ودعت مدينة أم درمان والحركة الإسلامية والوطنية صباح الاثنين 22 يوليو 2013م الموافق 13 رمضان 1434ه الرمز الأسري والدعوي والسياسي والوطني، الراحل يس عمر الامام إلى مثواه الأخير في مقابر البكري بأم درمان وسط جموع كبيرة من المشيعين ليختم بذلك بفضل الله عمراً كان حافلاً بالعطاء - تقبل الله منه. الراحل المربي يس عمر الامام تعرفنا عليه وهو أستاذنا في مادة (الحساب) بمدرسة المدينة عرب الوسطى في النصف الثاني من خمسينيات القرن الماضي، ثم تواصلت الرحلة حتى لقى ربه في مستشفى الزيتونة بالخرطوم. ومن عجب أنه عندما صدرت النسخة الأولى من هذا الكتاب (الراحلون) كان قد أبدى اعجابه بالفكرة والمحصلة وهو الذي كان قد قادنا في مجال الصحافة ورافقناه في مجال الدعوة والسياسة والمجتمع منذ وقت مبكر أيضاً. ومن ثم ستشرف الطبعة الثانية بإذن الله بالأستاذ يس الذي لحق بمن سبقوه من اخوته ورصفائه في المجالات المختلفة ونخص منها بالذكر تلك الدعوية والسياسية والصحفية والوطنية والأم درمانية. الأستاذ يس من جيل الحركة الإسلامية الأول وان كانت أسرته بقيادة الشيخ عوض عمر أسبق في الدعوة للدستور الإسلامي. فهو المعلم والتربوي والمتفرغ فيما بعد للسياسة والدعوة، وكان ممن خرجوا بالحركة الإسلامية من مصاف النخبة والجماعة إلى مصاف الحزب السياسي (جبهة الميثاق الاسلامي) ثم (الجبهة الاسلامية القومية) والدولة و(المؤتمر الوطني) بعد ذلك. إذ كان الأقرب إلى الشيخ حسن الترابي والمواكب والقائد أحياناً لكل التطورات التي رافقت الحركة ورفعت اسمها وسجلته في الداخل والخارج بما في ذلك بطبيعة الحال الرحلة مع الصيرفة والاقتصاد الإسلامي. فقد كان ل.. يس دوره في هذا المجال أيضاً كما في مجال التعليم العالي أي تأسيس الجامعة الأهلية بأم درمان. وان كانت هذه كلها مكاسب ونجاحات إلا أنها لم تكن بلا ثمن يدفع مقابلاً لها، وهو ثمن وتكُلفة العمل الاعتراضي في الأنظمة الدكتاتورية والعلمانية حيث كانت المعتقلات والملاحقة والمواجهة العسكرية أحياناً. والأستاذ الراحل بحكم موقعه التنظيمي وشهرته وصوته العالي ونشاطه وحركته - رحمه الله - كان له نصيبه من ذلك كله في حالتي (الحرب والسلام..!).. فقد كانت هناك مصالحات وطنية وتغييرات في أنظمة الحكم. ونشير هنا إلى المصالحة مع نظام المشير نميري في يوليو 1977م والانتفاضة عليه في رجب - ابريل 1985م. وفي الحالين كان ل.. يس حضوره السياسي والدعوي والتنظيمي وصلاته بالحركات والرموز الإسلامية في الخارج، وقد تجلى ذلك في اتصال أمثال الأستاذ المحامي المصري محفوظ عزام للعزاء والترحم منفعلاً بالحدث. ورغم ان الراحل عرف بعصاته الغليظة وصوته العالي في العمل السياسي والتنظيمي، إلا أنه كان طيب القلب والنفس وقد ظهر ذلك جلياً غداة كان الانقسام في المؤتمر الوطني والحركة الإسلامية إذ رغم انضمامه لجماعة الشيخ حسن الترابي المعروفة ب(المؤتمر الشعبي) وذلك ديدنه منذ وقت بعيد إلا أن داره كان يغشاها الجميع كما ان تشييعه يوم رحيله الاثنين الماضي كان قد حضره وشارك فيه منذ رحيل جثمانه من الدار وإلى التشييع والصلاة عليه في مقابر البكري بأم درمان كل رموز الحركة والدولة والسياسة أسوة بالشعبيين وآخرين، حيث لم يكن هناك فرق بين هذا وذاك، فالأستاذ الراحل يس عمر الامام هو يس الجميع. والكل على فراقه حزين.. غير انه الموت سبيل الأولين والآخرين. ألا رحم الله أخانا وأستاذنا وشيخنا يس عمر الامام رمز الأسرة العمرية والأم درمانية والحركة والدعوة والسياسة المجتمعية بشكل عام. وعزى أهله وأسرته الإسلامية فيه، فقد كان له حضوره الكبير رحمه الله.