قال سيدنا سلمان الفارسي لسيدنا عمربن الخطاب: نرى ثوبك طويلا سابغا، وكلنا كميش الازار، ما حصل احدنا الا على ملبس قصير، فمن اين لك هذا؟ وأحس سيدنا عمر كأنه متهم باستغلال الحكم فقال: قم يا عبد الله فحدث الناس. وقام عبد الله يقول: إن نصيب ابى من الثياب المفرقة لم يكن يغنيه لأنه رجل طويل، فمنحته نصيبى ليكمل حلته. ٭ تم تشكيل الحكومة بصورة مترهلة تؤكد أن نمط الترضيات سائر «35» وزيرا اتحاديا و «42» وزير دولة و«35» والياً.. كم هائل يرتدف فيه كل مسؤول حاشيته.. إنها ميزانية يدفعها المواطن المغلوب على امره من خلال رسوم وضرائب ومسميات لا حصر لها، وتضيع الشفافية فى خضم لجان تأكل الاخضر واليابس، ويدور المواطن فى دائرة الفقر. دعونا نتأمل المشهد الوزاري الجديد بكل صدق وشفافية.. هل نحن حقاً بحاجة لكل هذا الجيش الجرار من الوزراء؟ وهل فعلاً مشاكلنا تحتاج للكم لا الكيف فى عدد الوزراء.. هذا غير المخصصات الوزارية التى ترصد لهم من رواتب وحوافز معلومة او غير معلومة للجميع.. أليس بالإمكان العمل على خلق التوازن المطلوب بما يخدم مصلحة البلاد والعباد، بدلا من البحث عن ترضيات ربما تساهم فى تعميق أزماتنا اكثر من محاولة ايجاد الحلول لها.. انها جيوش جرارة من الوزراء.. واخشى ان نصل مرحلة وزير لكل مواطن.. إن التشكيل الوزاري خيب ظن البعض، فكان قاصم ظهر، ومع هذا علينا ان نتفاءل خيراً عسى ان نجده ونتمسك بشعرة معاوية الى حين. ٭ بما أن هذه الحكومة اطلقت على نفسها صفة الانتخاب، فقد كان يحب ان يحدث ابراء ذمة لتلافى تفشى الفساد واسقاط مفهموم ان السلطة هى وسيلة للثراء.. ولكن وللأسف الشديد فإن الوزراء الجدد اعنى الوجوة الجديدة وحتى القديمة، كان عليهم ابراء ذمتهم لنعرف ماذا كانوا يمتلكون قبل وبعد السلطة، وكيف يتم ذلك ونحن فى بلد تم فيه تغييب بند المساءلة، بل تم اسقاط عبارة من أين لك هذا؟ من قاموسنا السياسي.. فرغم وجود القوانين الا انها غير قابلة للتفعيل.. لا ادري لماذا؟ فقط علينا احتمال الاخطاء التى ترتكب، وعلينا قبول المبررات دون مناقشة أو نقد للسياسة المتبعة، لأن ذلك قد يفتح ابواب جهنم. ٭ وبعد أن كان الهمس سراً أصبح جهراً، والاتهام قائم بأن المسؤول لا تكفيه عربة واحدة، وفى مقولة أخرى ولا استثمار واحد، بل هو يحب التعددية ويطبقها فى حياته الا التعددية السياسية. ٭ نحن فى حاجة إلى ادارة للاحصاء خاصة بالمسؤولين لتحصى لنا صرفهم ومخصصاتهم، والمراجع العام يكشف لنا الميزانية التى يتم صرفها فيها، وفى اعتقادي هى كافية لإعمار الهامش وسد الفجوات الاقتصادية وحل القضايا الاجتماعية التى اصبحت تؤرق مجتمعنا. ٭ كان المواطن يمني نفسه بعيشة «هنية ورضية» وهو يستمع للمسؤولين وهم يتحدثون عن إنجازاتهم فى استخراج «البترول والذهب»، ولكن ازدادت حياته سوادا باستخراج البترول، واختفى البريق حتى ولو كان زائفا باستخراج الذهب، فحتى شرف المعاناة سلب، ومثل ما يقولون «رضينا بالهم والهم ما راضى بينا» ٭ هذا الواقع المتدهور يجعلنى اتساءل ماذا تعنى السلطة لساستنا؟ ولماذ تفتنهم ؟ ولماذا يهرولون نحوها متناسين انها مسؤولية كبرى وامانة تنوء عن حملها الجبال «فالطفل الذى يموت بسبب العجز عن شراء دواء، والمرأة التى تبحث عن ما يقي اسرتها ذل السؤال دون أن تجد معيناً، والذى وقع عليه الظلم بالتشريد من عمله عبر الفصل التعسفى والتماطل فى منحه حتى حقوقه ..وو.. وو» هم مسؤولون عن ذلك بل وأكثر. ٭ فالحكم مسؤولية وليس وسيلة يتم عبرها الاغتناء حد الثراء الفاحش، مع افتقاد مبدأ المساءلة «فالخليفة فى المدينةالمنورة يقول لو عثرت بغلة فى العراق لحسبت عمرا مسؤولا عنها لم لم يسوِ لها الطريق». والآن غابت المسؤولية وتلاشت مفاهيمها. ٭ تمنيت أن تفعَّل كافة قوانين الثراء الحرام ومن أين لك هذا؟ ويُسأل المسؤولون من القمة وحتى القاعدة حيث المحليات دون استثناء، فنحن أولى بأن نكون قدوة فى ذلك، وألا تدهشنا او تستوقفنا بعض المواقف فى عالم السياسة والسلطة، ولكن ما يحدث أنها تسوقفنا ٭ قرأت قبل فترة عن الرئيس الاسبق للولايات المتحدةالامريكية جون كنيدى، أن صحافياً سأله هل رحلة زوجتك الى اوربا على نفقتك الخاصة ام من مال الدولة؟ وقد يرى البعض ان الصحفى تطاول وان الرئيس اعتبره نوعاً من التجاوز، وآخرون يرونه مساساً بهيبة الدولة و..و..و..و الخ.. ولكن اجاب الرئيس كنيدى بأريحية تامة على السؤال، وادعكم تقارنون.. فأين نحن؟.. ومتى نخرج من دائرة التطبيل والنفاق الى ساحات المحاسبة والسؤال باعتبار لا كبير على الحق. ٭ وتذكرت بعض العبارات لمحمد الغزالى: الحكم مسؤولية مؤرقة.. وهى التى جعلت الخليفة فى المدينة مسؤولاً عن بغلة فى العراق ثم جاء من رأى الحكم غنيمة تكثر فيها الأرزاق كما حكوا عن هارون الرشيد أنه رأى غيمة مارة فقال لها: أمطري حيث شئت فسيأتينى خراجك ! ثم جاء عهد آخرون يرفلون فى النسيج الغالي ويتطلعون الى ما هو أنعم كما قال أبو الطيب فى احدهم: يستخشن الخزَّ حين يلبسه وكأنه يبرى بظفره القلم والويل لأمة يكون الحكم فيها شهوة مريض بجنون العظمة، أو شهوة مسعور باقتناء المال..!! وقد قيل سابقاً «إن الله ينصر دولة العدل ولو كانت كافرة».