيين في دار السلام العاصمة التجارية لتنزانيا «نجري اتصالات مع الاممالمتحدة بشأن امكانية تعزيز تفويض قوات حفظ السلام في دارفور لتمكين جنودنا من حماية انفسهم ضد الهجمات.»،وأضاف «نريد ان تكون قواتنا في دارفور قادرة على استخدام القوة لفرض السلام والدفاع عن نفسها في مواجهة اية كمائن ينصبها المتمردون في المستقبل.»،وعبر رئيس تنزانيا، جاكايا كيكويتي، عن حزنه لمقتل الجنود التنزانيين. وكان قد تم تعيين جنرال تنزاني الشهر الماضي ليتولى قيادة قوة حفظ السلام المشتركة التابعة للأمم المتحدة والاتحاد الافريقي «يوناميد» في السودان، وتشارك تنزاينا بقوة قوامها 875 جنديا. وقال لادسوس الذي زار دارفور منذ نحو عشرة ايام ان الوضع الامني يمثل مصدر قلق كبير،وأضاف لرويترز في باريس«هناك 300 ألف نازح منذ يناير هذا العام وهو ضعف العدد الذي كان لدينا بالنسبة للعامين السابقين،»من غير المقبول تماما ان تكون قوات حفظ السلام عرضة للكمائن والاستهداف عمدا مثلما حدث ، نريد ان نعرف من المسؤول عن هذا.» ويقول دبلوماسيون ان قوة حفظ السلام التي يزيد عددها عن 16 ألف جندي تعاني من مشاكل في العتاد وضعف تدريب بعض الوحدات واحجام بعض الحكومات مثل مصر عن ارسال قوات الى المناطق الخطرة. ويؤكد مهتمون بشؤون قوات حفظ السلام الهجين ان تلك القوات تواجه عدة عقبات تأتي في مقدمتها ان فترة تفويض اليوناميد ستنتهي في نهاية الشهر الجاري، بيد ان اولئك المراقبون يؤكدون ان مهمة اليوناميد ستجدد من قبل مجلس الامن لعام آخر ، وحسب مهتمون ان الهجمات الاخيرة القت بظلالها على مهمة القائد الجديد للعملية الهجين الفريق بول اينياس ميللا من جمهورية تنزانيا المتحدة الذي حل مكان الفريق باتريك نيامفومبا الرواندي الجنسية الذي انتهت فترة عمله في مارس الماضي .ويبدو حسب اولئك المهتمين ان المهاجمين قصدوا افشال مهمة القائد الجديد باستهداف معنويات الجنود التنزانيين. ومهمة اليوناميد في حفظ السلام بدارفور بدأت في عام 2007 بتفويض من مجلس الامن بالقرار رقم «1769 » بمقتضى البند السابع من ميثاق الاممالمتحدة حيث اذن لبعثة الأممالمتحدة والاتحاد الأفريقي في دارفور بأن تتخذ جميع الاجراءات اللازمة في مناطق انتشار قواتها، حسبما تراه في حدود قدراتها وحمل قرار مجلس الامن في تفويضه لليوناميد على حماية أفرادها ومرافقها ومنشآتها ومعداتها، وكفالة أمن وحرية تنقل أفرادها والعاملين في المجال الانساني التابعين لها ودعم تنفيذ اتفاق سلام دارفور في وقت مبكر وعلى نحو فعال، ومنع تعطيل تنفيذه ومنع شن الهجمات المسلحة، وحماية المدنيين دون المساس بمسؤولية حكومة السودان وقرر المجلس أيضا أن ولاية العملية المختلطة تُحدد على النحو المبين في الفقرتين 54 و 55 من تقرير الأمين العام ورئيس لجنة الاتحاد الأفريقي الصادر في 5 يونيه 2007 للمساهمة في عودة الأوضاع الأمنية اللازمة لتقديم المساعدات الانسانية بشكل آمن وتيسير توفيرها لجميع المحتاجين اليها في دارفور والمساهمة في حماية السكان المدنيين المهددين بالتعرض لعنف جسدي وشيك والحيلولة دون حصول اعتداءات على المدنيين، في حدود قدراتها ومناطق انتشارها، دون المساس بمسؤولية حكومة السودان