وزارة الخارجية القطرية: نعرب عن قلقنا البالغ من زيادة التصعيد في محيط مدينة الفاشر    ياسر عبدالرحمن العطا: يجب مواجهة طموحات دول الشر والمرتزقة العرب في الشتات – شاهد الفيديو    الإمارات وأوكرانيا تنجزان مفاوضات اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة    المؤسس.. وقرار اكتشاف واستخراج الثروة المعدنية    حقائق كاشفة عن السلوك الإيراني!    البيان الختامي لملتقى البركل لتحالف حماية دارفور    الداخلية السودانية: سيذهب فريق مكون من المرور للنيجر لاستعادة هذه المسروقات    مدير شرطة ولاية النيل الأبيض يتفقد شرطة محلية كوستي والقسم الأوسط    تعلية خزان الرصيرص 2013م وإسقاط الإنقاذ 2019م وإخلاء وتهجير شعب الجزيرة 2024م    تدرب على فترتين..المريخ يرفع من نسق تحضيراته بمعسكر الإسماعيلية    الزمالك يسحق دريمز في عقر داره ويصعد لنهائي الكونفيدرالية    سان جرمان بطلا للدوري الفرنسي.. وعينه على الثلاثية    أرسنال يحسم الديربي بثلاثية    إيران تحظر بث مسلسل "الحشاشين" المصري    شاهد بالفيديو.. سائق "حافلة" مواصلات سوداني في مصر يطرب مواطنيه الركاب بأحد شوارع القاهرة على أنغام أغنيات (الزنق والهجيج) السودانية ومتابعون: (كدة أوفر شديد والله)    السودان..توجيه للبرهان بشأن دول الجوار    شاهد بالصورة والفيديو.. طلاب كلية الطب بجامعة مأمون حميدة في تنزانيا يتخرجون على أنغام الإنشاد الترند (براؤون يا رسول الله)    شاهد بالفيديو.. الفنانة ندى القلعة تواصل دعمها للجيش وتحمس الجنود بأغنية جديدة (أمن يا جن) وجمهورها يشيد ويتغزل: (سيدة الغناء ومطربة الوطن الأولى بدون منازع)    شاهد بالصور.. بالفستان الأحمر.. الحسناء السودانية تسابيح دياب تخطف الأضواء على مواقع التواصل بإطلالة مثيرة ومتابعون: (هندية في شكل سودانية وصبجة السرور)    جبريل إبراهيم يقود وفد السودان إلى السعودية    تجارة المعاداة للسامية    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الأحد    يس علي يس يكتب: روابط الهلال.. بيضو وإنتو ساكتين..!!    رئيس حزب الأمة السوداني يعلق على خطوة موسى هلال    سرقة أمتعة عضو في «الكونجرس»    بايدن منتقداً ترامب في خطاب عشاء مراسلي البيت الأبيض: «غير ناضج»    تدمير دبابة "ميركافا" الإسرائيلية بتدريب لجيش مصر.. رسالة أم تهديد؟    دبابيس ودالشريف    حسين خوجلي يكتب: البرهان والعودة إلى الخرطوم    بمشاركة طبنحة و التوزة...المريخ يستأنف تحضيراته    شاهد بالصورة.. بعد أن احتلت أغنية "وليد من الشكرية" المركز 35 ضمن أفضل 50 أغنية عربية.. بوادر خلاف بين الفنانة إيمان الشريف والشاعر أحمد كوستي بسبب تعمد الأخير تجاهل المطربة    قوة المرور السريع بقطاع دورديب بالتعاون مع أهالي المنطقة ترقع الحفرة بالطريق الرئيسي والتي تعتبر مهدداً للسلامة المرورية    السينما السودانية تسعى إلى لفت الأنظار للحرب المنسية    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    سوق العبيد الرقمية!    أمس حبيت راسك!    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    لطرد التابعة والعين.. جزائريون يُعلقون تمائم التفيفرة والحلتيت    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    الملك سلمان يغادر المستشفى    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حل النزاعات .. والديمقراطية التوافقية
بقاء السودان الموحد محكوم بأستيعاب أشكال النزاعات بالسودان ومسبباتها (22)

- محاضرة قدمناها باللغة الانجليزية بموجب دعوة من جامعة بحر الغزال، والحضور معظمهم من أساتذة الجامعة بما فيهم السيد مدير الجامعة والدكتور الفريق كمال على صالح الذي ادار الجلسة .
