حوار : اشراقة الحلو : يواجه القطاع الزراعي كثيرا من التحديات التي شكلت عقبات حقيقية امام تطوره ومساهمته بصورة فاعلة في الاقتصاد القومي باعتباره الركيزة الاساسية للنهضة الاقتصادية لكنه عاجز عن تحقيق الدور المناط به ويقف في طور التقليدية، كما ان الموسم الزراعي الحالي واجه تحديات حقيقية بداية بتأخر هطول الامطار والمشاكل التقليدية التي تواجه الموسم سنويا، وللوقوف على ما تم في هذا القطاع بغرض النهوض به تحدثنا مع نائب رئيس اتحاد مزارعي السودان غريق كمبال فاخذت افاداته هذا المنحى: واجه الموسم الزراعي في بداياته العديد من العقبات خاصة تأخر هطول الامطار الآن كيف يسير الموسم ؟ هذه العام رغم التأخر الكبير في هطول الامطار الا ان المزارعين استطاعوا ان يؤسسوا للزراعة المطرية بشكل جيد والمساحات التي تمت زراعتها كبيرة تفوق 40 مليون فدان والانبات جيد، حتى الآن لا توجد آفات الا ان المزارعين يشتكون من قلة المبيدات وارتفاع اسعارها وتعتبر هذه اشكالية كبرى لان المبيد واحد من المدخلات الاساسية بالنسبة للكديب. ولكن في رأيي ان وزارة الزراعة الاتحادية بذلت جهودا في حل ازمة المبيدات حيث ادارت الازمة بشكل جيد بالاضافة الى بعض التسهيلات للمزارعين للحصول عليه في الوقت المناسب وهذا الامر ظهر جليا في ولاية القضارف باعتبارها واحدة من الولايات الكبرى في مجال الزراعة وتستخدم نسبة عالية من المبيدات الحشائشية تصل الى اكثر من 60% باعتبار ان حاجتها ومساحتها المزروعة اكبر. ومن المتوقع ان تكون هناك انتاجية جيدة في بعض المحاصيل خاصة الذرة ولكن من المتوقع ان تقل الانتاجية في محاصيل الحبوب الزيتية والدخن بسبب تأخر هطول الامطار. اما فيما يتعلق بالتمويل فالبنك الزراعي استطاع توفير التمويل للكديب بشكل مريح في كل الفروع كما استطاع البنك تجاوز مسألة ربط التمويل بالتأمين، والان المزارعون يحصلون على التمويل بشكل طبيعي دون عوائق كما ان حجم التمويل يتفاوت من ولاية لاخرى ولكن اقول انه في هذا العام نسبته اعلى من الاعوام السابقة خاصة من قبل البنك الزراعي. ماذا عن صادرات الحبوب خاصة الزيتية التي تشهد تراجعا؟ صادرات الحبوب الزيتية تمثل واحدة من اهم المنتجات النقدية بالنسبة للمزارع خاصة السمسم والفول وزهرة الشمس، في هذا الموسم تشهد ضعفا في التوسع فيها ما خلق اشكالية في صادراتها في الموسم المقبل علما ان المساحات المزروعة في القطاع المطري تأثرت كثيرا بسبب تأخر هطول الامطار خاصة في محصولي السمسم والفول ونأمل ان تستمر الامطار لتحقق الكميات التي تمت زراعتها انتاجية عالية تسهم في سد الفجوة اما عن الذرة فنتوقع ان تكون الانتاجية عالية باعتبار ان المحصول زرع بكثافة كبيرة ونتوقع ان يكفي الانتاج الحاجة المحلية ويحقق فائضا في الصادر. وماذا حول صادرات الصمغ العربي في ظل فك الاحتكار؟ هذا المنتج الاقتصادي المهم تم اغتياله بواسطة سياسات الدولة المتبعة فبعد رفع الامتياز عن شركة الصمغ العربي ظل المحصول في تدنٍ مريع في الانتاجية وفي انخفاض عائداته من الصادر في جميع الاعوام الخمسة الماضية كما ان مجلس الصمغ العربي الذي اوكلت له مهمة الادارة والاشراف على هذه السلعة المهمة ليس له دور اساسي في تطوير هذا المنتج بل ساهم في كثير من الاحيان في عكس صورة غير واقعية عنه مثلا حديثه في تقارير مختلفة ومتتالية عن الزيادة في حجم الانتاج وهذا يجافي الواقع الذي يؤكد ان انتاجية الصمغ العربي ظلت في تدنٍ مضطرد في كل عام عن العام الذي يسبقه تدنت الانتاجية من حوالي 4050 الف طن في السنة الى ان وصل الانتاج الآن لحوالى 30 الف طن كما ان الاسعار ظلت متأرجحة ومتروكة للدورة الطبيعية التي ظلت تسيطر على تجارة الصمغ العربي العالمية منذ ان عرف السودان التجارة في هذه