ورصد تطبيق مختلف اتفاقات وقف اطلاق النار الموقعة منذ عام 2004 ومراقبة مدى التقيد بها والتحقق من تنفيذها، فضلا عن المساعدة في تطبيق اتفاق سلام دارفور وأيّ اتفاقات لاحقة والمساعدة في سياق العملية السياسية لكفالة مشاركة جميع الأطراف فيها، وتوفير الدعم للوساطة المشتركة للاتحاد الأفريقي والأممالمتحدة في جهودهما المبذولة لتوسيع نطاق الالتزام بعملية احلال السلام وتعميقه والمساهمة في خلق بيئة من الأمن مؤاتية لاعادة بناء الاقتصاد وتنميته وفي عودة المشردين داخليا واللاجئين الى ديارهم بشكل دائم ورصد الحالة الأمنية على حدود السودان مع تشاد وجمهورية أفريقيا الوسطى وتقديم تقارير عنها. ويبدو ان الهجمات المتوالية على اكبر بعثة في تاريخ العالم لحفظ السلام وكان اخرها الهجوم على القوة التنزانية في منواشي ، هو ما جعل البعض من شركاء اليوناميد يطالبون بتعزيز تفويضها لحماية نفسها والمدنيين ، ويؤكد مهتمون بعمليات السلام ضرورة اعادة تحديد قواعد الاشتباك الخاصة باليوناميد وتحولها من الناحية الدفاعية للهجومية لحماية جنودها بينما البعض الاخر يفضل اعادة النظر مرة اخرى في اعادة التفويض لليوناميد . يقول الخبير القانوني نبيل اديب ان التفويض الخاص باليوناميد كان محدودا منذ بدء عملياتها مشيرا الى ان كل عملياتها تقع تحت اطار الدفاع عن النفس ولم تسعى اليوناميد للقيام بعمليات هجومية ، ويقول اديب ان الهجمات في الفترة السابقة جعلت من الواضح ان اليوناميد تحتاج لتفويض اكبر من قبيل القيام بعمليات الهجوم ، على ان اديب يؤكد ان تفويض اليوناميد كان غير كافٍ مما ادى الى عدم فاعلية قوات اليوناميد و « حتى عجزها عن حماية نفسها » وينصح اديب بضرورة اعادة النظر في اليوناميد عبر وجود فعلي لها قادر وحاسم لحماية السلام . طالما ان اليوناميد تعجز عن حماية جنودها من الهجمات المسلحة ، اذن يتطلب الوضع نظرة شاملة ، يقول استاذ العلوم السياسية بالجامعات السودانية حسن الساعوري ان قوات اليوناميد مقيدة بتفويض محدود، مشيرا الى موت افرادها دون ان تستطيع حمايتهم ، على ان بروفسور الساعوري يؤكد ان المسألة ليست زيادة القوات او اعادة التفويض وانما الذين يمسكون بمفاتيح المهاجمين ، وبعبارة صريحة يقول الساعوري ان الامر بيد امريكا وبريطانية والنرويج وفرنسا لايقاف الحركات المسلحة عن مهاجمة اليوناميد ، ويؤكد الساعوري ان كل الحديث الذي يدور حول توسيع ولاية او تفويض اليوناميد انما هو «استعراض خارج الحلبة ». على ان المحلل العسكري لواء «م» عبدالرحمن الارباب يقول ان معضلة اليوناميد ليست في محدودية التفويض او زيادته ويؤكد ان مشكلة اليوناميد في ضعف «ارادة القتال » لقواتها ويشرح الارباب ذلك بالقول ارادة القتال تنتج عن محصلة عدة متطلبات تتعلق بايمان المقاتل بالقضية التي يحارب من اجلها بجانب التدريب وعمليات التوجية المعنوي بيد ان الارباب يؤكد ان كل تلك الجوانب ضعفت لدى جنود الدول الافريقية . ويقدم الارباب خارطة طريق عسكرية لليوناميد لتفادي ما سماه « انكسار شوكة اليوناميد » تجاه حركات التمرد باعادة تدريب تلك القوات واستبدالها بقوات اخرى مدربة تنفذ المهمة التي وضعت من اجلها مهما بلغت التضحيات.