الثقافي : -
هذا النوع مرتبط بالتوجه الثقافي ، الديني، الاوحادي، وأخضاعه أو إهمالة للثقافات الاخرى. وأن الهيمنة الثقافية الناتجة عن ذلك ارتبطت ارتباطاً عضويا بأستغلال النخبة لدين الاغلبية لتصعيد ذاتها واحتكار القرارات السياسية والاقتصادية مما مكنها من فرض هيمنتها الثقافية. ساعد في ذلك استغلال أجهزة الدولة لفرض توجهها الثقافي والديني على حساب التراث الثقافي للمجموعات ذات الاصول الفريقية والغير مسلمة. كما ان فشل بعض السياسات الاقتصادية وحالة العوز الغذائي المرتبطة بذلك والذي تعاني منه الى حد كبيرالمجموعات ذات الاصول الافريقية وخاصة الغير مسلمة في اطراف المدن ، عمق من حدة هذا الشكل .
فبنظرة عميقة لمجموعات النازحين ، نجد ان النازحين بالريف، وكما قال الاستاذ اتيم قرنق، هم احسن حالاً من النازحين باطراف المدن ، مما جعل المجموعة الاخيرة أكثر امتعاضاً ورفضاً لفكرة الوحدة .
لتجاوز ذلك أقترح الاستاذ اتيم قرنق ضرورة اشراك بعض الكفاءات من هذه المجموعات في وسائل الاعلام القومية على أساس تكافل الفرص والتميز الايجابي . اضافة لذلك نرى من المهم تنشيط منظمات المجتمع المدني بشراكة بين الشباب من الاصول الثقافية المختلفة في تقديم الخدمات للنازحين خاصة الغذاء والعلاج بدلا عن الاجانب ، وعلى ان يتم تحفيز هؤلاء الشباب واعطائهم الاسبقية في مجالات التوظيف المختلفة بأعتبارهم ساهموا في خدمة العلم (The Flag). كما من المهم ايضا أن تتضمن مناهج التعليم على مقررات ثقافية و ليالي سمر مدرسية تتكامل فيها الثقافات وتعمل على نشر ثقافة التسامح واحترام حقوق الانسان ، ومحاربة ثقافة العنف والتمييز بكل اشكاله . كما لابد من تنشيط فرق الفولكلور الشعبي التي تجمع بين كل الثقافات وتقديمها في برامج مشتركة في وسائل الاعلام المختلفة. ان المشهد الجميل الذي قدمته هذه الفرق في المجلس الوطنى مؤخراً، كان محل أعجاب من كل الزوارالاجانب للوطن الذين اعجبوا بالتنوع الثقافي السوداني. من المهم ان تطوف هذه الفرق الشعبية كل ارجاء الوطن . وفي نفس الاتجاه لابد من تنشيط الدورات الرياضية والثقافية و المدرسية وتبادل الزيارات المدرسية بين المدارس المنتشرة في انحاء القطر.
- الهوية :
من أهم عناصر هذا الشكل من اشكال النزاع ،وكما نشاهدها الان يتمثل في التنافس الاثنى والديني والقبلي واللغوي للوصول للسلطة السياسية والاقتصادية وتحقيق العدل الاجتماعي . من المهم ان ندرك ان السودان لم يتكون بعد كدولة أمه Nation State)) بل ما زال مجموعة قوميات (State of Nations ).
ان الامانة الوطنية تتطلب ان نقولها بكل صدق وصراحة ان النتائج الملموسة للصراعات الاثنية وصراعات الهوية في اي مكان هي تدمير فرص بناء الامة ان لم تعالج ديمقراطياً ، ونكررلايوجد بلد على الارض يتحمل بذخ اطلاق عنان هذا الشكل من النزاعات أو اهماله بعدم التصدي ديمقراطيا لاسبابه المكانية والزمانية أو باتباع سياسات الاقصاء والقمع ضد الاخرين ان بقاء السودان كدولة موحده يتطلب منا التمسك بسودانيتنا على نهج الشهيد القائد على عبداللطيف والذي أصر وهو تحت التعذيب على ترديد كلمة « أنا سوداني ، بدلاً عن الاستجابة لضغط الاجنبي له بأن يقول انا قبيلتي هي الدينكا. ان الاصرار على كلمة انا سوداني تعكس النضوج الفكري والانتماء الحقيقي للوطن الواحد من قادة ثورة عام 1924م. عليه علينا ان نأطر في المقام الاول لهويتنا كسودانين، مع احترامنا لاي انتماءات أخرى، وذلك من خلال معالجة حدة التنافس الاثنى والديني والقبلي واللغوي للوصول للسلطة السياسية والاقتصادية، برسم السياسات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية السليمة التي يتوافق عليها الجميع . كما هنالك حوجة ماسة لقانون خاص بالعاصمة الوطنية ، وحتى يجد فيها كل سكانها باختلاف ثقافاتهم ومعتقداتهم ،مكانا ًيليق بهم جميعا لتكون الوحدة المبنية على السودانية وحدة جاذبة .
