والذاكرة تحاصرها قصة ذلك الوالي الذي وزع رقاع الدعوة.. شملت الرئيس ايضا.. وحشد الحشود لافتتاح المشروع الكبير في ولايته.. ولأن الشكوك كانت تحاصر كل شىء.. اضطرت رئاسة الجمهورية في سابقة غير معهودة لإبتعاث من يأتيها بخبر المشروع.. ويتيقن إن كان الوالي صادقا.. أم كان من الكاذبين.. ويعود الرسول بتقرير مثير يفضي لتأجيل الافتتاح..! وقبل ايام معدودات كان والي الشمالية الراحل فتحي خليل يتابع ترتيبات افتتاح طريق حلفا قسطل والذي كان قد اعلن عن افتتاحه في الثاني والعشرين من الشهر الجاري.. والوالي يجد أن ثمة منشآت ادارية لم تكتمل.. وترتيبات أخرى لا تزال في حاجة لمراجعة.. ولأن الوالي لا يفهم في أنصاف الحلول.. ولا يحب التلاعب.. وشعاره الدقة التي يضيق بها من حوله احيانا.. فهو لا يتردد في التوجيه فورا بتأجيل الافتتاح.. رغم محاولات البعض الالتفاف.. هل تلاحظ الفرق؟!.. عقب انتخابات ساخنة في نقابة المحامين اعترفت محامية (مستقلة) أنها ادلت بصوتها لفتحي خليل.. سألها سائل مستنكرا.. قدمت حجة بدت غريبة حين قالت: "يا اخي غازي دا الوكت كله يكورك وفتحي دا الوكت كله ساكت".. وتقصد الأستاذ غازي سليمان المحامي المرشح وقتها عن المعارضة لمنصب نقيب المحامين في مواجهة الأستاذ فتحي خليل مرشح الحكومة.. وصمت فتحي كان يقول كلاما كثيرا لمن لا يعلمون..! يرحل فتحي خليل فجأة وفي نفسه شىء من حتى... كان فتحى يراهن على طريق حلفا قسطل البري الذي يتمدد على البر الشرقي رابطا مصر بالسودان.. ويراهن ايضا على طريق دنقلا ارقين اسوان الذي لم يكتمل بعد.. كان خليل يرى في هذه الطرق شريانا للحياة لا في ولايته بل لكل السودان.. كان فتحي خليل واقعيا وهو يقول "والله المصريين ديل نحن ظالمنهم".. ويشرح.. "استثماراتهم عندنا اكثر من ثلاثة مليارات دولار واستثماراتنا عندهم اقل من مية مليون دولار".. ثم يعلق مبتسما "ومع دا نحن البنشتم فيهم"..! ولكن فتحي خليل شخصيا لم يكن ليشتم احدا.. كان يعرف كيف يحترم خصومه... فاحترموه.. يمكن الاختلاف على فتحي خليل في كل شيء.. إلا في امرين.. أنه كان نزيها.. وأنه كان مهذبا. برأي البعض أن عودة نقابة المحامين السودانيين الى اروقة اتحاد المحامين العرب سيظل آخر إنجاز ذي قيمة لنقابة المحامين.. اللهم ارحم فتحي خليل!.