خلفت الأمطار الغزيرة التى شهدتها الولاية خلال الأسبوعين الماضيين الكثير من المياه الراكدة وسط الأحياء والأسواق، خاصة فى الميادين والساحات التى تتوسط البيوت، وهذا الوضع أوجد بيئة مناسبة لتوالد أنواع عديدة من الحشرات التى ينقل بعضها أمراضا فتاكة مثل التايفود والملاريا وبعض الأمراض الجلدية والإسهالات، وغيرها من الأمراض التى ترتبط بفصل الخريف، حيث تردت البيئة بصورة غير مسبوقة. وقد سبب ذلك إزعاجاً كبيراً للمواطنين الذين شكو من غزو حشرتى الذباب والبعوض، حيث تكاثرا بصورة غير مألوفة، فأصبح المواطنون يعانون نهاراً من تراكم الذباب فى كل مكان من المنزل، وفى الليل يحرمون من النوم بسبب لسعات البعوض. وانتقد معظم المواطنين الجهات الصحية بسبب نوعية المبيدات التى تستخدم فى مكافحة الذباب والبعوض، حيث ذكروا أنها ذات مفعول ضعيف، وفى بعض الأحيان بدلاً من أن تقتل الحشرات تؤدى إلى تهييجها وتصبح أكثر ضراوة. وبعض المواطنين حملوا المحليات تبعات معاناتهم مع البعوض والذباب، حيث تعالت شكاوى المواطنين من انتشار الذباب والبعوض، ومن بين هؤلاء آمنة السيد التى أشارت أثناء حديثها ل «الصحافة» إلى أن سوء تصريف مياه الأمطار بمنطقة دار السلام بشرق النيل أدى لتراكمها فى الميادين وشوارع الأحياء، وقال إن ذلك وفر بيئة خصبة للذباب والباعوض لكى يتوالد بصورة كبيرة، ماضية الى ان المياه المحيطة بمنازلهم تكاثر فيها البعوض بصورة مروعة وتسبب في اصابة الكثير منهم بالملاريا، علاوة على انبعاث الروائح النتنة منها جراء عدم رشها وردمها حتى الآن. وأضافت أنهم يتوقعون المزيد من الاصابات بالملاريا اذا لم يُتدارك الموقف على عجل، وطالبت آمنة الجهات المسؤولة بتلافي الموقف قبل فوات الأوان بتوزيع الناموسيات ورش المياه الراكدة، مشيرة الى ان البعوض يهاجمهم بعد صلاة المغرب وحتى الصباح. ومن جانبه يقول أحمد حامد محمد إن هنالك كميات كبيرة من الذباب، وقد اسهم غياب اعمال الرش الدوري في انتشار الذباب والبعوض بالمدينة، منتقدا اداء المحلية التي وصفها بأنها تحتاج لاعادة تنظيم حتى تتمكن من القيام بتقديم الخدمات التي ينشدها المواطن في مجال صحة البيئة. والصورة في منطقة الكلاكلة والحاج يوسف ترسمها الحاجة روضة عوض قائلة: إن النفايات باتت تشكل مشكلة حقيقية للمواطنين بسبب عدم التزام عمال النظافة بالمواظبة على حملها من شوارع الاحياء، مما ادى الى تكدسها وانبعاث الروائح الكريهة التى تطارد الناس حتى في منازلهم وانتشار الذباب بصورة مخيفة. ومضت روضة الى ان طائرات الرش تنشط في هذه الايام منذ الصباح الباكر مسببة الازعاج دون أية جدوى من ذلك الرش فالذباب كما هو. كما اجتاح الذباب موقف كركر بصورة كبيرة انزعج منها الركاب، حيث كانت الرائحة الكريهة الصادرة عن المياه الراكدة، وجيوش الذباب تغطى الفواكه والخضروات المفروشة على الارض وتزعج المارة بكثرة تحريك ايديهم لابعادها، وكانت الحاجة آمنة التى تجلس عند مدخل الموقف تجسد المعاناة وتضع ثوبها على انفها من بيئة السوق، لتبدأ حديثها قائلة: «كيف لا ينتشر الذباب والنفايات مكدسة في كل مكان، وهناك بقايا الفواكه المخلوطة التى يرميها اصحاب الكفتريات وسط الموقف، والأمر الذى زاد الوضع سوءاً تراكم مياه الأمطار لأن السوق يفتقر لمصارف المياه مما يجعلها تحتقن حتى تتعفن، ولولا الظروف الصعبة لما تحملت هذه البيئة الطاردة»، مؤكدة أن الولاية تفتقر الى النظافة اليومية. الكثير من المراقبين حذروا السلطات الصحية بالمحليات من الكوارث البيئية التى يمكن أن تحدث فى الفترة المقبلة، كما ذكروا أن الخريف مازال فى بداياته، وأن شهر سبتمبر يعتبر قمة الخريف، ويتوقع أن تشهد الولاية أمطاراً أكثر من التى هطلت حتى الآن، وطالبوا بالتحرك السريع وبالصورة المناسبة، وإلا فإن الولاية مواجهة بكارثة بيئية حقيقية وأمراض فتاكة ووبائيات قد تصبح خارج السيطرة.