جزئيات اشكال النزاع:
- من الممكن تقسيم ( Subdivide ) الاشكال أعلاه من النزاع على النحو التالي :
1- النزاعات الحدودية في الدولة الوطنية ودول الجوار :-
ونجدها بدارفور و جنوب كردفان، بحر الغزال ، والاستوائية ، وأعالي النيل والنيل الازرق، ومناطق الشرق، وبين الشمال والجنوب، وعلى مستوى أوسع بين السودان وجيرانه . يتطلب التصدي لها جهداً وطنيا داخلياً من كل القوى السياسية وجهداً دبلوماسيا خارجيا .
2-النزاعات والمركز السياسي :
تجاوز هذا النوع الفضاء الجغرافي Geographical Space) )، لمجالات سياسية واقتصادية أوسع. فالمناطق المهمشة خاصة بدارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق ومناطق الشرق والجنوب، تنظر الى النزاع بين الاطراف والمركز شمالاً، بأعتباره صراعاً مع المركز السياسي وليس المركز الجغرافي .
فالكل يعلم ان العديد من أهلنا من الريف سكنوا جغرافيا ببعض المدن التي تمثل في نظرهم المركز شمالاً، ولكن معاناتهم الاساسية والمستمرة أرتبطت بهيمنة بعض الفئات على المركز سياسياً واقتصادياً وتبنيها للسياسات والقوانين التي استهدفتهم وأضرت بهم وعمقت تهميشهم. فبزيارة بسيطة لسجن كوبر، وسجن ام درمان تتكشف لنا بوضوح مدى معاناة هذه الجماعات المهمشة التي هي ضحية لظروف المعيشة القاسية وضرورة صراعهم للبقاء على الرغم من الظلم والاستبداد والقوانين الجائره السائدة بالمركز السياسي وليس المركز الجغرافي .
نود ان نلفت النظر بأن المركز من الممكن ان يكون غير ثابت (Non Static )، ومن الممكن ان يتكرر انتاجه كصورة طبق الاصل (Replicate ) بالاطراف بكل تشوهاته ان لم يتعامل القائمون على أمرالمركز الجديد على اساس العلاقة بين البشروليس العلاقة بين الاشياء .(Relation between people and not between things)
اذا ، القول بان انفصال اي جزء من السودان سيحل مشكلاته ، قولا خاطئا ًاذ ان المشاكل مشتركة على كل من المستويين الكبير والصغير( Macro and Micro)، مما يسهل حلها بتضافر الجهود على اسس توافقية وليست توفيقية ، في اطار السودان الموحد ذو الموارد الاوسع بمفهوم راس المال الفكري ، والعضوي ،والروحي ، والانساني والاجتماعي .
(Intellectual, Capital, Physical Capital, Spiritual, Capital, Human and Social Capital). نود ان نلفت الانتباه الى ان مفهوم رأس المال الروحي بالتحديد يعني العدالة والمساواة وليس له اي مدلول ديني .
3- النزاع الجيوسياسي :
وجب علينا ايضا ان نذكر بان بعض النزاعات بين الاقاليم المتداخلة مرتبطة بهذا النوع والتي من اهمها النزاع بين الرعاه وصغار المزارعين من جهة ، والزراعة الالية والمروية من جهة أخرى . كذلك النزاع بين البدو السيارة من اقليم لاقليم والمجالس المحلية المتداخلة التي تفرض عليهم ضرائب مزدوجة(Double or dual taxation). نشير هنا بالتحديد لقبائل رفاعة الهوج ورفاعة الشرق في رحلتها الموسمية جنوباً و شمالاً وقبائل البقاره والدنيكا ومجموعات المابان . لتفادي المشاكل المترتبة عن ذلك ، لابد من رسم خرائط استثمارية للارض مع ضرورة الحد من التمدد الغير مسئول للزراعة الالية على حساب الرعاة وصغار المزارعين. كما من المهم عقد مجالس دورية للتشاور بين هذه المجموعات تحت الاشراف الحكومي والزعامات القبلية. تتطلب الحلول ايضا الغاء الازدواجية الضرائبية والتي تم القاءها رسميا ، لكن للاسف لم تتقيد بها الولايات المتاخمة بل تم التحايل عليها بحجة فرض رسوم مالية على تحسين المراعى . هنالك مشكلة أخرى مرتبطة بنزوح بعض القبائل الغير سودانية، ذات الطابع الشرس، بحيواناتها نسبة للجفاف الذي ضرب بعض دول الجوار وتعديها على اراضي القبائل السودانية الموروثة تاريخيا، خاصة في ولايتي النيل الازرق وسنار. ونحذر من خطورة هذا الوضع .
