الخيال والتخيل مساحة خصيبة بالعقل الباطن تستطيع من خلالها ان تقدل على شواطئ الكاريبى وجزر الهاواى وارتقاء حدائق بابل المعلقة وسور الصين العظيم وان تمشى على سطح الماء وانت مستلقى على فراشك فى الواق الواق .. فى بعض الاحيان يكون ذلك الخيال حالة ايجابية اعظم المخترعات التى غيرت حياة البشرية ولدت فى رحم خيال العلماء والعباقرة الخصيب ثم تحولت من صورة وهمية رمادية اللون الى حقيقة ساطعة تخلب الالباب وتشغل الناس وترى بالعين المجردة. والخيال ايضا قد يكون حالة مرضية سيكلوجية تقود صاحبها الى خلف اسوار المصحات العقلية وفى كل الاحوال يظل خيالك كظلك يلاحقك كل الوقت وانت بالمكتب وفى الشارع والبيت، ويستطيع الفنان ان يرسم لك ملامح صورة ما تعشعش فى ذاكرتك كل الوقت وبالطبع ليس هناك اخصب من خيال الشعراء فخيال الشعر يرتاد الثريا كما جسد ذلك الحسين الحسن فى قصيدته. والجمال فى الخيال لاحدود له وهواقرب الى الكمال المطلق واجمل من كل حسن الواقع الذى تراه بام عينك وفى الغناء السودانى بصورة عامة والحقيبة على وجه الخصوص نماذج مختلفة لحسناوات كن مصدر الهام شعرى تبلور الى قصائد ذاعت وانتشرت منها ظبية المسالمة وبدورالقلعة وغزال المسالمة، وكل من يسمع تلك الاغنيات لابد أن ترتسم فى ذهنه صورة تخيلية لامرأة من لحم ودم . قبل ايام وبالصدفة اطلعت على حوار قصير باحد الصحف مع واحدة من اشهر الجميلات اللائى كتب فيهن الشعر والذى ادهشنى ان صورتها كانت عادية بفعل الزمن لحظتها هوت تلك الصورة الوهمية التى كنت ارسمها على جدران ذاكرتى الى الابد كلما سمعت ذلك اللحن. والخيال عنصر اساسى فى اكتمال الصورة التى ينقلها اثير الاذاعة والبعض يرسم لمذيعى الاذاعة صورة مختلفة من واقع الصوت ولازلت اذكر ان احدهم كان شديد الاعجاب بمذيعة مشهورة تتميز بصوت مؤثر ادمن الاستماع له ورسم لها وجهاً وكياناً وعينين وذات يوم دفعه فضوله لرؤية مذيعته المحبوبة وكانت الصدمة ان المذيعة عادية جدا وبالطبع تمنى صاحبنا لو انه احتفظ بالصورة المثالية التى كانت فى خياله. عفوا هذه الحروف ليست دعوة الى عدم التخيل والهروب الى عوالم الوهم الجميل لاننا بحاجة لذلك لبعض الوقت بان تغمض عين على الخيال وتفتح الاخرى على حقيقة الأشياء. [email protected]