جوبا :وكالات: رسخ رئيس جنوب السودان سلفا كير ميارديت دعائم سلطته في البلاد بعزل أبرز منافسيه السياسيين، الى جانب اقالة حكومته بالكامل، لكنه يواجه خطر تقسيم الدولة في وقت يتصاعد فيه التوتر مع السودان. وأقال كير نائب الرئيس ريك مشار وكبير مفاوضي جنوب السودان باقان اموم وكبار المسؤولين في الحركة الشعبية الذين لمحوا الى أنهم قد ينافسون كير على زعامة الحركة قبل الانتخابات العامة المقررة في 2015 . وقال محللون، ان الخطوة التي أقدم عليها كير تهدف لانهاء اقتتال يتزايد داخل الحركة ، وأعاقت الخلافات داخل الحركة الحكومة في وقت تشهد فيه مواجهة جديدة مع السودان حول تدفق النفط والاحباط بين الناس العاديين الذين كانوا يتلهفون على «عائدات النفط» بعد انتهاء الحرب في عام 2005 . ورغم ان حكومة جوبا كسبت ما يزيد على عشرة مليارات دولار من مبيعات النفط منذئذ الا ان الحكومة لم تشيد مستشفيات جديدة أو محطات للطاقة بينما غابت معظم الخدمات الأساسية عن المناطق الريفية. لكن استبعاد كير لاثنين من أكبر منافسيه واقالة حكومته بالكامل يهدد بالخطر توافقا هشا بين القبائل الرئيسية وزعماء الميليشيات الذين يسيطرون على البلاد التي تعادل فرنسا من حيث المساحة. وقال معهد سود، وهو مركز أبحاث محلي في جنوب السودان «اذا استمر الصراع الحالي على السلطة داخل الحركة الشعبية ولم يهدأ فمن المؤكد أنه يحمل تبعات بعيدة المدى» . وأضاف المعهد في تقرير «هذه «العواقب» قد تشمل تصدع الحزب أو فشل الدولة أو ربما فرصة بعيدة لظهور ديمقراطية حقيقية متعددة الأحزاب» . وقال المعهد انه بينما لا تزال المؤسسات ضعيفة فان الانقسامات داخل الحزب قد تحدث وفقا للخطوط العرقية مما يؤدي الى اندلاع حرب أهلية جديدة في أسوأ الحالات. والاستقرار في جنوب السودان ليس جوهريا فقط لمشتري النفط في الصين والهند وماليزيا وانما أيضا بالنسبة لجيرانه في شرق أفريقيا اثيوبيا وكينيا وأوغندا التي استضافت فيضا من اللاجئين ابان الحرب الأهلية. وكان كير يرأس حكومة تضم 29 وزيرا وواحدا من أكبر المجالس النيابية في العالم يضم زعماء قبائل ورفاق كير من القادة ابان حقبة حرب العصابات ممن كانوا يتقاتلون خلال الحرب الاهلية. ونجح كير في ضم وزراء اقوياء مع ميليشياتهم الى صفه ، لكنه غض الطرف في الوقت ذاته عن حالات فساد على الرغم من وعود علنية باسترداد اربعة مليارات دولار افادت انباء بانها «نهبت» من خزانة الدولة لصالح مسؤولين حكوميين. وكان كير يحبذ زعماء الميليشيات عن التكنوقراط لانه يضمن ولاءهم على الرغم من ان اصحاب الكفاءات كانوا الافضل فيما يتعلق ببناء مؤسسات الدولة. لكن بعد توقف انتاج النفط 16 شهرا ونية السودان اغلاق خطي انابيب التصدير عبر الحدود - ما لم يتوقف جنوب السودان عن دعم المتمردين في الاراضي السودانية - جفت الموارد المالية لجنوب السودان، وهو دولة حبيسة فيما نفد صبر الجهات المانحة. وقال دبلوماسيون انه خلال الاشهر القليلة الماضية لم يتسن للسلطات صرف رواتب العاملين بالجهاز الاداري للدولة الا بعد وصول قروض من الولاياتالمتحدة والاتحاد الاوروبي اقترنت بشروط غير رسمية تتعلق بالحكم الرشيد. وفي خطوة اولى قرر كير تقليص عدد الوزارات الى 19 وزارة في التشكيل المزمع الذي لم ينته منه بعد. وقال بيونج دنج كول وهو زميل في كلية كنيدي بجامعة هارفارد «اثبت الانتقال من حرب التحرير الى مرحلة الحكم انه ينطوي على تحديات كبيرة» . وأوصى كول الرئيس بان تضم الحكومة القادمة شخصيات جديدة من التكنوقراط تتسم بالكفاءة. الا ان تحجيم الانفاق على شراء الولاء - ومن بين صوره تخصيص عربتين فارهتين لكل مسؤول كبير - قد يثير الاستياء داخل صفوف حزب كير مما اوجد توجها خلال الاشهر القليلة الماضية اتسم بان قلب بعض حكام الولايات ظهر المجن لكير. ولم يحدد لا مشار ولا اموم - اللذان ينتميان لقبيلتين مختلفتين - ماذا يعتزمان القيام به في الوقت الراهن. وأذاع راديو جوبا امس، ان من بين صور التوتر الحالي الامر الذي اصدره كير لاموم بعدم مغادرة العاصمة جوبا او الادلاء باية تصريحات فيما يجري التحقيق معه بتهمة «بذل جهود متعمدة لخلق انقسامات لا داعي لها» في صفوف الحركة الشعبية ،وتعتمد تطورات الاحداث المقبلة على رد فعل الجيش الذي يلتهم 60 في المئة على الاقل من موازنة الدولة. وفي السياق ذاته، حث الاتحاد الأفريقي رئيس جنوب السودان سلفاكير ميارديت، أن تراعي الحكومة الجديدة التنوع في البلاد، وقال انه يشجع جوبا على عمل ذلك بطريقة تعكس تنوع شعب الجنوب وفق الدستور الانتقالي والمثل الديمقراطية التي تبنتها الدولة الجديدة. ودعا الاتحاد الأفريقي في بيان مشترك مع كلٍّ من الهيئة الحكومية للتنمية لدول شرق أفريقيا «ايقاد» والولاياتالمتحدة وبريطانيا والنرويج وسويسرا، جوبا لاتخاذ اجراءات للحفاظ على الهدوء ومنع العنف. وقال بيان الاتحاد الأفريقي «نشجع جنوب السودان على تشكيل الحكومة الجديدة بطريقة تعكس تنوع شعب جنوب السودان ووفقاً للدستور الانتقالي والمثل الديمقراطية التي تبنتها الدولة الجديدة».