٭ مازال الجدل قائماً حول ستيراد الألبان، والجمارك لم تعمل بقرار وزير التجارة في انتظار قرار من مجلس الوزراء.. وفي اعتقادي أن هذا أمر معيب لا يليق بدولة تتطلع إلى أن تجد لها مكاناً وسط الدول الناهضة بالمنطقة.. فلم نسمع بهذا من قبل، ولم نجد في أعرافنا أو شرائعنا مثل هذا الذي يحدث. في الماضي عندما كنا مفتشين بوزارة التجارة، لم يكن مثل هذا القرار يثير أي نوع من الضجة.. يكفي أن يصدر مساعد وكيل وزارة التجارة، وقد كان آنذاك هو السيد هارون العوض، قراراً بفتح باب الاستيراد لأية سلعة، وسرعان ما يتم التنفيذ، وتقوم الجمارك بتطبيقه فوراً دون أن يكون لمجلس الوزراء دخل في هذه الأعمال التي هى من صميم أعمال الوزارة وقياداتها المدنية..!! يحدث هذا عندما تتوفر لدى مساعد الوكيل معلومات تفيد بأن فجوة ستحدث في استهلاك سلعة من السلع التي يتم استيرادها، لذلك يقوم بفتح باب الاستيراد لكميات محددة تكفي لسد الفجوة، دون أن يحدث إغراق في السوق أو تأثير على المنتج المحلي إذا كان يوجد منه منتج محلي.. وهكذا تمضي الأمور في يسر ولا يشعر بها حتى المواطن العادي. لذلك فإن فتح باب الاستيراد من سلطات وزير التجارة، بعد أن يوضع أمامه تقرير وافر حول موقف السلعة.. والوزير في قراره هذا استند على شكوى من مستوردين حول عدم مساواة الرسوم الجمركية بين المستوردين، مما يعني محاباة البعض على حساب البعض الآخر.. لذلك فهو قد أقدم على فتح باب الاستيراد!! المبدأ صحيح، ولكن الأسباب التي استند اليها ليست من مسؤولياته، بل هى من صميم مسؤوليات وزير المالية المسؤول الأول عن الإيرادات.. كما أن قراره يؤثر على الوضع التوازني الموجود في البلد من حيث توفر الألبان وانعدامها نتيجة لوقف الاستيراد سيخلق أزمات تموينية البلد في غنى عنها..!! كما أن الوزير إذا كان يعلم أن قراره يحتاج إلى موافقة مجلس الوزراء لكي يتم تطبيقه بواسطة الجمارك، فلماذا أقدم عليه؟؟ أم أنه لا يعلم؟! كذلك فإن تدخل وزير الدولة باستمرار الاستيراد لا معنى له، طالما أن الجمارك لا تنفذ إلا قراراً يأتيها من مجلس الوزراء.. بل كشف مدى التناقض بين الوزيرين.. وفيه أيضاً تعدٍ على سلطات الوزير المركزي بحكم التسلسل الإداري.. فيا أخ السميح «يطرشنا» كان سمعنا قبل كده بتجاوز وزير الدولة لسلطات الوزير المركزي..!! ثم ألا يكفيك ما حدث في شركة الصمغ العربي..؟! إن العلاقة في وزارة التجارة بين الوزيرين أصبحت أشبه بعلاقة توم آند جيري!! فوضع كهذا سيؤثر حتماً على مسار العمل في الوزارة التي ننتظر منها الكثير.. لقد عملت سياسات الدولة على تهميش وزارة التجارة منذ زمن، والآن بعد أن حاولت استعادة مكانتها التي فقدتها جهاراً نهاراً، فلماذا يتم تكسير أجنحتها ومن هو الذي سيضار؟ وبدلاً من الانصراف إلى أن تلعب الوزارة دورها الأساسي في تعظيم الصادرات غير البترولية، أصبحت تهتم بقضايا انصرافية. إننا لا نعفي الشريكين من هذا الذي يحدث، غير أن الوزير المركزي ينتمي الذي الحركة هو البادئ، خاصة عندما اصطحب معه مستشارة لا علاقة لها بوزارة التجارة في وفد رسمي..!! وفي الماضي كان المسؤول عن محاسبة الوزراء هو رئيس الوزراء. والآن نحن لا ندري من الذي يحاسب الوزراء بعيداً عن المجلس التشريعي الذي يكتفي فقط بتطبيق مبدأ الالتزام بالسياسات المعلنة، أم أن هنالك تجاوزاً؟!