السلعة ونتيجة لعامل الندرة ارتفعت الاسعار بعد عقد من الزمن ارتفاعا كبيرا نتيجة للطلب العالمي وقد حدث ذلك في عام 1994 ثم 2004 والآن في 2013 بدأت هذه الدورة، الارتفاع العالمي ليس له علاقة بمجلس الصمغ العربي وهو شيء طبيعي ظلت الشركات العالمية المحتكرة لهذه السلعة تلعب هذا الدور. ونتوقع ان يتضاعف الانتاج في هذا الموسم الى اكثر من 50 الف طن نتيجة لارتفاع السعر العالمي علما بان هذا المنتج لا يجد رعاية من الدولة في مجال التمويل والخدمات وكل الذي يبذل في هذا المجال يأتي في اطار جمعيات الاصماغ التي قلنا رأينا فيها مرارا باعتبار انها لا تمثل المنتجين الحقيقيين وهذا الامر ثابت بالتجربة فهذه الجمعيات جمعيات فوقية لقيادات وليس لمنتجي الصمغ العربي علما بان هناك اعدادا من اتحادات المنتجين منتشرة في كل لايات السودان، كما ان الاضطرابات الامنية التي ضربت اقليم دارفور اثرت كثيرا في انتاج الصمغ العربي وكذلك في كردفان والنيل الازرق. يشهد محصول القطن تدنيا مريعا في الانتاج وإحجاما من المزارعين عن زراعته ماذا تقول حول ذلك؟ القطن يمتاز بدورته الزراعية الطويلة وهو من المحاصيل المرهقة للمزارع فضلا عن انه يتطلب عمليات فلاحية كبيرة ومكلفة و عمليات حصاده خاصة بعد ظهور التعدين التقليدي اصبحت متعبة لذا لابد من دخول الآلة في جميع العمليات الفلاحية وعلى الرغم من انه يشكل اهمية اقتصادية كبرى للمزارع لكنه لا يستطيع زراعته الا بعد توفير ضمانات قوية للتسويق و دخول الآلة في الحصاد مع الاخذ في الاعتبار الكلفة العالية لحاصدات القطن التي تعتبر اعلى بكثير من مقدرات المزارع لذا على الدولة التدخل ورعايته بصورة مباشرة حتى يتم توطينه بشكل جيد مع العلم ان الانتاج الارخص للقطن في القطاع المطري ولكن زراعته انحسرت في هذا القطاع في بعض الولايات التي وفرت فيها وزارة الزراعة خدمات لحصاده خاصة ولايات القضارف والنيل الازرق وجيوب من ولاية سنار وفي هذا الموسم لا توجد زراعة للقطن المطري البتة في ولاية جنوب كردفان على الرغم من انها ذات كثافة زراعية تقليدية لهذا المحصول وتمتلك البنيات التحتية الا اننا حكومة ومزارعين فشلنا في توطين القطن المطري واقناع المنتجين بجدوى زراعته. يجد قانون مشروع الجزيرة كثيرا من الجدل رفضا وقبولا ما رؤيتكم حول هذا الامر؟ قانون مشروع الجزيرة واحد من الوثائق المهمة التي اصدرتها الدولة في الفترة الاخيرة لاصلاح حال المشروع ولبناء فهم جديد لعلاقات الانتاج بين مكونات المشروع مزارعين وحكومة وملاكاً وقد بدأ تطبيق القانون بصورة قوية الا ان تراجع الحكومة وعدم التزامها بمتطلبات القانون ساهم بشكل كبير في تشويه تطبيقه وانا على يقين بان كل المزارعين والمنتجين وجدوا تطورا كبيرا في هذا القانون لاصلاح حال الزراعة في مشروع الجزيرة لكن التراجع الذي تم هو ما شكل هذا الوضع الشائه في تطبيقه واذا ارادت الدولة ان تصلح حال مشروع الجزيرة فعليها الالتزم الصارم بمقررات القانون خاصة صيانة مرافق الري وحل قضية والملاك وايلولة الادارة للمنتجين. هناك رغبة من المستثمرين في الاونة الاخيرة للاستثمار في القطاع الزراعي لكن هناك كثيرا من العقبات حدثنا في هذا الاطار؟ في الاونة الاخيرة انشأت الدولة مستشارية استثمارية وهي بحجم وزارة اتحادية واوكلت هذه المهمة لقيادات لها وزنها وعلاقاتها الخارجية الممتازة وكنا نأمل ان تسهم هذه الادارة في جلب رؤوس الاموال العربية للاستثمار في القطاع الزراعي الذي يعاني من ضعف في هذا المجال كما ان القوانين المرتبطة بالاستثمار الزراعي تتطلب اعادة صياغة بشكل جوهري خاصة في هذه المرحلة التي تتطلب مرونة ومحفزات كبرى فلا زالت الاستثمارات خجولة في المناطق المحيطة بولاية الخرطوموالولايات القريبة من الخدمات.