إعداد : عبدالوهاب جمعة: توجهت امس الى ولاية شرق دارفور القوات المخصصة للفصل بين قبيلتي الرزيقات والمعاليا، وتأتي تلك الخطوة عقب توقيع القبليتين على وثيقة «الطويشة» وقف العدائيات وتحقيق التعايش السلمي بين القبيلتين الذي عقد في 22 اغسطس المنصرم، واسراع المركز بارسال تلك القوات يأتي في محاولة لمنع انزلاق القبيلتين الى اتون الحرب مرة اخرى. وتشكيل تلك القوات اتى بعد مرور شهر بالتمام على توقيع وقف العدائيات الذي استغرق الوصول اليه اكثر من 20 يوما من المشاورات والمفاوضات لجمع رؤى طرفي الرزيقات والمعاليا لوقف العدائيات وتحقيق التعايش السلمي بين الطرفين، وجاءت وثيقة وقف العدائيات في ديباجتها: استشعارا للمخاطر التي تهدد امن وسلامة الوطن الكبير ودارفور على وجه الخصوص ومراعاة التحديات الداخلية والخارجية ولتلافي الاوضاع الامنية الملتهبة في الولاية بجانب تعزيز العلاقة التاريخية بين المعاليا والرزيقات، اعلن طرفا النزاع في وثيقة وقف العدائيات التزامهما بوقف صور العدائيات كافة ووقف اشكال التصعيد الاعلامي وحفظ الامن وسلامة ارواح المواطنين وممتلكاتهم ودعم الاستقرار والسلام والتعايش السلمي، وتعهدت القبيلتان بالعمل على سلامة المواطنين المقيمين والعابرين في انحاء الولاية كافة دون تمييز لشخص لانتمائه القبلي، والتزم الطرفان بفتح الطرق وموارد المياه والاسواق ومحاربة الاشاعات الضارة، وتضمنت وثيقة وقف العدائيات إعمال مبدأ الصف عرفا بين باديتي القبيلتين في المخارف والمراحيل لحين قيام مؤتمر الصلح درءا لاي احتكاك وسط البادية بالتنسيق مع ولاية شمال دارفور. ودعت الوثيقة التي وقع عليها الطرفان الدولة لفرض هيبتها في ارجاء شرق دارفور كافة ودعت الدولة لنشر قوات محايدة في كل مناطق النزاعات لحماية المواطنين وممتلكاتهم والرد على اي اعتداء محتمل وفض التجمعات فور انتشار القوات. ودعت الوثيقة حكومة شرق دارفور لتشكيل آلية تضم الاجهزة المختصة وذات الصلة والادارة الاهلية لانفاذ بنود الوثيقة والسعي الجاد لعقد مؤتمر الصلح بين الاطراف وتشكيل لجنة تقصي حقائق في الاحداث التي وقعت في ولاية شرق دارفور بجانب لجنة تحقيق اتحادية في الحوادث كافة التي وقعت بين الطرفين وختمت الوثيقة بان ما جاء فيها لا يؤخذ بها حجية ومرجعية في مؤتمر الصلح. وحسب مهتمين بقضايا الصلح بين القبائل في دارفور فان القتال الذي جرى بين القبيلتين كان محزنا مؤكدين ان الصراعات القبلية تعتبر اخطر من الحركات المسلحة والمتمردة والتفلتات مشيرين الى ان النزاعات القبلية تعوق عملية التنمية وتخلق حالة توتر وعدم استقرار. وثيقة وقف العدائيات بين الطرفين الموقعة في مدينة الطويشة بولاية شمال دارفور كان من المؤمل ان تكون بداية النهاية لسلسلة الصراعات القبلية بدارفور بيد ان الخرق الذي واجهته الوثيقة باحداث منطقة «بخيت» جعلت الاجاويد ورجال القبائل ومسؤولي المركز بالخرطوم ووزارة الحكم اللامركزي يضعون ايديهم في قلوبهم، وهو الامر الذي ادى الى سرعة ارسال تلك القوات للفصل بين الجانبين والذي يعتبر اهم بنود اتفاق وقف العدائيات بين الطرفين لحين عقد مؤتمر الصلح بين القبيلتين. مسائل الحرب والسلام في دارفور شائكة وتتطلب حلولا عاجلة ومضنية، يمكن لخلاف صغير حول احقية الماشية في الشرب او المرعى ان يؤدي الى انزلاق القبائل في معركة تخلف وراءها مئات القتلى والجرحى وتترك امهات ثكلى وابناء يتامى يعانون للابد في اقليم يتعرض لموجات من الجفاف والضغط على الموارد التي تتناقص باستمرار. وفي نزاع المعاليا والرزيقات الاخير الذي جاء امتدادا لنزاع تاريخي طويل فان الدرس الاول الذي تعلمه المركز ووزارة الحكم اللامركزي كان اهمية ارسال قوات فاصلة بين الطرفين لجهة الترابط القبلي بين القبيلتين ووجود القبيلتين في موقع واحد وتحرك افراد القبيلتين مع ماشيتهم في فترات الخريف والصيف، اذ يمكن لحادثة صغيرة غير مقصودة من احد طرفي القبيلتين ان يشعل حربا ضروسا. ولعل القائمين على امر توقيع اتفاق وقف العدائيات بين الطرفين من ولاة شمال وشرق وجنوب دارفور كانوا يعلمون ان افراد القبيلتين يسعون وراء الكلأ في اراضي تلك الولايات بصورة متداخلة وهو الامر الذي يمكن ان يكون مزعجا لسكان ومسؤولي تلك المناطق التي تمر بها ماشية المعاليا والرزيقات في المخارف والمصايف. جانب اخر مهم من ارسال تلك القوات الى شرق دارفور فمن المرجح ان تؤدي تلك القوات بجانب مهمتها الاساسية في فصل طرفي النزاع عن بعضهما الى فرض هيبة الدولة بين القبائل، وهذا الهدف المزدوج سيؤدي الى اشاعة روح التعايش بين طرفي النزاع.