مر الشهر الثالث والعاملون بمياه المدن بكوستي لم يصرفوا رواتبهم، وقبل يوم واحد من دخولهم في إضراب مفتوح غادر مساعد المدير العام للمياه بالولاية إلى الخرطوم، بل وقيل إلى القاهرة، وعندما عاد رحمة كانت الأزمة التي كاد أن يتسبب في انفجارها قد حلت بشكل جزئي، ورغم أن العاملين في بعض الأقسام صرفوا مرتب شهرين إلا أن الكثير من القضايا ظلت عالقة منذ العام 2004م، وقد واجهت مياه المدن، بسبب سوء الإدارة، قضايا أمام المحاكم صدرت فيها احكام لصالح المتضرريين من انفجارات خطوط المياه وبقائها دون اصلاح لعدة سنوات، وقد بلغت التعويضات التي دفعت للمتضرريين في مجملها حوالي 100 مليون جنيه قديم، ورغم أن بوادر الاصلاح بدأت تلوح الآن منذ أن تسلم وزير التخطيط العمراني الطيب الجزار منصبه، ومنذ أن تم تعيين الصادق تحاميد مديرا عاما لمياه الشرب بالولاية اذ اتخذت الكثير من القرارات التي تصب في مصلحة العمال وترقية الاداء، إلا إن الاصلاح الذي بدأ بصرف راتب شهرين والاتفاق على جدولة المستحقات فرض جملة من الأسئلة اهمها يتمحور حول من اين تم صرف الرواتب إذا كان مساعد المدير العام دائم الاعتذار للعمال بان الخزينة فارغة؟، الشئ الذي ينبغي أن يعترف به الجميع أن هنالك خللاً كبيراً ليس على مستوى إدارة مياه المدن وحسب، بل على مستوى الإدارة العامة لمياه الشرب نتج عنها التخبط والعشوائية الراهنة في اتخاذ القرار ووضع الاشخاص غير المناسبين في مواقع حساسة للغاية والشلليات والصراعات ومابات يعرف مؤخرا ب(تشفير الموية) لصالح اشخاص بعينهم، ورغم أن تعيين الطيب الجزار والصادق تحاميد كل في موقعه لاقي قبولا وارتياحا وسط العمال، إلا أن الشعور بالارتياح يبقى نسبياً، وتبقى الخطوة المهمة الآن إعادة بناء الثقة بين العمال ووزير التخطيط العمراني والمدير العام لمياه الشرب وهذا يحتاج لزيارات ميدانية مفاجئة لمواقع العمل لان ذلك يكسب العمال والموظفين الاحساس بقيمتهم وبقربهم من مركز اتخاذ القرارات المصيرية والحيوية، بالإضافة لاعادة النظر في الهيكل الوظيفي المترهل ومراجعة اوجه الصرف وتحديد منافذ لشراء الاسبيرات ومراجعة كل العقودات التي أبرمت سابقا خاصة عقد شركة التحصيل التي تعمل الآن، ورغم ثقتنا في وزير التخطيط العمراني والمدير العام لمياه الشرب لما يمتازان به من صفات حميدة ومناصرتهما لقضايا العمال وما ابدياه من نوايا حسنة تجاه الحقوق، إلا أن هذا لايمنعنا بالضرورة من ابداء الرأي في نقطة تشكل الخطوة الأولى في الاتجاه الصحيح لأية حلول مستقبلية وهي مساءلة مساعد المدير العام رحمة الامام عن اسباب مغادرته الولاية في وقت كادت فيه الاوضاع أن تنفجر في مياه المدن فربما يرحمه الله بإجابة مقنعة حينها، على الأقل بالنسبة له شخصياً..! راشد أوشي