الفاشر: إبراهيم عربي : كان طفلاً فى الثامنة من عمره بالصف الثانى أساس بمدرسة كورما، استيقظ الطفل من نومه صبيحة أحد أيام عام 2003م فجأة على صوت الدانات وصهيل الخيول وصراخ الأطفال وعويل النساء وصيحات الرجال، وفى ذات الأثناء اخترقت رصاصة صدر والده ليستقر جسداً على الأرض أمام عينيه، ليجد الطفل نفسه فى حضن والدته كلتومة محمد آدم سوياً مع شقيقيه و«4» شقيقات، فكانت تلك بداية مأساة طويلة فى حياة التلميذ عبد الناصر إسماعيل عبد الله إبراهيم أول الشهادة السودانية بولاية شمال دارفور، والذى أحرز نسبة نجاح 90.9% فى المساق العلمى رياضيات. ويقول عبد الناصر فى حديثه ل «الصحافة» إنه درس من الصف الثالث وحتى الثامن بمدرسة السلام «5» بمعسكر أبو شوك ومن ثم الثانوية بالفاشر الثانوية، ويؤكد أن نجاحه جاء بتضافر عدة جهود رغم الظروف المحيطة بالأسرة كبقية أهل معسكر أبو شوك، ورغم المرارات والظروف الصعبة التى مرت بها أسرته، إلا أن الدافع للتميز والنجاح والتفوق كان كبيراً، فقد سبقه شقيقاه شاكر الذى يدرس البيطرة بجامعة الخرطوم ومحمد بجامعة أم درمان الإسلامية، فيما تواصل شقيقاته بمراحل الدراسة المختلفة، إلا أن عبد الناصر يؤكد أن الفضل فى ذلك كله يعود لوالدته التى تعمل باليونميد وخاله زكريا أبكر آدم، فيما كان عبد الناصر نفسه أكثر عزيمةً وإصراراً على التفوق، ويقول إن طموحه أن يكون ضمن أوائل السودان ولكنه راضً تماماً بما قسم الله له من نتيجة، ويقول عبد الناصر إنه ينوي دراسة هندسة بترول أو كهرباء، وعبد الناصر يكره السياسة ويقول: «لعن الله السياسة لأنها السبب فى أزمة دارفور» إلا أنه يعلن استعداده للمساهمة فى حل قضية دارفور وإحلال السلام. وعاد عبد الناصر ليقول «كفاية حرب .. كفاية قتال .. كفاية خراب .. كفاية تشريد .. كفاية نزوح» ليضم عبد الناصر صوته لقطاع عريض من أهل دارفور «آن الأوان للحرب أن تضع أوزارها». وتشير الأرقام إلى أن «8» طلاب وطالبات من بين العشرة الأوائل بالولاية من المساق العلمى، وأن مدرسة الفاشر الثانوية حازت على المرتبة الأولى بنسبة نجاح 100%، وحلت مدرسة الفاشر النموذجية ثانية، فيما حلت مدرسة الواحة الثانوية ثالثة رغم الظروف الأمنية التى ظلت تعيشها المحلية ذات التوأمة مع محلية كتم. لقد شهد التعليم بشمال دارفور تطوراً ملحوظاً، وشهد قفزات نوعية وكمية، فمن «8» آلاف طالب جلس لامتحانات الشهادة السودانية فى عام 2003 إلى «26,700» طالب فى عام 2008م إلى «143» ألف فى عام 2012م إلى أكثر من «170» ألف طالب وطالبة فى عام 2013م، وذلك فى إطار خطة «نفير التعليم» وإتباع منهجية علمية اتبعتها الولاية لترقية البيئة التعليمية، علاوة على الدور المشرف للمعلمين والمعلمات الذين وصفهم الوالى بزعماء المهنة «على خلفية الوالى المهنية»، وكشف الوالى أن ميزانية التعليم تعادل 15% من ميزانية شمال دارفور، وأعلن الوالي دعمه للمتفوقين جميعاً ورعايتهم وبصفة خاصة عبد الناصر، وأعلنها كبر منافسة مدوية معلناً عن تبرعه بسيارة لكل طالب بالولاية يدخل ضمن العشرة الأوائل في السودان للعام المقبل، وسيارة آخرى للمدرسة، ليبدأ الطلاب والمدارس منذ الآن في المنافسة.