طرائف بعض حكام إفريقيا تندرج تحت باب «شر البلية ما يضحك»، فبعض هؤلاء الحكام أمثال جان فيدل بوكاسا حاكم إفريقيا الوسطى ورئيسها ثم خليفة المسلمين فيها لفترة بعد إسلامه على يد القذافي، ثم ما لبث أن ارتد عن الإسلام ونصب نفسه إمبراطوراً على تلك الدولة الفقيرة التي تجاورنا. أمثال هذا الحاكم المخبول كثيرون، ومنهم على سبيل المثال الحاج الدكتور الفيلد مارشال عيدي أمين دادا قاهر الأمبراطورية البريطانية والرئيس السابق لجارتنا أوغندا، وكذلك جوزيف موبوتو الذي غير اسمه فيما بعد إلى موبوتو سيسي سيكو، وهو أيضاً كان يرأس دولة مجاورة لنا هي الكونغو، وقد غير اسمها في أواخر أيام حكمه إلى زائير. صاحبنا بوكاسا هذا كان جاويشاً في ما يعرف بالكتيبة السوداء في الجيش الفرنسي، وخاض حروبها في الهند الصينية لينتهي به المقام رئيساً لبلاده. حدثني والدي- عليه رحمة الله- وكان يرافق الرئيس بوكاسا في إحدى زياراته للسودان أواخر الستينيات، فأقام له الرئيس إسماعيل الأزهري رئيس مجلس السيادة وقتها حفل مرطبات بحدائق القصر الجمهوري، وتصادف أن قُدم له في بداية الحفل كوباً كبيراً من عصير المانجو البارد الشهي. راح الرئيس بوكاسا يشرب العصير وهو يمصه مصاً محدثاً صفيراً بفمه مع كل رشفة يرشفها من العصير وهو متلذذ به، والكل محرج من هذا التصرف الذي لا يليق بالشخص العادي ناهيك عن رأس دولة. وعندما فرغ كوبه من العصير راح «يتم الناقصة» فتجشأ بصوت عال وهو يقول بإنجليزية ركيكة «It finished so quickly» ومعناها بالبلدي «إن العصير اللذيذ كِمل بي سرعة»، فوجدها الحضور فرصة لينفجر ضحكهم المكتوم الذي حبسوه في دواخلهم وطلب الرئيس أزهري من عمال المراسم ان يحضروا «جكاً» كاملاً من عصير المانجو للرئيس بوكاسا الذي راح يرشفه بذات الطريقة العجيبة..!! طرفة أخرى عن بوكاسا حكاها مولانا أبيل ألير فى واحد من كتبه عندما كان في معية الرئيس الراحل نميري في زيارة لإفريقيا الوسطى على عهد بوكاسا. روى مولانا أبيل أن وفدهم بقيادة نميري وفي معيتهم بوكاسا راحوا يطوفون على غابات ذلك البلد. وفي بقعة معينة وسط الأشجار الإستوائية والجبال طلب بوكاسا توقف الموكب وطلب منهم جميعاً النزول فقد كانت تلك البقعة تضم قبر والد الرئيس بوكاسا الذي توفي قبل نصف قرن. ارتمى بوكاسا على قبر أبيه وراح يجهش بالبكاء، مما اضطر الرئيس نميري ونائبه مولانا أبيل والوفد السوداني بأكمله أن يجاملوا الرجل وراحوا جميعهم يجهشون معه بالبكاء ترحماً على أبيه الذي مات قبل نصف قرن..!! حكام إفريقيا.. يا لهم من حكام.