- عليه نقترح ضرورة وضع خطط للتنمية الريفية المتكاملة في اطار خطط للتنمية الاقليمية تتكامل فيها الاقاليم في داخلها وفي ما بينها.
( Intra and Inter) كما لابد من وضع التدابير لمعالجة التداخل بين الفضاءات الاقتصادية والجغرافيه، (Economic and Geographical Spaces ).
من خلال الخطط الاقليمية التي تتجاوز النظرة الجغرافية الضيقة للنظرة الاقتصادية الأوسع.
4- نزاعات الأثنيات والأقليات :
قناعتنا ان كلمة أقلية كلمة جارحة لأنها حقيقة ترمز لمن هو أقل أهمية، ولا نرى ان هناك من هو أقل أو أكثر من الآخر أهمية أو مواطنة، كما يقول الراحل الدكتور جون قرنق دي مابيور: (No one is a minority or a majority of any body).
النظرة السليمة ان هنالك مصالح متداخلة بين ما هو مٌستغِل وما هو مٌسَغَل نتج عنها تهميش لقطاعات واسعة على مستوى التوزيع والملكية. وبالتالي أصبحت الجماعات المهمشة والتي أكثرعددية وأقل تمكينا Less Endowed)) واقل استحقاقا ( Less entitled ) كما يقول البروفسير من الاصل الهندي امارتا سن الحائز على جائزة نوبل في الاقتصاد. أدى ضعف التمكين والاستحقاق لهذه الجماعات إلى إضعاف قدراتهم التنظيمية وبالتالي كان ومازال صوتهم غير مسموع ولا مشاركة فعلية لهم في القرارات. وأعتبرتهم الفئات المهيمنة على المركز عديمي القيمة بحسبان قوتهم الاقتصادية والتنظيمية الضعيفة .
- نحذر من الخطأ في النظر اليهم بالمنظار الأثنى الضيق عندما يرفعون اصواتهم مطالبين بحقوقهم كمهمشين. ان النظرة العلمية التي تساعدنا في الخروج من الاثنية هي اعتبار الاغلبية بالسودان هم المسحوقين الذين لابد من علاج قضاياهم بصورة علمية بالتصدي المسؤول لاسباب تهميشهم، ونشيد هنا بتجربة مدارس شيخ لطفى، وكلية الاحفاد باستيعابهم لمجموعات من ابناء وبنات الاثنيات المختلفة وذوي الدخول الدنيا للوصول للتعليم بأرخص السبل، كما نقترح على المسئولين أعادة تجربة مدارس كحنتوب ، ورومبيك والوادي وطقت في عواصم المديريات، على ان يتم استيعاب المتفوقين من خلفيات اثنية ومناطق مختلفة ليتعايشوا مع بعضهم البعض في الداخليات بهذه المدارس ، مما يساعد في التقارب بين طلائع الاثنيات المختلفة المكونة للسودان .
5- الالزام الديني : ( Religious Assertion )
- يتمثل في فرض توجه ديني محدد للدولة مما يكسبها طابع الدولة الدينية والذي ربما يؤدي في أغلب الحالات لزرع ثقافة العنف الملازمة للتمييز الديني و المؤدية للقمع المنظم و للتجاوزات في حقوق الانسان ، خاصة تقييد الحريات الدينية. يجب ان ندرك ان بالسودان أكثر من 570 قبيلة وربع لغات افريقيا، وبه كل الديانات السماوية مع بعض الديانات الافريقية. لذلك لا يمكن فرض نهج واحد إلا بالقوة، والقوة نتائجها محدودة كما تشاهده في أغلب الدول .
