يأبى المؤتمر الوطني إلا أن يملأ الدنيا ضجيجاً وعويلاً ليخرج لنا بوثيقته الخطيرة التي تؤكد طلب الحزب الاتحادي الديمقراطي للمشاركة في الحكومة الجديدة..!! وكأنّ الأمر فضيحة وذنب عظيم..!! فما الذي يرمي إليه المؤتمر الوطني وهو يُبْرز هذه الوثيقة العجيبة بعد أن انتهى من تشكيل حكومته؟! فإن كان يريد أن يفضح الحزب الاتحادي الديمقراطي بتلك الوثيقة، فقد أخفق إخفاقاً عظيماً في تحقيق هدفه هذا..!! فحتى لو ظهر مولانا محمد عثمان الميرغني على شاشة تلفزيون السودان وقال لنا بأعلى صوته: إنّ حزبه يريد المشاركة في الحكومة الجديدة، فإنّ ذلك لن يُنقِصَ من قدر مولانا شيئاً..!! فالميرغني مواطن سوداني والحزب الاتحادي الديمقراطي حزب سوداني أصيل ويحقُّ له دستورياً وقانونياً أن يشارك في الحكومة..!! فليس في الأمر بدعة..!! والمعارضة في كل دول العالم المتحضرة تشارك في الحكومة..!! أم نسينا مشاركة الديمقراطيين الأحرار للمحافظين في تشكيل حكومة بريطانيا أخيراً..؟! ثمّ ما هي الفائدة السياسية التي سيجنيها المؤتمر الوطني من إثارته لأمر هذه الوثيقة، بعد أن تمّ تشكيل الحكومة وأداء الوزراء للقسم..؟! إن الأمر لا يعدو أن يكون سوى زوبعة في فنجان، لا معنى لها..!! والمؤتمر الوطني يُناقض نفسه ويفضحها شرَّ فضيحة بكشفه عن تلك الوثيقة العجيبة..!! فإن كان صادقاً في دعوته لتشكيل حكومة ذات قاعدة عريضة، فما الذي يمنعه من قَبول طلب الحزب الاتحادي الذي قدّمه للمشاركة..؟! أما كان أفضل للمؤتمر الوطني أن يقبل ذلك الطلب المزعوم ويُشرك الحزب الاتحادي في الحكومة العريضة التي يسعى لتشكيلها، بدلاً من استغلال ذلك الطلب في حربٍ ابتزازية لا طائل من ورائها..؟! أم أن القاعدة العريضة التي يريدها المؤتمر الوطني هي قاعدة شعبية لكافة المواطنين وليست لحزب بعينه..؟! وإن كان الأمر كذلك فإنني وبكامل قواي العقلية والجسدية اتقدم بطلبي للسيد رئيس الجمهورية المنتخب..!! وأرجو منه أن يعينني وزيراً للدولة بوزارة المالية والاقتصاد الوطني..!! واعتقد أنني مؤهل لذلك المنصب الحساس..!! ولا أخجل من ذلك، فأنا أريد المشاركة في حكومة السودان وليس حكومة إسرائيل..!! ثمّ إنني لست أفضل من الدكتور جون قرنق الذي قاتل هذه الحكومة لمدة ست عشرة سنة ثم شارك فيها بعد ذلك..!! المؤتمر الوطني لا يريد قاعدة عريضة ولا طويلة كما يدعي..!! وإنما أطلق دعوته تلك لتهدئة الجماهير الغاضبة من نتيجة الانتخابات التي فاز بمقاعدها لوحده..!! ولا أحد من الأحزاب يريد المشاركة في هذه الحكومة ليتورط في مشاكل لا حصر لها، بدءاً من الاستفتاء وانتهاءً بمشاكل لا نستطيع قولها احتراماً للسيادة الوطنية..!! فهذه السياسات الفاشلة التي ظلَّ المؤتمر الوطني يمارسها لعقدين من الزمان أصبحت مكشوفة للجميع، ولن تخدم المؤتمر الوطني في شيء، وليس أمامه سوى أن يواصل في تشبثه بالسلطة ويعض عليها جيداً..!! ولينتبه لحل مشكلاته المتزايدة..!! وليترك الأحزاب في مقاطعتها للمشاركة..!!