طالعنا في الأسبوع الفائت ومن خلال عمودك (الصدى) ما تطرقت إليه ايضاحاً وتمحيصاً، الفقر ومخاطره ومآلاته وعالمه الذي يتحاشى الكثيرون التحدث عنه إما جهلاً أو ترفعاً أو خوفاً، وتذكرت أديبنا الراحل شاعر الفقراء ولسان حالهم الانسان/ صلاح أحمد ابراهيم والذي شاءت الأقدار أن تكون ذكرى رحيله في هذه الأيام. عبرك، ولروحه، وللوطن أرسل هذه المرثية في ذكرى رحيله. المقاطع التي بين قوسين داخل النص هي من بعض ما خطه الأستاذ صلاح له الرحمة وحسن الذكرى ولكم جزيل شكرى. احدى الشموع ومضى بعيداً مثلما عاش بعيدا مضى يرافقه الصباح طاف بالدنيا سريعاً كشعاع خلف سود السحب لاح يحمل الآ مال نورا ينثر النور سخياً في غدو ورواح ثم غاب، حين أوغل في الرواح فلتنوحي يا ديار الناس قد يجدي النواح فالموت أكبر ما يكون والدمع للثكلى متاح قد أضعنا الطيبين في كل الدروب المرهقين من الشعور المثخنين من الجراح لم يبق شيئ غير ما قالوه أو فعلوه في زمن الصلاح فلتنوحي يا شعوب الصمت في الطرقات لا تخافي القهر فالحزن مباح وأطلقيها دمعة حرى سخينة عبرة كانت سجينة، صمتها اليوم عويل وصياح صوتها الحق المبينا جال في عبث المدينة بين صخب وضجيج ونباح ربما يرتاد قلباً حاكماً يضحي حكيما عاشقا للناس صاح ربما يغدو رهينة قيده روح لعينة تنبذ المخلوق طينا ليضيع تذروه الرياح ويلف الصمت أجيالا حزينة ويكون الحاكي والشاكي صلاح عنكم الشاكي وعن كل الرقاب ضيعة المكسو من فقر إهاب عنكم الشاكي إلى التاريخ قانون وغاب عنكم الشاكي صلاح اه لو تدرون شيئاً عن صلاح ذلك الطارق خلف الشمس والإنسان من باب لباب ذلك المملوء عشقاً للتراب كيف غاب عن ديار ملؤها الأحباب والأصحاب كيف يحى ويموت من يعيش على شعاع الشمس في مدن الضباب أعذروه إن عجزنا الغوص في معنى الجواب واعرفوه، هين يهوى الصعاب يوم قال (وطني وجه كثيف في الوجوه) كانت الدنيا خراب (قال هيا إذ تهيأ) غادر الأرض وغاب كانت النفس أبية ذلك الحس المهجر في بلاد الله تشغله قضية رغم حجم الحزن والجدب المعشعش في ثرى الأرض العصية لم يزل ذا الغصن منفعلاً يقاوم في فصول الجدب يخضر نديا لم تزل آمالنا بكرا فتية (خطوها الواثق وقع الجياد العربية) كيف غابت عن عيونك (وانت للنجمة الأولى من العتمة ساهر) كيف غابت عن عيونك رائعات النجم في حلك الدياجر أأردت أن تمضي بعيداً من بعيد مثلما (الطير المهاجر) أم غشاك الموت يستبق الوعيد طارق في البعد زائر لأنك قد عشقت الناس كل الناس لم تؤمن بخارطة المشاعر لانك أنت تهوى الناس كل الناس غائب في ناظريك وحاضر لم تحفل كثيراً أين تدركك المصائر فوداعاً يا ذرا الانسان في قمم الشعور مرهف تمضي ومثلك لا يجئ فرحم الأرض أدركه الفتور عزاؤنا في زمان عز فيه الصبر في القلب الصبور إنك لم تزل فينا قصائد من أمانينا نرددها لتحفظها العصور قد آن أن تعلو فاْعلُ عن حضيض الارض عن هذي الشرور لنراك أروع ما يكون ويكون مأواك الصدور الصادق عيسى عبد الهادي الخرطوم 8/6/2010م