- ان مفهوم الالزام الديني بالسودان ارتبط بالنظرة للحكم لمفهوم الاغلبية على اساس ديني وعلى اساس تقسيم السودان لجنوب وشمال . أن كلا المفهومين لا يعكسان واقع السودان التعددي المعقد ، كما ان تقسيم السودان بالتحديد لشمال وجنوب فيه اساءة للاغلبية المهمشة . في نظرنا بالسودان هنالك شمالان كما يقول الدكتور شريف حرير في اجتماع تفاكري بفلتو بالمانيا عام 2002 : شمال جغرافي وشمال سياسي، الشمال السياسي - يرمز للسلطة بالمركز/ الخرطوم. ان هذا الفهم سيساعدنا على الخروج من الاثنية كما ذكرنا سابقا، فالشمال الجغرافي لا يسبب مشكلة ولكن الشمال السياسي الذي ارتبط بمصالح النخبة هو المشكلة الحقيقية .
ان الاغلبية كما ذكرنا سابقاً هم المهمشون . لكن الذي حصل هو استغلال هذه الاغلبية ان كان في تجنيدها قسراً في الحرب أو استغلال قوة عملها كعمالة رخيصة في نشاطات متعددة أو بخلق الصراعات بينها لاضعافها وبالتالي الهيمنة عليها. لا أحد منا ينكر اهمية دور الدين في المجتمع ، ولكن استغلال الدين في السياسة مسألة في غاية الخطورة في بلد كالسودان .
لذلك نقترح على المسئولين عقد مؤتمر تشاوري لرجال الدين الاسلامي والمسيحي وقيادات الاديان الافريقية، لوضع تصور مقبول للجميع للتآخى الديني ، ليفوت الفرصة على الذين يستهدفون السودان .
6- حق تقرير المصير :
هناك خطأ شائعاً في فهم هذا المبدأ. فحقيقة حق تقرير المصير لا يعني بالضرورة المطالبة بالانفصال، فهو يتراوح بين الحكم الذاتي الاقليمي والفدرالي والكونفدرالي وفي الحالة القصوي الانفصال . وعلى ارض الواقع ، رفعت هذا المطلب مجموعات جنوب السودان . اما جبال النوبة وجنوب النيل الازرق فطالبت بالمشورة الشعبية كأساس للتجانس فيما بينها، وبينها وبين المركز على اسس عادلة . الهم الاساسي لهذه المجموعات هو اكتساب الحياة الامنة والمشاركة الفاعلة في السلطة السياسية والاقتصادية وانهاء العنف ضدهم وانهاء الاستغلال الاقتصادي لجماعاتهم وسياسة التهميش الثقافي .هذه مسائل من الممكن علاجها اذا صفيت الضمائر.
اعتقادي الجازم ان للجنوب خصوصية تختلف عن جبال النوبة وجنوب النيل الازرق ، ولكن هذا لا يعني عدم امكانية ان تذوب هذه الخصوصية في اطار السودان الموحد المتوافق عليه . في تقديري الشخصي ان الوضع الحالي بالجنوب والشمال يتميز بنظامي حكم في دولة موحدة. كل الذي مطلوب هو تقنيين هذا الوضع: النظام الفدرالي لن يرضى الاخوة الجنوبيين، لكن النظام الكونفدرالي في اطار الدولة الموحدة بين وحدتين متكافئتين (Symmetrical)هو انسب الحلول، وذلك بشرط ايجاد صيغة دستوريه، يرضاها الجميع للعاصمة القومية ، كما ذكر بروفسير على المزروعي وبروفسير بيتر وودورد.
* اقترح على المسئولين البحث الجاد في امكانية تطبيق النظام الكونفدرالي بين الشمال والجنوب على النمط السويسري، بالاستفادة من الخبرات المحلية والاقليمية والدولية . علماً بان لوزارة الحكم الاتحادي زخيرة من المعلومات حول التجربة السويسرية من خلال ورش العمل التي عقدت بها في العام الماضي حول التجربة السويسرية والتي حضرها معظم الولاة بالسودان ، وفي نفس الاتجاه لابد من العمل على انجاز المشورة الشعبية بصورة ديمقراطية تستهدف رخاء الانسان .
* جهاز الدولة والهياكل المشوهة
- من المهم ان نكرر ان هذه النزعات بالاضافة لما ذكرناه ، عادة ما تجد جذورها في الهياكل السياسية والاقتصادية والاجتماعية المشوهة.
