ما أن أعلن الرئيس البشير عشية فوزه برئاسة الجمهورية عن نيته بتشكيل حكومة ذات قاعدة عريضة،الا ولمعت وبرقت أعين واشرأبت أعناق وتطلعت أحزاب وأنصاف أحزاب وأرباع أحزاب أملاً في الظفر بحقيبة أو بضع حقائب من تشكيل الحكومة القادم بمستوياتها المختلفة. البعض يمني النفس بأنه لن يرضى بأقل من «مساعد رئاسي» وآخر يطمح في مستشار رئاسي وأغلبية تأمل في مقعد وزارة اتحادية والبقية يتواضع طموحها وتقول انها ترضى بوزير دولة أو وزير ولائي أو حتى معتمد!..يستوي في هذا التطلع المحترفون من أهل السياسة الى جانب الأكاديميون من«بروفات» ودكاترة .. يصنفون أنفسهم في زمرة المستقلين سياسياً،آملين أن تساعدهم هذه الصبغة السياسية التي لا لون لها أو طعم أو رائحة في هذا السباق المحموم نحو قمة سنام«الميري». ويزاحم في هذا السباق بعض«المؤلفة جيوبهم» والذين على ما يبدو أن سنوات عسلهم مع المناصب قد شارفت على خواتيمها،وآن الأوان للدفع بحزمة جديدة من لاعبي الاحتياط الذين طال جلوسهم على «الكنب»... وربما يزاحمهم في تلك المقاعد من يتصورن أنفسهم «ماركة حزبية أصلية» اذ لا تستوي قطعة الغيار «التقليد» مع الاسبير الأصلي ، كما لا يستوي التيمم في وجود الماء. هذا الشغف والتطلع نحو المناصب قديم قدم السياسة في السودان،وقد أدرك الرئيس السابق جعفر نميري هذا الوله والتطلع في نفوس بعض الحزبيين والأكاديميين للدرجة التي أحبطت المرحوم زين العابدين محمد أحمد عبد القادر عضو مجلس قيادة الثورة المايوي حينما قال بما عُرف به من طرفة :«كنا ننظر في الماضي ونحن ضباط عاديون الى هؤلاء الدكاترة و«البروفات»كأنصاف آلهة ولكنا وجدناهم أنصاف أفندية»! الثنائي أحمد رجب والرسام مصطفى حسين رسام الكاريكاتير بأخبار اليوم المصرية ظلا يبدعان شخصيات كاريكاتورية نمطية ضاحكة من بينها «كمبورة» و«الكحيتي»و«فلاح كفر الهنادوة»و«عزيز بك الأليت»... من بين هؤلاء ابتدع هذا الثنائي شخصية «عبده مشتاق» والتي تصور احد السياسيين أو ربما «التكنوغراط»الذي انفق عمره كله في انتظار مكالمة من الرئاسة تنبئه باختياره وزيراً ! ان ما نراه اليوم من عيون تبرق وتومض بالشوق للمنصب وأعناق تشرئب للسلطة يذكرني بأغنية قديمة للسيدة أم كلثوم نظم كلماتها شاعرها المبدع أحمد رامي ويقول مطلعها: والصبّ تفضحه عيونه وتنم عن وجدٍ شؤونه