الدمازين: مكي ماهل : تاريخ المدن في السودان يوضح أن هناك الكثير منها كانت قري ثم تحولت بداعي التمدد العمراني والزيادة السكانية الى مناطق ثم مدن، والقليل منها شهدت منذ ميلادها مظاهر المدينة القائمة على التخطيط والتنظيم، وحاضرة النيل الأزرق نشأت مدينة عصرية بالتزامن مع عمليات تشييد خزان الروصيرص قبل خمسة عقود، حيث شيدت في اجزائها الشرقية المطلة على النيل منازل الموظفين والعاملين بالخزان، وتبعتها ثكنات القوات النظامية، ولكن ولغياب مفردة التطور ومنهج التخطيط تحولت الدمازين وبعد مرور هذه العقود الى قرية في خدماتها، خاصة تلك المتعلقة بمواجهة آثار الخريف الذي يهطل بغزارة في هذا الجزء من البلاد. ويجمل المواطن حسن أحمد المشهد بمدينة الدمازين عقب هطول أمطار غزيرة، مشبهاً المدينة بالبندقية الايطالية، وقال إن الدمازين تحولت الى جزر متباعدة بسبب الامطار، مؤكداً أن الواقع كشف بجلاء غياب التخطيط وعدم الاهتمام بتشييد مجارٍ لتصريف المياه، دامغاً سلطات المحلية بالعجز في التعامل مع الخريف الذي قال انه اوضح افتقار المدينة لكل شيء. ومن يتجول في أحياء الدمازين هذه الأيام يجد أن مياه الأمطار حولت الكثير من الميادين والساحات الي برك وبحيرات صغيرة، ولم تستطع المصارف على قلتها تصريف المياه، بل حتى المنازل والمرافق الحكومية والأسواق تفيض ساحاتها وجنباتها بالمياه الغزيرة، ليكون نتاج ذلك كما أشار المواطن آدم سعد توالد الذباب والبعوض، وذات الوضع ينذر بالخطر، فالذباب تكاثر بأعداد كبيرة وهذا يعني أن امراضاً كثيرة ستظهر خلال الأيام القادمة، اما البعوض فهو قد أقلق مضاجع المواطنين وحال بينهم وبين النوم المستقر، ورغم انتشار الذباب والبعوض نهاراً وليلا الا اننا لم نلحظ مكافحة جادة ومكثفة من جانب السلطات الصحية. أما سوق المدينة الرئيس فيشهد تردياً في البيئة وذلك بسبب ركود المياه التي لم تجد مصارف تذهب بها بعيداً عن ساحات السوق، بسبب التشييد غير المنظم للمحال التجارية والاستثمارية التي صادقت بها حكومة المحلية، كما يشير الى ذلك تاجر رفض ذكر اسمه، حيث صب جام غضبه على المحلية التي قال إن كل همها ينحصر في جمع أكبر قدر من الموارد المالية عن طريق الرسوم والضرائب وبيع الأراضي، لافتاً الى انه ليس من المنطق أن يكون سوق مدينة كبيرة مثل الدمازين بلا مصارف وان يتم تشييد متاجر في مواقع المصارف، كاشفاً عن اختلاط مياه الأمطار بمياه الصرف الصحي التي طفحت وتسببت في انتشار روائح كريهة ونتنة جعلت بعض التجار يغلقون محالهم حتى تجف المياه.