الخرطوم: محمد صديق أحمد: ظل ملف النفط يشكل هاجسا للحكومة بل الشعب السوداني قاطبة منذ إعلان انفصال الجنوب لجهة تأثير النفط غير المنكور في رفد الخزينة العامة بموارد النقد الأجنبي بنسبة تجاوزت 90% من عائدات الميزان التجاري الخارجي حتى أنه ظل المكون الأول للموزانة العامة في ظل تراجع مساهمة القطاعات الإنتاجية الأخرى، وظل ملف النفط خميرة عكننة لأمن واقتصاد البلدين حتى أمس الأول حيث غيرت مخرجات زيارة رئيس جمهورية جنوب السودان إلى الخرطوم تفاصيل وضع النفط وما شاكله من القضايا العاقلة بين الخرطوم وجوبا بالاتفاق على تسويتها جميعا والالتزام والاتفاق على تبادل المنافع الاقتصادية بناءً على جوار آمن يعمل على انسياب المنافع بما يحقق الرفاه لشعبي البلدين عبر فتح الحدود بين البلدين الذي يتوق للتمتع به الشعبان الشقيقان . فقد ظل الكل يتابع بشغف وترقب حذر مخرجات البشير سلفا أمس الأول التي جاءت عقب جملة من التقلبات والأحداث في الخرطوم وجوبا مهدت لأن يكون الاجتماع مثمرا وباعثا على وضع حد لكثير من المتاعب بوضع النقاط على حروف علاتها ويأتي في مقدمة الأولويات القائمة على ضمان استمرار التبادل الاقتصادي والتجاري والمنافع عامة بين البلدين استمرار تدفق نفط الجنوب عبر أنابيب الخرطوم وتصديره عبر ميناء بورتسودان الأمر الذي بحسب خبراء سيقود إلى المساهمة بصورة واضحة في استقرار اقتصاد البلدين فالاتفاق على استمرا تدفق نفط الجنوب عبر شرايين وأوردة أنابيب الشمال يعد بكل المقاييس خطوة تمضي قدما على صعيد تحقيق الاستقرار في الدولتين وإن شملته محدودية على صعيد تدفق العملات الحرة، وبالتالي زيادة المعروض منها نسبة لإسراع كل من حاول اتخاذ الدولار مخزنا للعملة المحلية في الفترة السابقة للتخلص منه خشية هبوط قيمته وتراجع سعر صرفه عقب ضمان تدفق النفط عبر الشمال الذي سيجر إلى خفض سعر صرف الدولار إلى ما كان عليه قبل الأزمة الأخيرة في حدود 4 جنيهات جراء زيادة الكتلة النقدية الأجنبية من واقع عائدات النفط التي يتم الحصول عليها نظير النقل والمعالجة والتصدير التي قبض البنك المركزي جزءا مقدرا منها من البنك المركزي بجوبا، ويتوقع أن تكتنز خزينة السودان بما يتراوح بين ملياري دولار سنويا على أقل تقدير، وأن هذا المبلغ من شأنه المساعدة كثيرا على صعيد التدفقات النقدية ومن ثم زيادة الاحتياط من النقد الأجنبي الذي يقود بدوره إلى تحسن سعر صرف العملة المحلية الأمر الذي يمكن المركزي من ضخ المزيد من العملات الأجنبية لمقابلة الطلب عليها والأمر الذي لا يفوت على ذي بال أن استقرار سعر الصرف يؤدي بداهة إلى تراجع التضخم إلى معدلات معقولة ومن ثم انعكاس ظلاله ونتائجه على أسعار السلع والخدمات سواء أخذ السودان مقابل تكلفة ترحيل ومعالجة وتصدير نفط الجنوب نقدا أو عينا، لجهة أنه في الحالين النتيجة واحدة وهي الاستقرار وتحسن سعر الصرف وتراجع معدلات التضخم . ويتوقع مختصون أن تشهد الأحوال الاقتصادية تحسنا ملحوظا بالدولتين حال الالتزام بمخرجات لقاء البشير سلفا الأخير وحدوث اختراقات ملموسة على كل الصعد الأمنية والاقتصادية وأن الطريق للشركات العاملة في حقل النفط لمزاولة نشاطها في أمن وطمأنينة وبالتالي زيادة فرص الإنتاج النفطي لاسيما بالمناطق التي كانت تثخنها النزاعات الحدودية بين الخروم وجوبا، غير أن أكثر ما يجب على الحكومة والقائمين على أمر وزارة المالية الاتعاظ من تجربة الإنتاج السابقة والاتجاه إلى تسخير النفط وعائداته للنهوض بالقطاعات الإنتاجية غير النفطية حتى تتسنى لها المساهمة الفاعلة في الناتج الإجمالي المحلي والابتعاد من الوقوع في براثن المرض الهولندي الذي من أكبر أعراضه الاعتماد على مورد النفط وإهمال ما سواه، لاسيما أن السودان غني بموارده الطبيعية والبشرية فقط يحتاج من يأخذ بيدها ويسخرها للاستفادة منها، علاوة على أن السودان ظل وما زال محط أنظار كثير من المستثمرين الأجانب، غير أن عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي حرمه من مقدم استثماراتهم الأمر الذي يحتم بضرروة العمل على طي كافة الملفات العالقة بين الشمال والجنوب والتوصل إلى استقرار كامل في شتى المناحي .