حينما قررت جامعة الدول العربية تقديم الثقافة على الاعلام في تسمية الوزارات، لم يجيء هذا التقديم اعتباطا، ولا اتت به القافية - ولكنه نتيجة قراءة فاحصة لذلك التداخل بين المسميين.. وعندما انشأت مصلحة الثقافة عام 1976م، مجلة الثقافة السودانية، وآلت الى ادارة النشر الثقافي، جاء ذلك ضمن سياسة ثقافية مرسومة بعناية.. وكانت مجلة الخرطوم تصدر عن المجلس القومي للآداب والفنون - الذي تغير اسمه عدة مرات والآن هو (المجلس القومي لرعاية الثقافة والفنون).. وما نود ان نخلص اليه ان هذه المؤسسات جميعا احتضنت هذه المجلات، وكذلك صدرت المجلتان في عهد الانقاذ عن الهيئة القومية للثقافة والفنون - ثم عن وزارة الثقافة. ولكن ما يجري الآن هو ضم قسري - وصراع بين ادارات يجب التدخل بينها لفض الاشتباك - فالنشر الثقافي في كافة الاقطار المشابهة لنا يتبع لقطاع الثقافة - ولا يوجد مبرر لضمه لقطاع الاعلام - وان كانت هناك مبررات فاتت على السابقين منذ عهد الفنان ابراهيم الصلحي وكيل الوزارة اوائل السبعينيات والدكتور محمد عبدالحي مدير مصلحة الثقافة - والاستاذ قيلي احمد عمر والفنان البروفيسور احمد محمد شبرين امين عام المجلس القومي للآداب والفنون وغيرهم ممن كانوا في قيادة العمل الثقافي، فإننا نأمل ان نتلقى مع الآخرين ما يفيد بهذه المبررات، ولقد ظلت المجلات منذ ان تم حل الهيئة القومية للثقافة والفنون في حالة غربة تبحث عن ملاذ لها - وسط اهتمام بجوانب اخرى تنحو نحو الاحتفاليات التي لم تفلح في ترسيخ فهم عميق وجاد للثقافة.. ونأمل ان يلتفت المسؤولون عن الوزارة الى هذه المجلات (الخرطوم والثقافة السودانية).. فهما تمثلان وجها مشرقا لثقافة اهل السودان، ومرجعا لا غنى عنه للباحثين في الشأن الثقافي السوداني - والمجلتان في رحلة البحث عن ملاذ آمن، تستقران فيه، وتنتظمان في الصدور، وهذا اقل ما يجب اذا كانت الوزارة جديرة باسمها (الثقافة والاعلام)..