تمر علينا هذه الايام الذكرى الثانية لرحيل الفنان الخلوق عثمان حسين محمد توم، بعد أن ترك لمحبيه «بعض الصبر» في مشوار «الدرب الأخضر» الملئ ب «الشجن» مخلفاً ذكرى سمتها «طيبة الأخلاق»، مجدداً «قصتنا» مع الحزن المتدثر في «الوكر المهجور». ومضى كما عودنا «طيب الخاطر» وترك لنا «دمع الحنين» يسيل «في ليالي الغربة» ويرفرف حولنا «الفراش حائراً» بعد أن تساقطت «أوراق الخريف» على ضفتي «محراب النيل» لتمضي «ليالي المصير» ليلة إثر أخرى مجسدةً «عشرة للأيام» لا تعرف نهاية. عذراً لكل عشاقه فالكلمات تتقاصر حياءً ومهابةً في حضرة «النيل الخالد» عثمان حسين وافر العطاء، حسن الاختيار للكلمات، فسطع في ساحة الإبداع كما النجم، فاتسم أداؤه بهدوء يبعث السكينة في نفوس من يبحثون عن الطرب الأصيل و «للنجم والمساء» عنده حكاية لكل العاشقين تهديهم «القبلة السكرى» وتسقيهم «خمرة العشاق». فما أروعه وهو يدندن..« بربيع الدنيا» فعندها تتزين الدنيا ربيعاً في زمن الجفاف، وما أجمله حين يردد «بعد الصبر» راوياً عذاباته وأسراره وناره ونوره وليله وصباحه وحلوه ومره.. وما أحوجنا بعده إلى الصبر بعد أن امتلأت الساحة الفنية بفقاقيع تنتفخ ثم «تنفجر» وتتلاشى دون أن تجد باكياً عليها، فتذهب إلى سلة مهملات التاريخ غير مأسوفٍ عليها، لتكون ذكرى رحيله الثانية رسالة لكل «المتخبطين» في شارع الفن، فحواها أن الإبداع الحقيقي سيظل ينحت البقاء في سفر الخلود، لا تذهب نضار بريقه الأيام ولا تشوهه السنوات في بحر الغياب مهما امتد به العمر، لأن ما بني على أرض ثابتة وموهبة حقيقية يبقى شامخاً ماداً لسانه هازئاً من أعاصير النسيان التي لا تزيده إلا بريقاً وجمالاً كلما مضى الوقت. وتتجلى روعته وتنبري إلى الوجود مهابته كلما اشتد هجير «الهبوط»، فيكون الظل الوريف الذي يأوي اليه كل من يعشق السلطنة والطرب الأصيل، فليت رجرجة ودهماء الغناء يدركون. «فعشرة الأيام» لم تزل صافية ولم يكدرها شيء سوى رحيل عثمان حسين السرمدي، فله الوفاء، والمنظمة التي حملت اسمه لم ولن تسقط راية فنه الراقي من بعده، و«تعاهده» على أن تسلم الراية جيلاً بعد جيل. لك الرحمة والمغفرة وأنت تجمل ليالينا رغم الغياب.. وها نحن نحتفي بذكراك التي لا ولم تستطع عواصف النسيان أن تزيل ألقها الخالد ما نبض عرق فينا، وأعددنا كرنفالاً يتقازم دون قامتك السامية لنطفئ بين ثناياه الشمعة الثانية لذكرى رحيلك. كل واحد ليهو في تاريخو ماضي وأي ماضي ليهو ذكرى حب قديمة وإنت عارف لما اخترتك حبيبي كان في قلبي جرح ينزف بالهزيمة إلا أنك صرت أغلى حب عندي [email protected]