ان يصوت ابناء جنوب السودان للانفصال فهذا امر يؤسف له ودليل دامغ علي ادانة النخب الحاكمة في الشمال والجنوب معا ، صحيح ان الجنوب تعرض لاسباب كثيرة اقعدته عن مواكبة التطور الانساني وصحيح ان من اسباب بقاء الجنوب متخلفا ومنغلقا ضعف الحس القومي لدي الذين تولوا حكم الخرطوم منذ الاستقلال باستثناء مايو التي اجتهدت كثيرا بغية تصحيح الاوضاع . من الاهمية بمكان عند التعاطي بشأن جنوب السودان الاشارة الي ان ابناء الجنوب ساهموا في ذلك التخلف من خلال انانيتهم وحرصهم علي تحقيق المكاسب الشخصية والوظائف العليا باسم اهلهم دون ان يقدموا لهم شيئا لتتضاعف المعاناة والاحساس بالتهميش والغبن الاجتماعي في نفوس ابناء جنوب السودان ما يعني التصويت لخيار الانفصال في ظل وصول شخصيات جنوبية بارزة عرفت بتوجهاتها الانفصالية، من حق ابناء الجنوب ان يقولوا كلمتهم ولكن ليس من حق البعض الجزم بان ذهاب الجنوب يعني انفراط عقد البلاد وهذا ادعاء لا يسنده الدليل والمنطق وهو محاولة لبذر الخوف والهلع وسط المواطنين اذا ما صوت ابناء الجنوب للانفصال . هنالك الكثير من البلدان تعرضت للانفصال فلم ينفرط عقدها وحالة الهند التي انشقت عنها الباكستان لننظر لواقعهما الان بعد الانفصال فكيف نقرأ واقعهما الراهن ان الهند اكثر دول العالم قربا من حالة السودان من خلال التعدد الديني والاثني والثقافي ففي الهند يوجد المسلم والهندوسي والسيخي والمسيحي وبرغم ذلك تقدمت بعد انشطار الباكستان والان بعد 50 عاما من الحدث يحقق الاقتصاد الهندي قفزات مهولة في التطور، ان المجتمع الذي كان يميزه الفقر المدقع تحول اكثر من 180 درجة اذ تشير الارقام الصادرة من الجهات البحثية ان الجقري « معامل السكر الصغيرة» وحدها قفزت باقتصاديات الهند لمصاف الاقتصاديات العالمية كما باتت صناعات السيارات ومحطات التوليد الكهربائي علامات هندية بارزة . لقد دفع الانفصال الهنود لتقبل ما تبقي من تباين برغم نزعات المجموعات الاثنية والدينية وسعيها لتغليب معتقداتها علي المجموعات الاخري . سيذهب الجنوب شئنا ام ابينا علينا تقبل الامر الواقع والقفز فوق اتهامات بعضنا البعض بسبب ذهاب الاقليم فالشاهد ان الجنوب وجد لينفصل بسلبيتنا او بارادة ابنائه ورغبتهم في التحرر من مجتمع يأبي النهوض بمفاهيم لا تقرها مواثيق وعهود حقوق الانسان ان من حق ابناء الجنوب ا ن يكونوا مواطنين من الدرجة الاولي في وطن جديد بعد ان فشلوا في تغيير مفاهيم السودان القديم ، سنبارك خيار الجنوب ونأمل دوما في جوار يراعي حقوق الدم والمصاهرة والمصالح المشتركة في وقت باتت ابرز ملامحه التكتلات الاقتصادية الاقليمية وتكامل دول الجوار، ونتمني ان يؤدي الحراك الانساني والميزان التجاري بين البلدين مستقبلا لتقارب جديد . الذين يراهنون علي انهيار البلاد لحظة اعلان استقلال الجنوب يعتقدون ان بذر الخوف سيؤدي الي المزيد من التنازلات التي ترضي ابناء الجنوب حتي يغيروا توجهاتهم الماضية نحو الانفصال وهذا بقي امر غير صحيح فلا اهل الجنوب سيصوتون للوحدة ولا للمؤتمر الوطني ما يعطيه، رفعت الاقلام وجفت الصحف وعلي المرجفين قتل توجساتهم فالسودان خلق ليبقي بتنوعه انفصل الجنوب او بقي ! [email protected]