اختار رئيس الحركة الشعبية سلفا كير ميارديت أن يجيء حفل تنصيبه من جديد رئيسا لحكومة الجنوب بالقرب من ضريح مؤسس الحركة الشعبية ومخطط «مشروع السودان الجديد» الدكتور جون قرنق دي مابيور في رمزية أريد منها الإشارة الى أن افكار قرنق ماتزال حية بالتعايش والمعاشرة مع افكاره خاصة القضية الرئيسية وهي قضية الوحدة والسودان الموحد «الوحدة في ظل التعدد» وهي التي كان يعبر عنها برنامج «السودان الجديد» الذي بذل فيه الراحل قرنق بذلا فكريا كبيرا ووضع خارطة تضيء طريق الوحدة الجاذبة ليظل السودان موحدا على اسس جديدة. وفي أول خطاب له بعد تنصيبه أول رئيس منتخب لحكومة جنوب السودان اعتبر سلفا كير ميارديت أن وحدة السودان باتت على محك ، وحمل ميارديت من أمام مقبرة مؤسس وزعيم الحركة الشعبية الراحل الدكتور جون قرنق في رمزية اعتبرها المراقبون تمسك الحركة بمبادئ قرنق وهي الوحدة في إطار السودان الجديد، حمل كير شريكه في الحكم المؤتمر الوطني مسؤولية التراخي في جعل الوحدة جاذبة للجنوبيين طوال فترة السنوات الخمس من عمر اتفاقية السلام التي تم توقيعها في يناير «2005م»، مشيرا إلى أن المؤتمرالوطني وضع العراقيل ، غير ان ميارديت عاد مستدركا ليدعو شريكه إلى بذل الجهود في الفترة المتبقية من عمر اتفاقية السلام لجعل الوحدة خيارا جاذبا ،مؤكدا ان ترسيم الحدود سيتم خلال الأشهر الثلاثة المقبلة، مناشدا الجنوبيين أن يكونوا صفا واحدا للدخول في عملية الاستفتاء على تقرير المصير مطلع العام القادم غير ان كثيرين يعتبرون ان شخص سلفا كير هو الاقرب الى سلك طريق الانفصال خاصة ان العديد من المراقبين يعتبرونه من القوميين الجنوبيين الذين اختاروا وحدة الجنوب والقبائل الجنوبية في جنوب موحد بدلا من برنامج السودان الجديد الذي كان يدعو له الراحل قرنق والذي كان يدعو الى وحدة كل السودان على اساس جديد، ويستشهد هولاء بأن الحركة الشعبية الان تسير في طريق الانفصال اكثر من كونها تسير في طريق الوحدة، وهو ذات مارددته مساعدة وزير الخارجية الامريكية للشؤون الافريقية السابقة جينداي فرايزر في تصريحات صحفية اول امس، مشيرة إلى أن الحركة الشعبية وقائدها سلفاكير قد فارقا طريق الراحل جون قرنق الداعي لوحدة السودان وانشغلا بفصل الجنوب أكثر من التركيز على انتخابات السودان، الامر الذي جعل الطريق سالكاً أمام البشير ليستقر في الحكم مجددا، وهو ماترى فرايزر أنه سيعقد من موقف إدارة أوباما تجاه الملف السوداني في مقبل الايام . فيما ذهب بعض المعارضين إلى ذات مارددته فرايزر عندما قال بعض منهم ان مشروع قرنق قد قبر مع مؤسسه الراحل د. جون قرنق بل وشبه بعضهم مباشرة سلفاكير بيهوذا الذي خان مباديء المسيح، ويرون ان الكثير من الامريكان لايهتمون كثيرا بوحدة السودان ممايعزز المواقف الانفصالية داخل الحركة الشعبية، ووفقاً للباحث الاستراتيجي والمحلل السياسي الدكتور حاج حمد محمد خير الذي يبين ل«الصحافة» أن ثمة تيار أخر في مراكز الضغط في السياسة الخارجية الامريكية لايأبه