تطور جديد ومتسارع للاحداث دخلت بموجبه قضية دارفور مرحلة حاسمة ومفصلية وتغيرت بموجبه تفاصيل الحراك الميداني والسياسي للقضية والاقليم المنفجر اصلا منذ سنوات عودة اخري للمربع الاول وارتفاع اصوات البنادق والمواجهات مابين الجانبين الحكومة وحركة العدل والمساواة التي تمثل احد اكبر الحركات الناشطة في الاقليم وفي الميدان تحديدا وهو الامر الذي عبرت عنه الاحصائيات المتعلقة بضحايا المعارك مابين الجانبين ونذر المواجهات المشتعلة بالاقليم الامر الذي يعني انتهاء شهر العسل بعد انفضاض معسكر الدوحة الذي شهد توقيع اتفاق اطاري يقضي بعمليات وقف اطلاق النار وتبادل الاسري واطلاق سراحهم وهو ماحدث فعلا الا ان هذا الامر تفتت في سفوح جبل مون والمواجهات التي حدثت هناك وهو ماكان امتدادا لموسم الهجرة نحو منابر اخري وتحديدا القاهرة التي شد اليها الدكتور خليل ابراهيم رئيس الحركة الرحال بلا عودة الي منبر الدوحة مرة اخري، ناعتا اياه بعدم الحياد وبالانحياز لمعسكر الحكومة ومشترطا اجراء اصلاحات في المنبر تتعلق بتوفر الحياد وابعاد الحركات التي لا توجد علي ارض الواقع والميدان، وان تتم المفاوضات بشكل ثنائي مابينه والحكومة من اجل تحقيق السلام الذي يوفر كافة الحقوق لاهل الاقليم. مغادرة خليل للدوحة كانت مدخلا لاحداث اخري كان مسرحها هذه المرة الميدان والذي اختلفت لغته حيث افاد بيان للقوات المسلحة ان القوات المسلحة حققت انتصارات كبيرة علي قوات العدل والمساواة بمنطقة جبل مون وقتلت منهم 108 واسرت 61 بالاضافة لعدد كبير من الجرحي من بينهم قائد القوة محمد نور الملقب بكونغرس واستولت علي عدد من العربات، وقال الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة المقدم الصوارمي خالد بان القوات المسلحة تسيطر علي منطقة جبل مون بالكامل وان الاوضاع مستقرة وستعود لطبيعتها ،مشيرا الي ان القوات المسلحة ستقوم بدورها في عملية اشاعة الامن والاستقرار وهو الامر الذي يلتقي بتصريحات اخري كان مصدرها هذه المرة وزارة الداخلية والتي توعد وزيرها ابراهيم محمود بحسم قوات العدل والمساواة والاحتفال بذلك واصفا الحركة بالارهابية والتي تسعي للنهب والسلب وترويع المواطنين وتمارس ممارسات قطاع الطرق وتعتدي علي الابرياء ولم يتبق لها شئ مؤكدا علي قدرة قوات الشرطة علي حسمها وفي اقرب وقت. بيانا الجيش والشرطة يؤكدان علي ان مرحلة جديدة للعلاقة مابين الجانبين وتؤكد كذلك علي انتهاء عهد التفاوض مابينهما، وهو الامر الذي بدا واضحا من خلال البيان الذي اصدرته حركة العدل والمساواة معلنة فيه عن عدم عودتها للتفاوض مرة اخري وذلك انطلاقا من عدم جدية الحكومة في ذلك واصرارها علي الحلول الامنية هذا بالاضافة لعدم توفر المناخ الملائم للتفاوض في منبر الدوحة والذي وصفه المتحدث الرسمي للحركة أحمد حسين بانه منبر للعلاقات العامة الحكومية، مؤكدا في الوقت نفسه علي اعلائهم لقيمة السلام والتي تصطدم بعدم رغبة الحكومة فانه لاعودة لمنبر الدوحة دون اجراء تحقيق ، وكرر انه لاعودة لمنبر الدوحة دون