الخرطوم : تهاني عثمان : صورة زاهية رسمها تلاحم وتعاضد الشعب السوداني في الوقفة التي مثلت قمة التمازج الانساني والاجتماعي حينما ابانت الكوارث التي تعرضت لها البلاد من سيول وامطار الجوانب الانسانية في دواخل ابناء المجتمع وقتما هبوا زرافات ووحدانا الى نجدة اخوتهم في ارجاء المعمورة، وقبل ان تتحرك الجهات الرسمية والدولية كانت ايادي الخير تتسابق الى نجدة المعوزين وتنشلهم من الضيق والحاجة الى مرافئ الامان والكفاف. ولم يكن فاعلو الخير وقتها يحتاجون الى منظمات ينضوون تحتها او مؤسسات منظمة فالكل هب وفق ما يستطيع وبقدر ما يمكنه وتساندت بعض المنظمات لتقديم الدعم بصورة منظمة ولعل اكثر ما مثل صورة مشرفة ما قامت به مجموعة نفير التي ولدت ونبتت بفعل كوارث الامطار والسيول مما جعلنا نتفاءل خيرا واصبح لسان حال الكثيرين يقول شكرا للامطار، التي اكدت من خلال جهود نفير انه لا زال «ابو مروه في خير» . صور ينفطر لها الوجدان وتتقطع لها القلوب تلك التي تجسد ما آلت اليه حالتهم حينما وجدوا انفسهم بين ليلة وضحاها في سهول الطين لا جدران تستر عوراتهم ويقيهم ماء السماء او رطوبة وبرد المطر هذه هي الصورة التي كانت اكثر تأثيرا على دواخل خالد عثمان احد شباب الجامعات والذي قال في حديثه «للصحافة» ان الوضع المأساوي الذي اصاب اهالي تلك المناطق جعله يقف برفقة بعض اصدقائه في عمليات انقاذ الاطفال والنساء وقال دمعت عيناي وانا اري تلك المناظر بأم عيني والحيرة التي ارتسمت على وجوه المتضررين اثناء عمليات الانقاذ التي قمنا بها. وقال هاشم الطيب الخير : «انه وفي قمة حالات العوز تلك لم يكن احد ينتظر ان يحدثه احدهم او يدعوه الى المساهمة، فقد كانت المشاهد التي تعرضها شاشات التلفزيون وما تمت مبادلتها عبر صفحات الفيسبوك كفيلة بان تحرك دواخل كل فرد حتى يكون عضوا في تخفيف البلاء، وحتى من لم يستطع تقديم الدعم المادي وقف بنفسه يقدم الخدمة ويقف في توزيع المعونات للمحتاجين. ويحكي احد مواطني شرق النيل «للصحافة» قائلا : «قبيل ان يرفع المؤذن النداء للصلاة كانت احدى النساء قد اوقفت سيارتها وسط من جرفت السيول منازلهم لتقف بنفسها توزع عليهم ما يلزم من افطار الصائمين ولعل ابلغ ما يلفت الانتباه انها كانت تقدم طعامها مما يصنع في المنازل ولم تكتف بشراء الوجبات الجاهزة او تطبخ لهم من انواع الطعام البسيط من «عدس وفول» واضاف: «في وقت قدمت فيه لنا احدى المنظمات المعروفة وجبة الافطار عبارة عن عدس وطعمية وفول لم تكن تلك السيدة تنظر الينا باعتبار ان المنكوبين يأكلون كل ما يسد الرمق، واحسب انها طبخت لنا من قوت بيتها ومما يأكل منه ابناؤها. وفي صفحات الانترنت تداول الخبر عن مجموعة نفير التي افاضت لهم احدى المحسنات بمنحهم منزلها الكائن بالقرب من المركز الذي يديرون من خلاله نشاطهم في تجميع المأكولات والمشروبات والمأوى وما يحتاجه المتضررون، وقد منحتهم السيدة منزلها بعدما ضاقت مكاتبهم بمجموعة الشباب المتطوعين الذين يرغبون في الانضمام لتقديم الخدمات الانسانية. ويقول الطيب الخير ان اهالي الحي في احدى مناطق جنوبي الخرطوم قد اقدموا على جمع زكاة الفطر كفارات الافطار وبعض الملبوسات والمعينات وتقدموا بها الى اهالي شرق النيل وغرب امدرمان. وكما عودنا اهل الفن والابداع بوضع بصماتهم دائما في المجتمع كانوا حضورا في هذا الموقف حينما انبثقت مجموعة نفير المسرحيين التي بدأت ببعض الافراد المسرحيين وخرجت منها نفير المبدعين نفير، حيث قال الاستاذ المخرج ربيع يوسف في حديثه «للصحافة»: بان المبادرة تكونت على غرار تلك التكوينات العفوية التي تمت في الفترة الاخيرة وان نفير المبدعين نفير هي في الاساس مبادة التف حولها الفنانون المبدعون من ضروب الفن كافة من تشكيل ومسرح غناء وشعر وهي مبادرة في الاساس قامت لدعم المبادرة الاساسية لمبادرة نفير وللتعريف بمجموعة نفير ومجموعاتهم من خلال تنظيم ليال ثقافية وفنية وأهم ما فيها انها تبلورت بشكل تقليدي بدأت بمجموعات فردية تصعدت لصفحة بيت المسرحيين في الفيس بوك وانضم اليها التشكليون والشعراء وهي لا تعبر عن جهة سياسية بل تستهدف دعم المتضررين من كوارث الخريف وتدعم جماعة نفير من خلال تسليمها المبالغ المالية التي تجمع من هذه الانشطة لتقدم بها مجموعة نفير الدعم للمتضررين. ويضيف ربيع يوسف بدأنا باعمال مسرحية قصيرة تم تقديمها في مناطق الضرر تشمل تنويرا بالاخطار الصحية والفنية الناتجة عن الكهرباء ونسعى الى توسيع دائرة نفير واكتساب كل دوائر المجتمع من المبدعين والاندية الثقافية والروابط الوطنية والافراد النشطين وستشهد الايام القادمة حفلات ضخمة وليال وعروضا جماهيرية لصالح مجموعة نفير. وفي جانب آخر نجد بان بعض الموظفين في القطاع العام والخاص قد اقدموا على التبرع براتب يوم ويومين لصالح دعم مواطني المناطق المنكوبة، وما نستطيع الجزم به ان ما قام به المواطنون بمنظوماتهم كافة جسد اسمى معانى الانسانية التي قلما نوصفها بتلك المقولة التي نطقت بها احدي صديقاتي عند سؤالي لها عن العيد حينما قالت: «بان العيد كان سيكون طيبا لولا المصيبة التي تعرض لها المواطنون جراء السيول وكان نصيبهم ان يستقبلوا العيد في العراء».