الخرطوم : الصحافة : فى بيان مشترك أعلنت الحكومة موافقتها رسميا انطلاق حملة التحصين المشتركة بينها والشركاء الثلاث الأممالمتحدة، الاتحاد الأفريقى ،جامعة الدول العربية بالمناطق المختلفة فى ولايتى جنوب كردفان والنيل الأزرق فى الخامس عشر من اكتوبر المقبل ولمدة اسبوعين ،وقع عليه المفوض العام للعون الإنسانى الدكتور سليمان عبد الحمن بصفته رئيس اللجنة الفنية للعون الإنسانى، ووقع كذلك وكيل وزارة الصحة الاتحادية عصام الدين محمد عبد الله وخاطبت الجهات الأمنية والمختصة لوقف العدائيات فى الفترة المذكورة لضمان استمرارية الحملة. فى البدء دعونا نستعرض تفاصيل الحملة التى كشف عنها فى تصريح خاص للصحافة المفوض العام للعون الإنسانى الدكتور سليمان عبد الرحمن سليمان رئيس اللجنة الفنية للعون الإنسانى مؤكدا موافقة الحكومة السودانية على تنفيذ تلك الحملة لتطعيم الأطفال كافة دون الخامسة بولايتى جنوب والنيل الأزرق بما فيها المناطق التى تسيطر عليها قوات الحركة الشعبية وفق المقترح المقدم من قبل الأممالمتحدة فى أديس أبابا فى آخر جلسة للمفاوضات التى انهارت نهاية أبريل الماضى، على أن تبدأ العملية منتصف اكتوبر المقبلوأكد سليمان أن الحكومة أصدرت بيانا صحفيا عقب إجتماع مشترك ضم إلى جانبها الأممالمتحدة والاتحاد الأفريقى وجامعة الدول العربية، وكشف سليمان أن جملة الأطفال المستهدفين دون سن الخامسة بولايتى جنوب كردفان والنيل الأزرق «160» ألف طفل وفق تقديرات وزارة الصحة السودانية بالتنسيق مع الصحة العالمية واليونسيف، مبينا أن خطة التنفيذ تبدأ منتصف اكتوبر المقبل ولمدة اسبوعين ،وفق الجداول الزمنية التى سيتم تسليمها للجهات العسكرية والأمنية المختصة لتصميم جدول وقف العدائيات أثناء فترة تنفيذ الحملة، والى جنوب كردفان آدم الفكى رحب من جانبه بحملة التطعيم قائلا فى حديثه «للصحافة» بأن الأطفال المعنيين هم مستقبل جنوب كردفان وتحت مسؤوليته. ولكن دعونا نتساءل أليست ذات الحملة قد وافقت عليها الحكومة من قبل؟ إذا ما هو الجديد؟ الحملة بذاتها وافقت عليها الحكومة من قبل فى الأسبوع الأول من مايو الماضى لتطعيم كل الأطفال فى ولايتى جنوب كردفان والنيل الأزرق ،ولكنها توقفت عند نقطتين الأولى رفض الحركة دخول أى من كوادر الحكومة لمناطق سيطرتها وتقول بإنها كوادر أمنية ،والثانى أن تتم عمليات جلب الأمصال من دول الجوار وليست من داخل الأراضى السودانية التى تقع تحت سيطرة الحكومة ،إلا أن الجديد فى الحملة كما أكدها الدكتور سليمان سيتم تنفيذها بواسطة كوادر سودانية مدربة موجودة فى المناطق المذكورة بعلم الفريق المشترك من الجهات ذات الصلة، ويقول خبراء فى الشأن ذاته إنها لا تستثني الكوادر المدنية المدربة بمناطق سيطرة الحركة نفسها وليست العسكرية منها ، ويؤكد المفوض العام أن الأمصال سيتم جلبها من داخل الاراضى السودانية وستتم العملية عبر الطرق البرية وليس الطيران . ظلت مشكلة تحصين الأطفال فى مناطق سيطرة قوات الحركة الشعبية التى تحارب القوات الحكومية فى ولايتى جنوب كردفان والنيل الأزرق منذ يونيو 2011 لإسقاط الحكومة فى الخرطوم، ظلت تراوح مكانها منذ أكثر من عامين بسبب التعنت والإختلافات السياسية بين الطرفين الحكومة والحركة، ولا يوجد تقويم دقيق للأوضاع الإنسانية فى تلك المناطق سيما أوضاع الأطفال كما لا توجد إحصاءات دقيقة لعدد الأطفال وتقدير إحتياجاتهم حسب مختصون فى المجال، إلا أن مفوض العون الإنسانى بجنوب كردفان هارون محمد عبدالله يقول فى حديثه للصحافة أن حكومة الولاية سهلت توصيل أمصال لتطعيم الأطفال فى محليات وجود قوات الحركة فى «هيبان ،أم دورين ،البرام» ومناطق جلد عبر اليونسيف ،ويشير هارون إلى تقرير لمسح ميداني نفذته الحكومة مع شركائها خلال العام 2012 عبر الجهات المختصة من مفوضية العون الإنساني الاتحادية بمشاركة وزارة الصحة الاتحادية وممثلين للمنظمات الدولية والشركاء من اليونسيف ،برنامج الغذاء العالمي، منظمة الأغذية العالمية، ومنظمات وطنية ضمنها الهلال الأحمر السوداني . وأكد هارون أن التقرير المشار إليه أعلاه غطى «12» محلية من جملة «19» ،منها «3» محليات لم يشملها المسح تقع تحت سيطرة قوات الحركة الشعبية كما مشارإليه أعلاه ،بجانب «4» محليات لم تتأثر بالأحداث ،وبناء عليه نفذ الشركاء حملة تحصين واسعة فى نوفمبر 2012 لتطعيم أكثر من «383» ألف طفل فى «21» محلية بالولاية لمدة ثلاثة أيام انطلقت من كادقلى ،إلا أن هارون عاد قائلا لاتوجد إحصائية دقيقة للأطفال دون سن الخامسة فى مناطق الحركة ولكن النسبة المعتمدة لدينا فى جنوب كردفان أن نسبة الأطفال دون «18» عاما 60% ودون سن الخامسة تتراوح مابين «10 11%» ، فيما تقدر الحكومة المواطنين الموجودين بمناطق سيطرة التمرد لا تتجاوز «50» ألف مواطن فى جنوب كردفان و«30» ألف فى النيل الأزرق بما فيهم الأطفال ،إلا أن تقارير أخرى غير رسمية من قبل الحركة الشعبية ومنظمات أجنبية تقول أن عدد المواطنين «150» فى جنوب كردفان و«50» ألف فى النيل الأزرق وتقول أن الأوضاع حرجة يعانى فيها الأطفال من سوء التغذية والوفيات فيما لم تعترف بها الحكومة ،فيما تكذب قيادات بالنيل الأزرق مزاعم الحركة وتقول بأن الولاية تشهد استقرارا صحيا وغذائيا. ولكن ماهية مستجدات الأحداث التى دعت لتعجيل تنفيذ الحملة؟ يقول الدكتور سليمان إن المستجدات الملحة ظهور بعض حالات شلل الأطفال فى بعض دول الجوار، بينما حذرت منظمة الصحة العالمية من إمكانية تسلل مرض شلل الأطفال إلى البلاد عقب ظهور ثماني حالات إصابة بالصومال، وحالتين بكينيا، وطالبت الحركات المسلحة بالسماح لفرق التطعيم بالوصول لكل الأطفال المستهدفين ، وأبدت المنظمة أسفها لعدم تمكن فرق التحصين من الوصول للأطفال في بعض مناطق النزاعات بجنوب كردفان والنيل الأزرق البالغ عددهم «150» ألف طفل خلال الحملة القومية التي نفذت فى وقت سابق ، إلا الموافقة ذاتها جاءت هذه المرة ضمن مطالبات دولية ملحة ، ومن بينها مطالبة مساعدة الامين العام للامم المتحدة ،فاليرى اموس إبان زيارتها الأخيرة للسودان «20 23 » مايو 2013 وقد شددت المسؤولة الأممية فى دعوتها طرفى النزاع فى المنطقتين الى وقف اطلاق نار مؤقت من اجل السماح لفرق التطعيم الخاصة بالاطفال بالقيام بعمليات التحصين فى تلك المناطق. ولكن هل ستنجح عملية وقف العدائيات هذه المرة؟ أم ستنهار كسابقاتها وتزداد الحرب اشتعالا؟ سبق بأن رفضت الحركة الشعبية «قطاع الشمال» وقف إطلاق النار أعلنه رئيس الجمهورية لمدة اسبوعين باكرا إلا إنه فتح شهية الحركة وأدى لتمرد مالك عقار فى النيل الأزرق، ومن ثم إنهارت نداءات ومؤتمرات السلام كافة فى كل من جنوب كردفان والنيل الأزرق وأكثر من «50» مبادرة لوقف النزيف أصبح حبرا على ورق، بينما أعلنت الحركة اخيرا على لسان رئيسها مالك عقار وقف إطلاق النار لمدة «30» يوما إبتداء من الأول من سبتمبر بغرض السيول والفيضانات ،عدلت عنه وقالت إنه بغرض التحصين ! قبل أن تعدل عنه وتقول لإتاحة الفرصة لتطعيم الأطفال ، ولكن الحكومة ذاتها لم تتجاوب مع خطوة الحركة فى حينها وقال إنها حسمت أمرها باكرا لإنطلاق الحملة فى اكتوبر كما أعلنته الآن! فهل ستمدد الحركة الفترة وتمتد لفترات أخرى وحينها تصبح الأجواء مهيأة للسلام والتفاوض أم ستنهار وتزداد الحرب اشتعالا؟