كثيراً لمسألة فصل الجنوب بل يطمح للمزيد من التشظي للسودان لارتباطه بلوبيهات تقف على الضفة الاخرى من المركز الذي تنطلق منه جنداي والذي يطمح إلى ترتيب انتقال سلس للسودان من السياسة البريطانية التقليدية التي اعتمدت نخب شمال السودان وأعوانهم من خريجي المدارس المدنية والعسكرية أوصياء على السودان لكونها قد فارقت ماذهب إليه المبعوث الامريكي الحالي للسودان إسكوت غرايشن الذي وقف على العملية الانتخابية على النحو الذي ذهبت اليه فرايزر، بل قال ان الانتخابات خطوة كبيرة في استكمال حلقات نيفاشا مما فسره الكثيرون بانه تمهيد لانفصال سلس للجنوب وهو الامر الذي ترى فيه فرايزر استعلائية وخيانة للشعب السوداني لكونه قد صادر حقه في الديمقراطية . ويبدو أن تصريح فرايزر الذي تهللت له أسارير المعارضين، منقوص كما ان هذه القوى السياسية المعارضة نفسها لم تسكب عرقا كافيا في مضمار السباق نحو الوحدة بل تركت امر ذلك للمؤتمر الوطني محملة اياه مسؤولية عدم جاذبية الوحدة وهو نفس مافعلته الحركة الشعبية لتحرير السودان التي كانت تطالب المؤتمر الوطني بدفع مهر ان يبقى السودان موحدا في ظل زهد يبديه المؤتمر الوطني وهو الزهد الذي يبدو متبادلا بين الشريكين فالحركة الشعبية ومنذ وفاة جون قرنق اختارت ان تنكفي جنوبا دون اهتمام او حماس لمايجري في الشمال بل وقالتها صراحة من قبل انها لن تخوض معارك الاخرين في اشارة واضحة الدلالة للقوى السياسية الشمالية المعارضة، ولن يجد المراقبون السياسيون دليلا على هذا الزهد اكثر من سحب الحركة الشعبية لمرشحها الرئاسي في الانتخابات العامة واهتمامها بمرشحها لرئاسة حكومة جنوب السودان والملاحظ ان العلاقة رغم مايتبدى فيها من اختلالات بين الشريكين الا ان جميع المطبات التي يتعرضان لها كانت تحل من قبل لجنة مشكلة من قبلهما في سلاسة كاملة مما يقرأ منه اتفاق على المسائل الكلية ليظل ذلك هو ديدن الحركة الشعبية في مرحلة مابعد وفاة جون قرنق وصعود نجم سلفا كير ميارديت وربما لاينسى كثيرون دعوة سلفا كير للجنوبيين باختيار الانفصال لحظة الاستفتاء اذا ارادوا ان يعيشوا كمواطنين من الدرجة الاولى، وهي التصريحات التي انتقدتها بقوة ولاول مرة القوى السياسية والقت الأحزاب باللائمة علي الحركة الشعبية في تقديم نموذج لحكم الجنوبيين انفسهم بانفسهم في ظل فشلها في تقديم الخدمات الأساسية وتحقيق الأمن. بل واعتبرها الكثيرون مخالفة لروح نيفاشا التي غلبت شعار الوحدة الجاذبة، وفي المقابل فان كثيرين يرون ان الرجل وحدوي قاتل من اجل الوحدة ردحا مع الحركة الشعبية لتحرير السودان وهذا ما دفع به ياسر عرمان عندما وصف سلفا كير ميارديت بالرجل الوحدوي الذي قاتل الى جانب قرنق في صف واحد من اجل مشروع السودان الجديد، وهي تصريحات يدلى بها اكثر من فرد داخل الحركة الشعبية غير ان الايام القادمة خاصة مع اقتراب موعد الحسم عبر الاستفتاء ستثبت الى اي مدى كان الرجل وفيا لمشروع الراحل المفكر د. جون قرنق دي مابيور مؤسس مشروع السودان الجديد.