اجراء الاصلاحات التي تضمن سلاما عادلا ودائما يحقق تطلعات اهل دارفور في العيش الامن والمستقر، الا انه وفي جانب اخر اكد امين حسن عمر رئيس وفد الحكومة لمفاوضات الدوحة المضي قدما في المفاوضات دون التأثر بغياب حركة العدل والمساواة بعد انسحابها، متهما الحركة بعدم الجدية والرغبة في التفاوض بالتذرع بعدم اشراك القوي الاخري تارة وتارة بتأجيل الانتخابات وتكذب بتعرضها لاعتداءات من قبل القوات الحكومية وهو مايدلل بقوة علي عدم رغبتها في التسوية السلمية لذلك سنمضي بدونها، واضاف ان هناك مسارات اخري للسلام غير المفاوضات هي التنمية والمصالحات وتقديم الخدمات والسلام لا يأتي بالمفاوضات وحدها . وهو الموقف الذي يختلف معه الدكتور محمد حمدنا الله عبد الحافظ استاذ العلوم السياسية بجامعة النيلين حيث يقول انه لايمكن الحديث عن تنمية في ظل غياب فرضية السلام والحلول في الاساس وفي الوقت الراهن هي حلول تفاوضية في المقام الاول، وان امنا بجدلية تحقيق التنمية كمدخل للحل فهل تضمن الحكومة انجاز ذلك علي مستوي الميدان وردة الفعل المعارض ستكون في البداية هي تقويض مشاريع التنمية في الاقليم ، ويري ان المفاوضات هي معالجة لاعراض المرض بينما التنمية تتم في اطار المدي الطويل وهو مايعني ان الحديث عن تنمية ومصالحات لايمكن تطبيقه علي ارض الواقع، ويري ان الموقف العام يرتبط بمجموعة من العوامل التي ستكون لها تأثيراتها علي الاوضاع عموما في الاقليم وان عملية الانسحاب من التفاوض في ظل القراءات الموضوعية كانت حاضرة وبشكل كبير وموقف العدل والمساواة كان متوقعا في ظل ماهو سائد وهو ماعبرت عنه في مواقفها المعلنة وهو مايؤكد علي ان موقف الحكومة من التفاوض كان موقفا تكتيكيا الغرض منه ضمان اجراء الانتخابات بدارفور دون اشكالات امنية وهو الامر الذي تحقق وهو ماكان السبب الاساسي في التوقيع علي الاتفاق الاطاري، وهو الامر الذي بدا التنصل عنه لاحقا وذلك لغياب عناصر الضغط التي تنزله علي ارض الواقع وهو ماتفتقده قطر علي الجانبين الحركات والحكومة وهو امر غير مؤهلة للقيام به ، فالاموال ووجود قناة فضائية يصبح امرا لا جدوي منه كما ان عملية الارتباط مابين قطر والاقليم ضعيفة مقارنة بادوار اخري يمكن ان تلعبها قوي مثل مصر وليبيا وتشاد وهي الاطراف الحقيقية والمتأثرة بشكل اساسي منه وهي القادرة علي فرض الالتزام به علي الموقعين ومايدلل علي ذلك حتي ان الاتفاق الاطاري لم يتم التوقيع عليه بالدوحة وهو مايعني ان عملية حل الملف تتم بعيدا عن منبر الدوحة ويظل كذلك من الضرورة بمكان ايجاد ضامن دولي مثل الاتحاد الاوربي وشركاء الايقاد وعدم اهمال الادوار الكبيرة للصين مثلا في ظل وجودها بالسودان وهو الامر الذي من شأنه ايجاد ضمانات قانونية وسياسية للاتفاق وتشكيل اوراق ضغط علي الاطراف كما ان وجود عدد كبير، وهو الامر الذي بدا ظاهرا في اتفاقية نيفاشا ، واشار من جانب اخر الي ان التركيز علي حركة العدل والمساواة وحدها يعني تكرار لاخطاء الماضي ويجب ان يتم السلام بشكل يأخذ طبيعة الشمولية حتي لا