- ان الحكم على اداء اي جهاز للدولة يبنى الى حد كبير على الايفاء بمعيارين : الفاعلية، والكفاءة. وكلا المعيارين يكملان بعضهم البعض. فمعيار الفاعلية يرمز الى درجة تحقيق الهدف ، أما معيار الكفاءة فيرمز الى التكلفة ان كانت اقتصادية أم اجتماعية في تنفيذ الهدف .
- ان استمرار الهياكل الاقتصادية والسياسية والاجتماعية المشوهة، دلالة قوية على عدم كفاءة اداء جهاز الدولة. فحتى الحالات التي نجد فيها درجة عالية من الفاعلية، نجد عند عدم الالتزام بمعيار الكفاءة الناتج عن تفضيل الولاء السياسي على الكفاءة ، تصبح الفاعلية حبراً على ورق ، ومثالاً لذلك عدم القدرة على الاعتماد على الذات على الرغم من الشعارات الرنانة المرفوعة،كما أن الفاعلية المرتبطة بالقسر عادة ما تكون ضعيفة العائد وذات مدى قصير.
- نقر بأن جذور هذه التشوهات ترجع للارث الاستعماري من نمط التنمية غير المتوازنة والإزدواجية الإقتصاديه، والتوجه الخارجي للاقتصاد، وصغر حجم السوق المحلي، وضعف تراكم رأس المال، وتدني المهارات. لكن لا يمكن ان نعفي الحكومات الوطنية التي تبعت ذلك منذ الاستقلال من المسئولية. لقد عملت هذه الحكومات من دون استثناء ، ولكن على درجات متفاوتة على مواصلة نفس النمط من التنمية الاقتصادية والاجتماعية غير المتوازن. وبالفعل استغلت الدولة بطريقة وسعت وعمقت هذه التفاوتات والتقسيمات بتركيز السلطة السياسية والاقتصادية بالمركز على حساب الاطراف والقطاعات العريضة للشعب السوداني. وحتى في حالة تطبيق نظام الحكم الفدرالي والذي يعني تفويض السلطة للقواعد وتقليل المنافسة على المركز، الا انه لم يحقق الديمقراطية الريفية الحقيقة والتي تعمل على قلب الاوضاع بالريف لصالح الفقراء والذين هم أغلبية سكانه. لذلك نشاهد الزحف الغير مسبوق نحو المدن والصراع المستمر للهيمنة على المركز .
* خلاصة الامر ان للنزاعات كما ذكرنا سابقا اشكالاً متعددة منها السياسي، والآيدلوجي، والعرقي، والبيئي، والثقافي، والهوية، والجيوسياسي، والاثنى، والاقليات، والديني، والتي تتداخل فيما بينها.
- حل هذه النزاعات يتطلب في المقام الاول درجة عالية من الديمقراطية التوافقية بمفهومها السياسي والاقتصادي والانساني الواسع، لتحديد جذورها والتوافق على حلها من خلال آلية تنفيذية قومية، علما بأن المشاكل المعقدة تتطلب علاجاً شاملاً ليس بمقدور حزب سياسي واحد.
- في تقديرنا ان السودان الموحد على اسس جديدة يتوافق عليها الجميع يدرء العديد من المخاطر، كما فيه مجموعة مقدرة من المكاسب الاقتصادية والسياسية والاستراتيجية للجميع.
- تقسيم السودان لشمال وجنوب، في نظرنا يفتقد للدقة العلمية .حيث بالشمال شمالان، أحدهما سياسي والثاني جغرافي. فالمشكلة تكمن في الشمال السياسي ، والذي تحكمت على مركزه النخب السودانية جميعها بدرجات متفاوتة فيما بينها.
* يجب ان نعلم أن المركز غير ثابتNon Static) )، ومن الممكن تكراره بكل علاته في الأطراف ، إن لم تعالج تشوهات النموذج القديم للمركز والتي يسهل علاجها اذا تضافرت الجهود الديمقراطية التوافقية لكل أبناء الوطن في اطار السودان الموحد.
- نظام الحكم الكونفدرالي في اطارالدولة الموحدة بين وحدتين على اسس متكافئة (Symmetrical) يقود لتطوير النظام الحالى الممثل في نظامين في قطر واحد بصوره أسلم وافضل وأكفأ، ومن السهولة ادارته.
- قناعتنا ان للوحده مزايا اكثر من الانفصال، كما ان تحقيقها هو مسئولية الجميع لكن على اسس جديدة يجد فيها كل انسان مكانه اللائق به. باعتبار المواطنة هي أساس الحقوق والواجبات .
والله الموفق
نائب الدائرة 113 الدندر في الديمقراطية الثالثة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.