لم تكن هذه هي المرة الأولى التي تحظر فيها وزارة التجارة استيراد بعض السلع، وشهد عام 2011م صدور قرار وزاري رقم (2) بمنع استيراد (19) مجموعة سلع، وبمقارنة القائمتين التي صدر فيهما القارارين عام 2011م و2016م، يتضح اشتراكهما في حظر الحيوانات الحية، ما عدا لأغراض النسل، المياه الغازية والمعدنية، اللحوم الطازجة والمبردة بأنواعها، الزهور الصناعية والريش، الأسماك المعلبة، المظلات والشماسي، فيما كان الاختلاف مقتصراً على سلع وردت في حظر عام 2011م ولم تظهر في القرار الأخير وهي الحلويات والمعسل والبوهيات ومنتجات الدقيق ومنتجات الألبان، والبلاستيك المصنع. حظر"الهتش" الاقتصادي بروفيسور الكندي يوسف عثمان وصف قرار الحظر ب(الصائب) وأنه جاء متأخراً، لأن البلاد أهدرت أموالاً ضخمة من النقد الأجنبي في استيراد هذه السلع، وقال ل(السوداني) إن البلاد على مدى الفترات السابق لديها "قائمة السلع المحظورة" بغرض تخفيض الطلب على موارد النقد الأجنبي المتاحة بهدف توفيرها لاستيراد السلع المهمة لمدخلات الإنتاج الحقيقي، ويتم تغييرها من حين إلى آخر لمعالجة العجز في الميزان التجاري الذي يعتبر المكون المهم في ميزان المدفوعات، وأضاف: في "تقديري أن قائمة السلع صدرت حالياً مازالت قليلة جداً"، داعياً إلى توجيه هذه المواد إلى القطاع الإنتاجي وتحقيق شعار إحلال الواردات، لأنه يمثل أحد الأهدف الرئيسية للبرنامج الإصلاحي، وزاد قائلاً إن هناك عشرات السلع المستوردة لابد من إيقافها مثل الفواكه المنتجة محلياً خاصة الموالح التي توسع إنتاجها في معظم مناطق البلاد على مدار العام، وشدد الكندي على أن سلعاً أسماها "الهتش" مازالت تملأ الأسواق الشعبية "والأزقة" في كل مدن البلاد، مشيراً إلى أن مئات الملايين من الدولارات تهدر سنوياً في جلب هذه السلع، كما نجد أن فاتورة الاستيراد تجاوزت ال(6) مليار دولار بسبب عدم الترشيد وهذا هدر للنقد الأجنبي. قرار هامشي: فيما اعتبر الاقتصادي بروفيسور عبد الله البدري الخطوة "هامشية جداً" ولا تخدم أي غرض، وأرجع ذلك إلى أن القرار لم يصدر ضمن منظومة سياسات اقتصادية متكاملة تعالج الخلل الهيكلي في بنية الاقتصاد الوطني، وقال ل(السوداني) إن القرار لن يحقق أية نتائج إيجابية مملوسة على مستوى ميزان المدفوعات أو الميزان التجاري أو القيمة التبادلية للعملة الوطنية، وزاد أن القرار يفترض صدوره من خلال حزمة سياسات تجارية ومالية ونقدية وليست قرارات متناثرة هنا وهناك، محذراً من مغبة استمرار كل جهة اتخاذ قرارات معزولة من الجهة الأخرى، مشيراً إلى أن التنسيق في اتخاذ القرار شيء مهم جداً من أجل تحقيق الأهداف المطلوبة. خطوة مهمة: وأكد الاقتصادي د. بابكر الفكي منصور تأخر الخطوة جداً، وأضاف: ربما يعد القرار الصحيح من حزمة القرارات التي اتخذت مؤخراً، وزاد كما يفترض أن تكون هناك قائمة للحظر، وقال ل(السوداني) إن البلاد لا تعاني من مشكلات في السلع المحظورة، وإنما هناك ميزة تنافسية للبلاد في هذه السلع باعتبارها منتجات طبيعية يمكن تصديرها بدلاً من استيرادها، مبيناً أن الصناعات التي تدخل معظمها سلع غير ذات قيمة حقيقية تضيف للبلاد شيئاً جديداً، ويرى الفكي أن قائمة السلع المحظورة ليست من الضروريات من الحياة وحتى في حالة انعدامها نهائياً من البلاد، مشيراً إلى أن هذه السلع تكلف نقداً أجنبياً كبيراً، يفضل استغلاله في دعم الإنتاج الحقيقي. رفض قاطع: من جانبها رفضت غرفة المستوردين باتحاد الغرف التجارية مبدأ أي حظر للسلع مهما كانت المبررات، وقال الأمين العام للغرفة علي صلاح علي ل(السوداني) إن غرفة المستوردين ضد أي قرار لحظر أي سلعة، وأرجع ذلك إلى أن البلاد أعلنت سياسة التحرير، كما نجد أن هذه السلع تم زيادة الرسم الجمركي عليها بأرقام عالية جداً حققت غاية تقليص حجم استيرادها أصلاً، وأضاف أن هذه السلع لا تمثل "شيئاً يذكر" لكي توفر عملة صعبة أو سد فجوة الطلب على النقد الأجنبي، موضحاً أن قرار حظر هذه السلع تسبب حالياً في مشكلة بالموانئ ومحطات جمركية، عقب تطبيق قرار الحظر عليها، مطالباً بضرورة معالجة البضائع في الموانئ والقادمة في الطريق إلى البلاد، مشيراً إلى أن تنفيذ القرار دون إيجاد معالجات لهذه الحالات يسبب أضراراً بالغة لعدد من الموردين. القائمة السوداء: ويشار إلى أن وزارة التجارة أصدرت بتاريخ 3/11/2016م قراراً بالرقم (27) تحت اسم "قرار وزير التجارة بحظر استيراد سلع"، ويعمل به من تاريخ التوقيع عليه، وقضى القرار الذي تحصلت (السوداني) على صورة منه بحظر الحيوانات الحية ما عدا لأغراض النسل، اللحوم بأنواعها الطازجة والمبردة، المياه المعدنية والغازية، الزهور الصناعية، المظلات والشماسي، مصنوعات من مواد الضفر، زهور زينة، أزهار وأغصان، الأسماك غير المعلبة وأسماك الزينة، موجهاً الجهات المختصة باتخاذ الإجراءات اللازمة لتنفيذ هذا القرار فوراً.