ما هي أوجه الفرق بين الشورى الأخيرة والاجتماع الذي سبقها من حيث الموضوعات والمداولات؟ الفرق أن الدورة الثالثة للشورى أسمينها دورة الحوار الوطني، ودور الشورى اعتماد ما تتواضع عليه القوى السياسية ومن ثم حشد العضوية للتفاعل مع المخرجات والعمل بها والاستعداد لمتطلبات المرحلة القادمة التي ستشهد تنازلات كبيرة من المؤتمر الوطني في سبيل تنفيذ مخرجات الحوار التي سيكون لها تبعات كبيرة على عضويتنا، وكان لابد لهذه العضوية أن تُلِمَّ بهذه المسألة. هناك من يرى أن تنفيذ مخرجات الحوار سيجعل من الوطني صاحب أكبر كشوفات للمتقاعدين دستورياً، ألا يتسبب هذا الفاقد التنفيذي في مشكلات كبيرة داخل الحزب؟ الفاقد الدستوري منذ أن بدأنا قبل (27) عاماً أعدادهم بالآلاف وإن شئت أن تسميني فاقداً دستورياً فقد كنتُ وزيراً في يومٍ ما، والآن لست بوزير، والمسألة "تكليف" يأتي لفترة ثم ينبغي أن ينصرف الإنسان لمهنته الأساسية، لأن التكليف الدستوري ليس وظيفة والمتوقع أن يكون لكل شخص مهنةً ونشاطاً يقوم به. عفواً، ولكن واقع الحال في المؤتمر الوطني ليس بالمثال الكبير الذي تحدثت عنه؛ هناك الكثير من الانفلاتات التي حدثت في أوضاع مشابهة وهناك من لا يستعبد عودتها؟ هناك رسالة هامة يجب أن تصل لأذن كل متجاوز وهي أن الإنسان لا يُكَلِّف نفسه.. التكليف يأتي من الحزب وهو عمل التنظيم الذي متى ما رأى خلاف ذلك يجب على العضوية أن تنصاع، وكما تفضلت نحن لسنا بملائكة؛ هناك من لديهم خلافات ولديهم أطماع وهذا من طبيعة البشر، ولكن التيار العام هو أن للحزب مؤسسات قادرة أن تُفَعِّل إرادة الحزب وبرامجه ونحن لسنا قلقين إطلاقاً من هذه التدابير لأن المردود الوطني كبير ويعلو على مصلحة الأفراد. البعض يتخوف من أن محدودية المقاعد قد تخلق نوعاً من التكتل على المستوى القيادي لإبعاد البعض عبر المؤسسات، كيف تنظر لهذه التوقعات؟ أنا لا أنظر لها من هذا القبيل، المسألة بصفة عامة هي أن هناك تنازلات ستقدم والخط العام للحزب هو قبول هذه التنازلات، وكما قلنا يمكن أن تقع بعض الهنات هنا وهناك ولكن للحزب مؤسسات؛ مثلاً في جنوب كردفان نقول فيها أن الترتيب الدستوري سيكون كذا والقوى المشاركة هي كذا وكذلك الحال في القضارف وغيرها. على المستوى الولائي قد لا تكون هناك إشكالية كبيرة في التمثيل السياسي والمشاركة لاتساع قاعدة المشاركة ولكن على مستوى المركز هناك أكثر من 160 حزباً وحركةً شاركوا، أليست هذه معادلة صعبة؟ معادلة صعبة جداً. مثلاً في الأجهزة التشريعية متوقع أن تكون الإضافات للقوى غير المشاركة أصلاً في الجهاز التشريعي على المستوى القومي والولائي، الأمر الآخر ما يلي المؤتمر الوطني، ربما كانت المشاركة القومية هي التي ستولد بعض المشكلات.. عدد من الحقائب والمقاعد التشريعية ستؤول إليهم وليس من حق المؤتمر الوطني أن يُعيِّن أو يحدد الأوزان لهذه القوى السياسية التي شاركت وأنتجت هذه الوثيقة الوطنية، وعلى هذه القوى أن تتوافق فيما بينها ونتوقع أن تكون هناك بعض الصعوبات لأن العدد كبير ولكن روح الوثيقة هي إن كان هناك برنامج وطني يجب أن لا نتخوف من الذي سينفذ هذا البرنامج، عموماً الصعوبات واردة ولكن الوضع يتطلب تقبل هذا الأمر، ونتوقع من القوى السياسية استيعاب التحديات الكبيرة. من هم الذين سيقودون حكومة الوفاق الوطني وكم عدد الوزارات وهو الأمر الذي لم يحدد في الجداول الزمنية؟ الوثيقة الوطنية ليس من طبيعتها تحديد جداول زمنية، هذه أشياء تفصل فيها وتحددها آلية الحوار (7+7) وليس لرئيس الجمهورية ولا المؤتمر الوطني ولا الوثيقة نفسها من مهام إجرائية. كثير من الناس يعتقدون أن مخاوفهم بانتهاء الحوار لمحاصصة كبيرة واتساع في التشكيل الوزاري تمضي لتكون واقعاً، هل هناك اتفاق لحجم الوزارات؟ هناك تشاؤم ناتج من أن القوى السياسية المعارضة عندما بدأت مشروع الوثبة والدعوة للحوار بعض الناس اعتقدوا أن الإنقاذ لفت الحبل حول عنقها، وهناك تجارب في العالم أن القيادة تأتي بإصلاحات تفضي في النهاية للإطاحة بالقيادة نفسها، وقد حدث هذا في الاتحاد السوفيتي نتيجة لما قام به غورباتشوف من "بروسترويكا" وكما فعل دي كليرك في جنوب إفريقيا.. بعض الناس كانوا يعتقدون أن الوثبة والحوار سيفكك الإنقاذ ولا يمكن أن نقول أن ذلك سيحدث، والمؤتمر الوطني سيظل موجوداً مع شركاء أصيلين وأقوياء وقادرين على تحمل المسؤولية الوطنية.. وعندما يتحدث بعض الناس عن "الحوار المتكافئ" أتساءل ما معنى ذلك؟ القوى السياسية الموجودة في قاعة الصداقة القديمة والحديثة كلها تتساوى في تقديم الأطروحات والرؤى وكل حزب له صوت. هناك شعور عام أن التغيير الذي حدث داخل الوطني أضعف مؤسسات الحزب ولم يعد صاحب القرار والكلمة فيما يلي السياسات؟ أنا لا أتحدث من الخرطوم إنما تجولت في كل الولايات لحضور شوراها، ولا أقول إننا الأفضل على الإطلاق ولكن انظروا لهذه القوى السياسية التي حولنا فأي حزبٍ ينعقد مكتبه السياسي أو القيادي كل أسبوعين وبانتظام؟ نحن جميع مؤسساتنا منتظمة في أعمالها ولكن الناس فقط ينظرون إلى الخرطوم والسلطة في الخرطوم والمؤتمر الوطني هو حركة كبيرة وينبغي أن ننظر للجذور وأنا لا أرى ما الذي أضعف الحزب؛ حزبنا في كامل قوته وقدراته ويتخذ قراراته بالطريقة التي عهدناها منذ أن نشأ المؤتمر الوطني. هل يمكن أن نقول إنه حزب مختطف؟ مختطف من قبل من؟ هناك حديث يتردد أن مجموعة قيادية بعينها تنفرد بالقرار بمعزل عن المؤسسات؟ إذا كان هناك مكتب قيادي تعرض عليه الموضوعات وهناك مجلس قيادي وهيئة شورى يجتمعان فلا يمكن لكل هذه المؤسسات أن تكون صورية، وهذا مستحيل، حزبنا يعمل بمؤسسية وبقوة ومستعد تماماً للتعامل مع المرحلة القادمة. الحوار انتهى ولكن كثير من الناس يرون أن الحرب لم تتوقف؟ وقف الحرب لا يأتي من قاعة الصداقة، حملة السلاح أُفردت لهم منابر للتفاوض والترتيب أن تكون القضايا القومية التي تهم كل مواطن في السودان مكان التداول فيها.. هناك قضايا تخص المنطقتين تناقش في منبر التفاوض الذي فيه توافق كبير باستثناء الطموحات الشخصية لبعض القيادات التي تريد أن تقحم كل قضايا السودان في منبر مفاوضات أديس. أنتم الآن تقولون إنكم لن تتخلوا حتى عن منصب رئيس الوزراء، وهذه من الأشياء التي لا تجعل الآخرين يأتون إليكم؟ هناك تصريحات حول هذا المنصب، أنا أصرح وغيري كذلك، ولكن الرأي الرسمي يقوله الحزب، وحتى الآن ليس هناك رأي أو قرار بأن يكون منصب رئيس الوزراء من نصيب المؤتمر الوطني، هناك تداول وتشاور وسنتواضع على الحلول التي من شأنها أن تسير بالبلاد للأمام. كيف تنظر لإعلان عودة الإمام الصادق المهدي للبلاد وهل نستطيع القول إن هذه العودة نتيجة مشاورات بينكم وحزب الأمة أم أنكم غير معنيين بعودته؟ لا، المؤتمر الوطني معني بهذه العودة، وبعودة أي قيادي إلى البلاد، خاصة وإن كان في وزن الصادق المهدي وهو رجل له كسبه في هذا الوطن وله عطاؤه المشهود، ولكن يظل أمر العودة يخص حزب الأمة ولسنا طرفاً في تدابير عودته، وهذا قرار يخص حزب الأمة يتخذه في الوقت الذي يريده وبالتدابير التي يراها، ولكننا نرحب بعودته ترحيباً كثيراً. مؤسسات المؤتمر الوطني فيها عدد من القرارات التي تختلفون في اتخاذها وتفوضون بها الجهات العليا، هل الأن هناك تفويض فيما يلي حكومة الوفاق الوطني؟ لا، لا يوجد أي تفويض.. لا يوجد أي تفويض.. الأمر يحتاج إلى تداول واسع وشورى لأن هذه المسألة –كما قلنا- لها تبعات كثيرة وينبغي أن تشترك كل الأجهزة في اتخاذ القرارات. هل تشعرون أن الجهاز التشريعي سيعمل بانسجام مع الجهاز التنفيذي في ظل الزيادة الكبيرة على مقاعد البرلمان؟ أنا لا أعرف من أين أتيت بكلمة زيادة كبيرة، حتى الآن ليس هناك رقم محدد بعدد المقاعد أو نسبة محددة (10 أو 15%) من المقاعد، ولكن ليس مطلوباً من الجهاز التشريعي أن يصبح حديقة خلفية للجهاز التنفيذي، هذا ليس المطلوب.. المطلوب أن تكون هناك مراقبة ومحاسبة وتشريعات للجهاز التنفيذي ونحن لا نتخوف من أي شيء. بناء على عدم تحديد نسبة المشاركة التشريعية والتنفيذية، يتساءل الناس ألا يؤدي هذا لإنتاج الوضع القديم في ظل عدم قناعتهم بأن يكون ما يجري تغييراً؟ التغيير هو أن يتوافق الناس على وثيقة بها برامج وهذه هامة جداً، لأن رؤاي وأفكاري وتطلعات موجودة في البرنامج، وأقول إنه سيكون من الأفضل كثيراً إن كنت موجوداً بنفسي لأُنفذ هذا البرنامج، وهذا فيه منطق، ولكن نقول إن التمثيل لا يمكن أن يسع الجميع وعلى الجميع أيضاً أن يعمل على إنفاذ هذه الوثيقة التي لا تكون فقط من مقعد الوزارة أو المعتمد والوظيفة الدستورية والتنفيذية وهذه الوثيقة جماع ما تواضع عليه السياسيون وقوى المجتمع على اتساعها.. المشاركة هي أن تمكن المؤسسات كل شخص من إبداء رأيه ولكن المشاركة بعدد الكراسي لا يمكن أن يكفي المؤتمر الوطني ولا يمكن أن يكفي الأحزاب السياسية. هل تتوقعون أن يكون هناك تنازل من قبل القوى السياسية المشاركة في الحوار بمثلما فعلتم؟ هذا ما نرجوه والذي أدعيه أنا أن ضبطنا لعضويتنا أفضل بكثير من ضبط كثير من القوى السياسية التي نشأت حديثاً على عضويتها. كيف تنظر للنفرة المالية للحزب وماذا حققت؟ بالنسبة للنفرة ليس لدينا الآن رقم لما تحصلنا عليه من أموال ولكنا بدأنا بالمستوى الاتحادي ونعمل في الولايات ولكن فيها بعض المشكلات بالنسبة لنا في العضوية على اتساعها؛ أحياناً يكون لدينا مشكلة في الآليات لدفع الاشتراكات وليس لعدم رغبة الناس؛ والاشتراك ليس مسألة كمية ولكن هو مسألة تربية سياسية والتزام بالحزب والانتماء له، وهذه هي الأهمية الأكبر للاشتراكات والتربعات.. نحن ننظر للعام 2020 الذي ستجرى فيه الانتخابات ونتوقع أن تكون فيها درجة تنافسية عالية جداً ولا بد أن نتحسب لهذا الشيء تنظيمياً ومالياً ونحن نعمل بجدية في هذا الصدد. هناك أخبار خرجت وحديث يتردد عن عودة بعض الوجوه التي غادرت المشهد خلال الفترة القليلة الماضية؟ طبعاً أنا سمعت هذا الكلام وقرأته وهو يقع في باب التكهنات. أليس في باب الحزب ومؤسساته؟ لا، لا لم يناقش هذا الأمر وليس هناك حديث لمن يتولى ماذا. هل ستكون هناك حاجة للاستعانة ببعضهم؟ طبعاً على مستوى الخبرات.. أنظر للمجلس الوطني لطبيعة المرحلة أتى إبراهيم أحمد عمر بعد أن كان يترأس المجلس د. الفاتح عز الدين وهو شاب مؤهل ولكن طبيعة المرحلة اقتضت أن يأتي إبراهيم أحمد عمر، والظروف تقدر بقدرها وكل الذين ترجلوا لم يعتصم شخص بمنزله وهم موجودون أصلاً وكل له مساهماته ومشاركاته في أجهزة الحكومة ولكن المسيرة ماضية وهذه سنة. هناك سقف مرفوع لمفاجآت كبيرة في حصة الوطني مركزياً وولائياً في حكومة الوفاق "على مستوى تغيير الوجوه"؟ أتوقع أن يكون التغيير واسعاً لأن لكل مرحلة مقتضياتها والآن على سبيل المثال إن أردت وزيراً من المؤتمر الوطني لولاية مثل كسلا ستجد مائة شخص كلهم مؤهلين لشغل الوظيفة ولكن طبيعة المرحلة تتطلب أن نبحث عن من هو الأنسب بين المائة ليتقدم، وهذا الذي نتوقعه؛ بأن يكون هناك تغيير شامل للتعامل مع المرحلة.