حتى وقت قريب كان المجتمع السوداني يتميز بالكثير من الخصائص الفريدة ومنها الاسرة الممتدة والتى تعتبر من اهم المؤسسات الاجتماعية التى ساهمت فى تنشئة الاجيال وداخل الحوش الكبير ثمة علاقات انسانية رائعة تتشكل بين الاطفال والحبوبة التى ضاعت ملامح حضورها وحكاياتها فى ظل التغيرات التى طرأت على شكل الحياة الاجتماعية وانفراط عقد الاسرة الممتدة والبيت الكبير فى ظل الحياة العصرية التى تهيمن عليها وسائل التكنلوجيا والفضائيات والانترنت والتى تكرس للوحدة والعزلة والانانية. لنتعرف على تأثير هذا الواقع تحدثنا الى مجموعة من الاطراف تقول سونا وهى سيدة فى عقدها الثالث متزوجة وام لثلاثة ابناء والدهم يعمل بإحدى الدول العربية وتسكن بإحدى الشقق انها ولدت ونشأت فى حوش اسرتها العريقة بامدرمان وتربت على يد حبوبتها وجدها وخيلانها واعمامها وترى سونا بأن اختفاء البيت الكبير يمثل كارثة اجتماعية وهى الان تفتقد الحبوبة التى توجه ابناءها الصغار واصبحت التربية قاصرة على الام والاب والمدارس والمربية. وتقول انتصار معلمة بإحدى مدارس الاساس ان اجمل ما كان يميز الحوش مشهد الحبوبة وهى تلاعب احفادها وتروى لهم الحكايات وترى ان المرأة العاملة تضررت كثيرا من اختفاء الحوش الذى كانت تستطيع خلاله ان تترك به اطفالها دون سن المدرسة وتمضى الى عملها وهى مطمئنة وهى الان تستعين بمربية تكلفها الكثير ولن تكون مطمئنة على اطفالها ابدا الى ان تعود. ويقول ايهاب الامين الباحث الاجتماعي ان النزعة الفردية ومسايرة الحياة العصرية على الطريقة الغربية هى التى قضت على نظام الاسرة الممتدة والبيت الكبير الذى كان يلعب دورا اساسيا فى التربية والتوجيه وغرس القيم النبيلة ومكارم الصفات فى نفوس الاجيال، ويعتقد الحاج ذو الستين عاما ان اختفاء الحوش فرضته ظروف اقتصادية موضوعية ويقول وهو يستعيد بعض ملامح حياته فى حوش جده لقد كان ذلك زمنا جميلا لن يتكرر فى ظل التطور العمرانى وتعقيد الحياة الاجتماعية ومفهوم الاسرة الصغيرة التى سحبت البساط من تحت الاسرة الكبيرة ويبتسم وهو يقول الترفيه عندنا كان فى لمة ونسه حول راديو فى ضوء القمره، قبل تدخل الكهرباء ويصبح فى كل غرفة وسائل الترفيه الخاصة بها وعلى الرغم من قناعة كل الذين تحدثنا اليهم بأهمية نظام الاسرة الممتدة والحوش الكبير الا ان الواقع يؤكد استحالة اعادة عقارب الزمن الى الوراء وحتى لونجح ذلك لن يكون الزمان هو الزمان .