* فجعت أسرتنا الاسبوع الماضى برحيل الأستاذ المعتق والمربى الجليل ميرغنى حمزة على التلب بعد حياة عامرة بالبر والإحسان والتواصل الجميل مع الأهل والأقارب فى أجمل ملحمة تشهدها العلاقات الإنسانية الحقيقية والصادقة . * شهدت حياة الأستاذ الجليل ميرغنى حمزة سلسلة من العطاء النبيل إذ كان منزله مركزاً للظعن المسافر والمقيم ... يضىء فيه قنديل العيش الرغيد لم تصرم فيه حبال الوصل أبداً بل ظل وحتى لحظة وفاته سلطاناً وحاملاً راية الصدق والحقيقة والعطاء بلا مقابل مثل سحابات اليوم الخريفي النزيف ... * كان الأستاذ ميرغنى حمزة من أبكار خريجي كلية غردون وعمل أستاذاً لمادة الرياضيات بالمدارس الثانوية عندما كان الكتاب المدرسي يحمل بين طياته علماً زاخراً ومعنىً ومادة تشد الطالب وتشحذ ذهنه للتفكير فيستفيق العقل ويشرئب نحو آفاق أرحب تجعل من الكتاب والطالب كوناً واحداً يشع نوراً فى طريق العلم الذى لاساحل له... * كان الأستاذ ميرغنى حمزة نائباً لمدير المعارف لشئون تعليم البنات وفى هذا المجال صب ميرغنى حمزة كل خبرته وعلمه من أجل إمرأة سودانية تغزل وهج الكلم والقلم حياة عامرة تبدأ بفجر جديد فى مسيرة المرأة السودانية التي شقت فى عهد توليه تعليم البنات طريقها نحو المدارس المختلفة تبث وعياً ساطعاً وتحقق أحلاماً لطلباتها ربما كانت قديما من المستحيلات إذ جاءت المرأة المعلمة تنداح كهالة فضية فى ليل الصيف يدفعها الأستاذ ميرغني حمزة عبر دروب العلم لقهر الخوف وللوصول لكل فجاج الأرض ... * كان الأستاذ ميرغنى حمزة سديداً فى رأيه حكيماً وفوق هذا متحدثاً لبقاً يهرع الجميع الى صالونه المفتوح المزهر بعذب النبع عندما ينشر موال معرفة ثرة كغيث يهل على أرض جدباء ... *رحل ميرغني حمزة بعد أن أثرى الحياة العلمية والتربوية ورفدها بالقيم الجمالية وقدم معزوفة جميلة فى زمن كان جميلاً مجلواً كالمرأة إذ حرص على حمل الراية يمددها فى الأفق على راحة الغيم والقمم يحقق الأماني (للمعارف)من موقعه فظهرت بصماته وارفة الحصيد ... *رحم الله الاستاذ ميرغني حمزة على التلب .. الذى عشق مدينته ومسقط رأسه (الكوه) لم يغب عنها أبداً وخصها بحبه سيلاً من مسارب الدماء .. أسكنه الله مع الصديقين والشهداء أعالى الفردوس وأنزل على قبره شآبيب رحمته غيثاً مدراراً كلما أومض البرق فى السماء وارتوت الأرض فى مغارة الظلام والدروب المجهولة ... * همسة:- عند هدأة السحر .... أطل وجهه من خلف الستار ينادى ... دون أن يفيق .... فصفق النهر القديم ... وأعلن إنهيارالزمان ...