نكرر اخطاء ابوجا وهو مايعبر عن طريقة مبتورة في ايجاد الحلول للقضايا السودانية، ويمضي حمدنا في اتجاه ان الادوار التي يمكن ان تلعبها مصر لايمكن مقارنتها بالدور القطري وذلك لارتفاع حجم تأثيرها علي كل الاطراف في القضية، كما ان الدور الحالي وتواجد خليل بمصر لا يمكن تحليله في الاطارالمتعلق بمياه النيل فقط فالسودان يمثل الضامن الاقليمي لأمن مصر والعكس صحيح واختلاف المواقف مابين النظامين يمكن تجاوزه بالمزيد من تبادل المصالح مابينهم ويمكن للموقف المصري ان يأتي سلبيا بالنسبة للحكومة في الوقت الراهن ولكنه حتما سيكون ايجابيا بالمستقبل، ويري حمدنا ان واقع الاحداث علي الارض سيصيبه الركود ويرجع ذلك لان عملية الاهتمام المحلي والعالمي ستكون منصبة وبشكل اساسي علي ماستأتي به نتيجة الاستفتاء بالجنوب وهي ماسينبني عليها الموقف التفاوضي لاحقا ، الا ان الامر سيظل علي مستوي الميدان دون تغيير كما ان عملية التوقيع مع حركات جديدة لن تكون ذات جدوي حتي علي المستوي القبلي بالمنطقة وهو مايحدد المسار هناك في ظل اختلال التوازن القبلي بانسحاب عبد الواحد نور ومن بعده خليل ابراهيم مما يولد السؤال مع من سيتم التوقيع ويختتم حمدنا الله حديثه بان مستقبل ايجاد الحلول لقضية دارفور يتم وبشكل اساسي باتساع حجم المشاركة علي المستوي الداخلي والخارجي والتركيز بشكل اساسي علي القوي المؤثرة اقليميا وعلي رأسها مصر وذلك من خلال فرضية عمق المصالح مابين الجانبين ومابينهما والجوانب الاخري، ولكن الامر في نهايته يؤكد علي تجاوز الاتفاق الاطاري مابين الحكومة والعدل والمساواة ويفتح بدوره الابواب امام وقائع جديدة واحداث متجددة علي مستوي ميدان المعركة من جانب وميادين السياسة في جوانب اخري. الاخبار التي جاءت في صحف الخرطوم امس والتي تحدثت عن قصف ومواجهات هي نفسها ماورد في حديث للمبعوث الخاص للولايات المتحدة بالسودان غرايشن والذي تحدث عن لحظات حرجة تمر بها الاوضاع بالسودان فيما يتعلق بالاستفتاء بالجنوب وبالاوضاع الميدانية المتفجرة بدارفور مبديا قلق بلاده من انسحاب حركة العدل والمساواة من محادثات الدوحة بعد حالة التقدم في العلاقات السودانية التشادية وهو الامر الايجابي من اجل تحقيق عملية السلام بالاقليم وهو امر يقابله في جانب اخر ممارسة الحكومة السودانية لعمليات قصف ناري مما يفاقم من الاوضاع بالاقليم ، واكد علي ان اولويات بلاده العليا هي تحسين الاوضاع الانسانية من اجل تحقيق الاستقرار في المنطقة وهو مايتطلب بدوره تضافر كل الجهود من اجل ذلك بمافيها ادوار دول الجوار وهو مايشير لمصر والتي تستضيف قائد العدل والمساواة ويزورها اليوم مساعد رئيس الجمهورية نافع علي نافع مما جعل البعض يقول بان لقاءً مابين الرجلين سيتم هناك وبدعم من الحكومة المصرية الامر الذي تم نفيه من قبل الجانبين وهو مايعني ان الاوضاع ستظل كما هي وذلك بعد تجميد العدل والمساواة مشاركتها بمنبرالدوحة وتأكيد القوات المسلحة والشرطة علي الحسم العسكري مما يعني ان القضية في طريقها للعودة لنقطة الصفر.