حول معسكر (أبو شوك) لبستان من (الزهور)... عبد الناصر..قصة إنجاز اضاءتها (لمبة جاز)..! معسكر أبوشوك: يوسف دوكة قهر كل المتاريس التي واجهته في حياته ولم يستسلم لها...يقطن في معسكر أبوشوك للنازحين بمدينة الفاشر قادم من منطقة كورما بعد أن حصدت الحرب روح والده في أحداث كورما الشهيرة في العام 2003...يتكون منزلهم من غرفة (جالوص) وراكوبة...يعمل في البناء (طٌلبة) بعد انتهاء الدوام المدرسي...ورغم كل تلك الصعوبات أحرز المركز الأول بشمال دارفور في امتحانات الشهادة السودانية بنسبة 91%...يدعى عبد الناصر إسماعيل عبدالله التقت به السوداني بمعسكر أبو شوك بالفاشر ودردشت معه...فماذا قال عن قصة نجاحه ...؟ الطريق زهور: الطريق إلى معسكر أبو شوك يعتبره الكثيرون فيه نوع من المخاطرة بالنفس، لاسيما لشخص غريب الوجه عن المعسكر، لكننا عندما قررنا الذهاب إلى منزل عبد الناصر لنتعرف على قصة نجاحه التي صارت حديث مجالس مدينة الفاشر لم يراودنا أدنى إحساس بالخوف، فقصته في حد ذاتها تستدعى لدواخلك الشجاعة والجدية، وعندما تجولنا في معسكر أبو (شوك) لم يكن طريقنا (شوكاً) لكنه كان (زهوراً) يزرعها عبد الناصر بداخلك كلما تتحدث معه وهو يرد عليك بابتسامة صادقة ونابعة من القلب. النجاح ماعايز (واسطة): ويقول عبد الناصر ل(السوداني): (أنا لا أعرف دروس خصوصية وما حصل زول راجع لي دروسي غير الحصص التي أدرسها في مدرسة الفاشر الثانوية وخلاف ذلك الدروس الخصوصية غير متوفرة في المعسكر وحتى إذا كانت موجودة لا أؤمن بها وأنا اعتمدت على الحصص المدرسية فقط)، ويزيد: (النجاح ما عايز (واسطة) من زول ولكنه يعتمد على العزيمة والإصرار والاجتهاد وكل ذلك كان عندي والحمد لله). ثقة نجاح: عبد الناصر يواصل في الحكي ويقول: (لم أتوقع أنني سوف أحصل علي المركز الأول برغم أنني أحرز هذا المركز منذ الصف الأول بالأساس ولكن كنت واثقاً بأنني سوف أنجح وأحرز درجة مشرفة)، ويضيف وشلال الدموع ينهمر بداخله: ( لو كانت حياتي حياة شخص آخر لما أحرز واحد في المية ولكان ترك مقاعد الدراسة مبكراً ).! (لمبة) جاز: وعن جدول المذاكرة يحكي قائلاً : (طبعا نسبة للظروف الاقتصادية الصعبة (وزي ما شافين) وأنا عشان أساعد والدتي وإخواني بشتغل (طلبة) حتى في أيام الامتحانات لكن رغم كل تلك المعاناة والإرهاق لا بد أن أتفرغ ساعتين للمراجعة وطبعاً بحاول بكل الطرق أن تكون الساعتان في منتصف النهار، عشان ما عندنا كهرباء في المعسكر والكهرباء في المعسكر ب(البابور) وبتشتغل ساعتين فقط وأنا كنت بقرأ ب(لمبة) جاز... ويضيف ضاحكاً: (وكمان عندي حساب في الفيس بوك، وحتى أيام الامتحانات بكون (أون لاين) يعني عايش حياتي عادي برغم الحاصل).! هندسة نفط: وعن التخصص الذي يريد دراسته في الجامعة يقول عبد الناصر:(بأذن الله سوف أدرس هندسة نفط أما في جامعة الخرطوم أو جامعة السودان وفي الأيام القادمة سوف أحدد الجامعة التي أدرس فيها هندسة النفط وأنا بهذا التخصص أهدف إلى النهوض بوطني عالياً وسوف يتحقق ذلك بإذن الله).! النجاح لا يشترى: وفي الختام يقول عبد الناصر بصوت حزين: (أنا أهدي هذا النجاح إلى روح والدي الذي رحل عنا وأنا صغير وكنت أتمنى أن يحضر نجاحي، وكذلك أهدي نجاحي إلى أمي التي عانت واشتغلت من أجل تربيتنا ومواصلة مسيرتنا التعليمية ولكل شخص يسكن معسكر أبو شوك ومن هنا أحب أقول إن النجاح يأتي بالعزيمة والإصرار فقط وليس بالمال، وأتمنى من الله أن يعم السلام جميع أنحاء السودان لينعم المواطن بالاستقرار. ألا يستحق.؟: قبل أن نغادر لابد من رسالة نبعث بها للجهات المسؤولة عن الشباب في هذه البلاد، ولكل المهتمين بالنوابغ في المجال العلمي، وذلك لتبني هذا الشاب الذي أكد بأنه لا مستحيل تحت الشمس، هي دعوة للوصول إليه ولمساعدته في إكمال دراسته، هي رسالة نتمنى ألا تضل الطريق لبريد المسؤولين الوارد.!