الناسور البولي من الامراض ذات البعد الانساني خاصة ان المريضات يبتن ضحايا العزلة والنفور من الازواج والاهل، وبرغم الجهد المقدر لمركز الدكتور ابو للناسور وسلس البول وجهود القائمين عليه في اعادة شريحة المريضات للمجتمع من خلال العمليات الجراحية، فقد ظل المركز بمثابة المأوي للمريضات خاصة انهن جميعا من الوافدات من الريف وبرغم ذلك فلا زال المركز برغم هذه الحيوية يفتقر للموارد المادية ومصادر التمويل ويعتمد علي الميزانية المصدقة له من ادارة مستشفي الخرطوم . الصحافة انتقلت الي المركز وجلست الي المريضات للوقوف علي صورة من المآسي وقبيل تقديم جانب من معاناة المريضات لابد من التعريف بالمرض واسباب الاصابة به. يقول الدكتور عبدالرحمن علي الطيب استشاري النساء والتوليد وجراح الناسور البولي وسلس البول بان هنالك ثلاثة انواع من مرض الناسور: الاول الناسور المهبلي المثاني وهو فتحة بين المهبل والمثانة وفي هذه الحالة يتسرب البول من المهبل بطريقة مستمرة، وهناك الناسور المهبلي المستقيم ويتمثل في وجود فتحة بين المهبل المستقيم وفي حالته يتسرب البراز من المستقيم للمهبل باستمرار دون تحكم، والنوع الاخير هو الناسورالمثاني الرحمي وفيه توجد فتحة بين المثانة والرحم ويتسرب فيها البول داخل الرحم وتتسرب الدورة الشهرية الي المثانة فيخرج البول مختلطا بالدم ، ولا توجد حدود جغرافية للمرض اذ يرتبط بالفقر والجهل وغياب المؤسسات الصحية ما يجعل المرض منتشرا في الاطراف النائية مثل كردفان ودارفور وشرق السودان وبعض مناطق الوسط. وحذر دكتور عبدالرحمن من ظاهرة الزواج المبكر خاصة في المناطق النائية التي تفتقر للطرق مما يؤدي الي عدم اسعاف المريضات بالسرعة المطلوبة خاصة ان هنالك امكانية للعلاج في المراحل المبكرة من المرض. ومن اسباب الاصابة بالناسور عسر الولادة وما يترتب عليه من حدوث ضغط علي الاغشية الرقيقة علي المثانة تنجم عن ضغط رأس الطفل وعظام الحوض مما يؤدي الي عدم وصول الدم الي هذا الجزء من انسجة المثانة فتحدث حالة من التعفن ومن ثم موت هذه الانسجة، فتحدث الفتحة اضافة لاسباب اخري مثل اصابات الحوادث والتهابات البلهارسيا وقد يبرز المرض نتيجة الاصابات السرطانية مثل سرطان عنق الرحم او العلاج بالاشعة لحالات السرطان وقد تنتج الاصابة بالمرض اثناء العمليات الجراحية في الرحم، وهي حالات نادرة الحدوث . بالنسبة للعلاج فإن التدخل الجراحي هو العلاج الامثل وقد تطور الطب كثيرا وباتت نسبة العلاج مرتفعة نتيجة التقدم البحثي والتقني والتكنولوجي وفي السودان يعتبر مركز الدكتور ابو من اكبر المراكز علي مستوي القارة خاصة ان معدلات الاصابة عالية مقارنة بدول الاقليم .واكد الدكتور عبدالرحمن علي، ضرورة العمل في كافة المحاور الاساسية لاستئصال المرض بدءا بالوقاية والتوعية وتوفير العلاج وتأهيل المريضات، وتعتبر الدولة المسؤولة عن الوقاية من خلال توفير المراكز الصحية بالريف وبث الوعي الصحي . المريضة فاطمة محمد تحدثت عن قصتها وسط الدموع التي غالبتها كثيرا فقالت ( لم اعد استطع المشاركة في الحياة الاجتماعية واصبحت اعاني الوحدة ولم اعد راغبة في شئ. كنت احلم بالعيش السعيد بعد الزواج والانجاب فإذا بالحلم قد ذهب مع الريح فبعد ولادتي مباشرة احسست بالالام القاتلة ولم اعد استطيع المحافظة علي نظافتي وطهارتي ) وهنا تشير الصحافة الي ان فاطمة التي قدمت من ولاية سنار لم تتجاوز (17) عاما ما يعني انها كانت طفلة عندما تم زفافها وهي حاليا في انتظار العملية . دارالنعيم علي (25) عاما اصابها المرض قبل (7) سنوات ما يعني انها تزوجت قبل اكمال سن (17) عاما ، دارالنعيم التي وفدت للعلاج من النيل الابيض سبق لها ان خضعت لعمليتين حكت عن مأساتها قائلة ان زوجها قد طلقها وتزوج بأخرى، وتعاني من رفض المجتمع لها وفقدت الامل في العودة لحياتها الطبيعية ولولا ايمانها ووجود ابنها الوحيد المتواجد معها بالمستشفي لكانت قد تخلصت من حياتها - هكذا - قالتها وسط الدموع. الباحثة الاجتماعية حنان الجاك ابتدرت حديثها بنقد المجتمع قائلة ان طبيعته جاهلة بالثقافة الجنسية ما يؤدي لممارسات خاطئة لغياب الوعي المتكامل مطالبة بضرورة الارتقاء للنقاش الجاد بشفافية حتي لا تتعرض مريضات الناسور للوضع الراهن خاصة وقد كثرت اسباب المرض الناجم عن الزواج المبكر والفقر والختان والاغتصاب وعنف الممارسة. خلاصة ما خرجنا به ان هناك امكانية لمحاصرة المرض تتمثل في مناهضة الزواج المبكر والختان وتوفير الخدمات الصحية، اضافة لالتزام الدولة بمواجهة الفقر وتوفير التمويل اللازم لمركز الدكتور ابو حل مشكلة المريضات.