تقرير : إبراهيم عربي: تباين المواقف حول استفتاء أبيي فى إكتوبر ، مابين المواقف السودانية الأميركية من جهة وإختلاف وجهات النظر بين السودان وجنوب السودان من جهة أخرى ، قبل أن تتباعد المواقف وتزداد شقة الخلاف طبقا للبيان الأخير المشترك لدول الترويكا «أميركا ، بريطانيا ، النرويج» ، التى أكدت دعمها لمقترح أمبيكى ، حاثة الأطراف المعنية لتخطو خطوات محسوسة لإجراء استفتاء آمن وشفاف فى أبيى فى موعده إكتوبر المقبل، هذه المواقف التى جاءت تتطابق مع تصريحات المبعوث الخاص للرئيس أوباما لدولتى السودان وجنوب السودان دونالد بوث حينما وصف قضية أبيي ب«الشائكة»، وقال ان مهمته مساعدة الدولتين للتوصل لحلحلة القضايا العالقة ومن بينها قضية أبيى المتنازع عليها بين السودان وجنوب السودان. من الواضح أن تصريحات المبعوث الأميركى دونالد بوث تلك التى زاد عليها قائلا إنه جاء لتقييم وتفهُّم وضع قبيلة المسيرية السودانية ووجهة نظرهم بشأن قضية البلدة علاوة على موقف الحكومة من ذات القضية، قد استفزت الحكومة السودانية رغم ما أبدته فى بادئ الأمر من ترحيب بالمبعوث الأمريكى وعلى مختلف المستويات السودانية بالحزب الحاكم والمعارضة واللجنة الإشرافية لأبيى، وذهب سياسيون فى حديثهم «للصحافة» إلى أن مهمة بوث تشتم منها رائحة الغدر والخيانة، وستعقد قضية أبيى من جديد وتزيدها إشتعالا. جاء رد الحكومة على تصريحات المبعوث باكرا ،فقال وزير الخارجية علي كرتي قبيل مغادرته السودان قائلا بان الخرطوم لن تقبل تدخل المبعوث الاميركي دونالد بوث الا في اطار تحسين العلاقات بين السودان وجنوب السودان ،ولكنه عاد قائلا ان اميركا غير مؤهلة لاي حديث عن السودان ، بينما أوضح وكيل الخارجية السودانية السفير رحمة الله عثمان ، فى تصريحات صحفية رداً على مذكرة للمبعوث قائلا أنَّ كلّاً من السودان وجنوب السودان قد أحرزا تقدماً كبيراً في التعامل مع القضايا العالقة، وأنَّ الآليّات المتفق عليها في حلِّ بقية القضايا بما يشمل التواصل المباشر بين رئيسي البلدين قد قطعت شوطا متقدما، وهذا ما أكده رئيس دولة جنوب السودان بنفسه عقب اللقاء قائلا بالخرطوم أن «قضية أبيي لن تكون عائقاً امام البلدين»، ولكنه أكد فى الوقت ذاته أن جوبا قبلت مقترحات الاتحاد الافريقي وتنتظر موافقة الخرطوم على تلك المقترحات فى إشارة منه إلى إستحالة قيام إستفتاء أبيى من طرف واحد. إلأن أن أستاذ العلاقات الدولية الدكتور عبد الرحمن أبوخريس يعتقد بأن موقف سلفاكير قد تراجع مابين الخرطوموجوبا، حينما أكد القيادى بالحركة الشعبية بدولة جنوب السودان دينق ألور أحد أبناء أبيى المتشددين أن حكومته شكلت لجنة عليا للإشراف على الاستفتاء فى أبيى برئاسته ،وقال ان موقف جنوب السودان الثابت قيام الاستفتاء فى اكتوبر المقبل «إن قبلت الخرطوم ام لم تقبل» حسب تعبيره، ولكنه عاد قائلا الافضل لنا قبول الخرطوم باجرائه ، من جانبه إتهم أبوخريس المبعوث الأميركى من جهة ودول الترويكا من جهة أخرى بإنحيازها الواضح لموقف المتشددين فى دولة جنوب السودان فى إشارة منه لأبناء أبيى ، وأضاف قائلا أن السودان أحبط فى تعامله مع المبعوثين السابقين الخاصّين، ما يثير التساؤل حول جدوى اعتماد المبعوثين وسيلةً لإدارة علاقات السودان والولايات المتحدة ، مؤكدا أن مخرجات لقاء القمة الأخير بين البشير وسلفاكير تؤكد بأن الرئيسين قد تجاوزا مرحلة دخول طرف ثالث للتوسط بينهما لحلحلة