: في العام 2010 عادت وزارة الثقافة متمتعة باستقلاليتها ، ونأت بنفسها عن ضرائر أخرى ظلت تلازمها منذ فجر الاستقلال بأسماء وأشكال متعددة ، ولكنها تلتقي عند عنوان واحد : هو تهميش الثقافة . البعض منا يعتقد أن هذا التهميش أمر مدروس ومخطط له ، والبعض الآخر يعتبره جزءاً من خفض الانفاق الحكومي ، وهو في شأن الثقافة يعلو على العدم بقليل ! لا نود أن نكرر القول أن شأن الثقافة في السودان شأن في غاية الأهمية ، بل أن الأمم حينما تقاتل تقاتل دفاعاً عن هويتها وثقافتها ، وحينما تبني وتعمر فان ذلك من أجل الانسان الذي يحمل هذه الهوية والثقافة في دواخله . ولكن الذي أقعد الثقافة في السنوات الأخيرة ، تمسك القائمين على الأمر بالطابع الاحتفالي للثقافة ، فاستحال مفهومها عند الجمهور أنها وزارة لا تعنى بالجاد من الأمور ، فتراجع النشر الثقافي ، وتم التخلص من مطبعة الثقافة والمطبعة الحكومية ، وتخيل النشر الثقافي وقد غابت بنياته الأساسية والمطبعة على رأسها ... والمطبعة الحكومية في كل أقطار العالم هي جزء من المؤسسات السيادية ففيها مستودع أمين لمطبوعات الدولة حفاظاً على خصوصيتها .. فتأمل ! ووزارة الثقافة في بلد كالسودان هي التي ترعى النشاط المسرحي جنباً الى جنب مع القطاع الخاص ، وهي التي تستطيع من خلال رعايتها للانتاج الجاد والتجريبي أن تحفظ التوازن بين « تجارية القطاع الخاص « والمستوى الراقي الذي يحفظ للحركة المسرحية حقها في النمو والتطور ... ومنذ أن غيبت الأقسام الخاصة بالسينما تراجع وجود السودان على منصات التتويج التي عرفناها في السبعينات والثمانينات من القرن الماضي . والأمر الآن يتطلب وجود وزارة للثقافة لها منهج ، وتخطيط ثقافي ، ورؤيا للمشهد السوداني ، والدور الذي يمكن أن يلعبه السودان داخل حدوده وفي محيطه العربي والأفريقي والعالمي ... وقد دعونا من قبل الى برلمان ثقافي يشارك فيه الجميع على مختلف اتجاهاتهم وتياراتهم للنظر في أمر الثقافة في بلادنا .