قضايا السودان وجنوب السودان . وكيل الخارجية السودانية استغرب لما وصفه بمساعٍ لتضخيم قضية أبيي من قبل المبعوث الأميركى والسعي إلى فرض ضغوط بشأنها، موضحا بإن حكومة السودان تنتظر من المبعوث الجديد ان يقدم رؤية متكاملة حول مهمته وما تتضمنه من طرح جديد يمكن أن يسهم فى دفع علاقات البلدين للأمام ،بينما رفض المؤتمر الوطنى من جانبه أي تدخُّلات للمبعوث الأميركى في قضية أبيي ،خارج الاتفاقات التي تمت بين دولتي السودان وجنوب السودان حول المنطقة ، مشيراً إلى وجود قنوات تُمكِّن الدولتين من التوصُّل لحل بشأنها دون الحاجة إلى وسيط ،وأوضح ياسر يوسف الناطق الرسمى باسم الحزب الحاكم أنَّ حزبه يرفض بصورة قاطعة إجراء استفتاء حول المنطقة من جانب واحد في أكتوبر المقبل ، إلا أن الوكيل عاد مؤكدا بأن تطوير العلاقات الثنائيّة مع جنوب السودان هدفٌ استراتيجيٌ للدولة، تسعى له دون النظر إلى الإملاءات أو الضغوط، التي تحاول بعض الجهات فرضها على السودان. رئيس اللجنة الإشرافية المشتركة لأبيى «أجوك» الخير الفهيم المكى من جانبه أكد أن الموقف السودانى بشأن قيام إستفتاء أبيى واضح ولن يرضخ لتلك الممارسات التى يحاول المبعوث الأميركى ودول الترويكا ممارستها، فيما حذرت قيادات ورموز وأعيان قبيلة المسيرية من التلاعب بالنار ،وقالت أن أبيى دونها المهج والأرواح وهددت بإشعال المنطقة حربا، وقالت إنها تحمل دول الترويكا وعلى رأسها أميركا تبعات خطوة استفتاء أبيى فى إكتوبر ،أو أى إستفتاء لا يشمل قبيلة المسيرية ،بينما أبان الفهيم أن موقف السودان من مقترح الآلية الأفريقية الرفيعة حول إستفتاء أبيى فى اكتوبر مرفوض ولم توقع عليه الدولة السودانية ،عاد الفهيم قائلا «للصحافة» للاستفتاء آليات ومفوضية مشتركة توافق عليها الدولتان برئاسة الاتحاد الأفريقى ، وزاد الاستفتاء ذاته يجب أن يستند على الدستور السودانى لأن أبيى سودانية ! ولها بنود فى صلب الدستور ،ولذلك نؤكد ألا استفتاء لأبيى فى اكتوبر المقبل وإلا ستدخل المنطقة فى كارثة تتحمل وزرها الحكومة الأميركية. خبراء فى العلاقات الدولية فضلوا حجب اسمائهم يقولون فى حديثهم «للصحافة» إن الحكومة السودانية من جانبها تريد أن تفرض سيناريوهات تكتيكية على تحركات المبعوث الأميركى، وقالوا بأن للحكومة تخوفات وتريد بها حد تقييد حركة روث، رابطين مابين تصريحات المبعوث التى قال فيها بأن العلاقات الثنائية بين السودان وأميركا في مقدمة إجندتة ،ومطالبة الحكومة له بوضع رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب على قائمة اهتماماته ، وأنْ يقدِّم رؤية متكاملة حول مهمته وما تتضمنه من طرح جديد يمكن أنْ يُسهم في دفع علاقات البلدين للأمام. بينما يرى آخرون أن جوباوالخرطوم تواجههما ضغوط كثيفة من قبل قيادات أبيى بدعم من جماعة الخبراء المسماة ب«القابلات» الذين عملوا على ميلاد دولة الجنوب وهى ذاتها التى تعمل على تشكيل ضغط على حكومة أوباما عبر جماعات الضغط الأميركى ودول الترويكا لتحقيق أكبر مكاسب لدولة جنوب السودان ،فيما لم تسلم الخرطوم نفسها من ضغوط قبيلة المسيرية حسب الخبراء ، وخلص الخبراء إلى أن مايجرى بين السودان وتحالف الترويكا من جهة تكتيكات سياسية وخطة استراتيجية لصالح دولة جنوب السودان ، بينما ما يجرى بين السودان وجنوب السودان من جهة أخرى بشأن قضية أبيى تختلط فيها الإزدواجية مابين التكتيكات السياسية والخطة الاستراتيجية بين السودانين.