يقول الشاعر : اتاك الربيع الطلق يختال ضاحكا من الحسن حتى كاد أن يتكلما وقد نبه النيروز في غسق الدجي اوائل ورد كن بالأمس نوما لقد احتفلت قبل ايام الكنيسة القبطية الارثوذكسية بعيد النيروز، وهو عيد رأس السنة المصرية، كما انه عيد بداية السنة القبطية، ويعد اول يوم في السنة الزراعية الجديدة، هذا وقد جاءت لفظة "نيروز" اشتقاقا من الكلمة القبطية ( ني – ياروز ) والتي تعني فيما تعني ،"الانهار" ذلك لانه في هذا الوقت من العام يعتبر ميعاد اكتمال موسم فيضان النيل الذي هو سبب الحياة في مصر، كما يعتبره الاقباط وبعد قدر من الاسقاط لبعض الشهور والاحداث عيدا للشهداء الذين استشهدوا في عصر "دقلديانوس" ذلك الامبراطور الروماني قاسي القلب والذي قام بالذبح والتنكيل بالمسيحيين وبخاصة الاقباط منهم، ولذلك عد تقويما للكنيسة باسم عيد الشهداء. كما انه يعتبر اول يوم في التقويم الهجري الشمسي ويحتفل به الاكراد والفرس والبشتون ايضا، كما كان يحتفل به في العصور الوسطي والعصر المملوكي، ويعتقد بعض المؤرخين انه عيد متوارث منذ عهد الفراعنة وله عدد من المعاني والدلالات منها " جديد " او " يوم " او " ضوء الصباح " هذا وقد جاء في كتاب التقويم وحساب الابقطي للاستاذ رشدي بهمان ما قاله هيرودت المؤرخ الاغريقي قبل حو إلى ثلاثة قرون عن التقويم المصري إن قدماء المصريين هم اول من ابتدع حساب السنة وقسموها إلى 12 قسما بحسب ما كان لديهم من معرفة بعلم النجوم، ويميل المؤرخ الى أن المصريين اكثر دقة من اليونانيين في ذلك المجال. وكما هو معروف أن الشهور القبطية تبدأ بشهر توت، بابا، هاتور، كيهك، طوبة، امنشير، برمهات، برمودة، بشنس، بؤونة، مسري ،النسي، ( وتصغر ايامه من خمسة إلى ستة ايام ) ولا زالت هذه الشهور معمول بها في الكنائس وكذا الاستعمال الشعبي لاسيما عند الذين يعملون بالزراعة، وقد لاحظت أن العديد من المزارعين بالسودان يلجأون إلى المكتبة الخاصة ببيع المطبوعات القبطية بالكنائس لشراء "تقويم المحبة" الذي يستفيدون منه في زراعتهم لدقته، أن ارتباط الشعب القبطي بتلك الشهور جعلهم يستنبطون بعض الاشارات التي توري نوع الانتاج الزراعي خلال الشهر المعين مثلا يقولون" امشير" شهر الزعابيل بمعنى انه الشهر التي تكثر فيه الاتربة جراء حركة الرياح، كما يقولون "طوبة" تجعل الصبية (كركوبة) بمعني انخفاض درجة الحرارة وشدة البرودة، ويقولون "برمهات" ادخل الغيط وهات وفي ذلك دلالة علي وفرت الانتاج الزراعي، وهكذا يتلذذون بتلك المسميات في مجتمع اهل الصعيد. ان للشهادة والاستشهاد قدرا كبيرا من التقدير والاجلال عند المسيحيين، فتجد أن العديد بل كل الكنائس القبطية تحلي جدرها بأيقونات الرسل و القديسين والشهداء، يجعلون منها تذكارات تعظمهم على مر العصور. ويعرف عصر الامبراطور الروماني "دقلديانوس" هو اشد العصور قسوة واضطهادا للمسيحية واستشهد في تلك الفترة العديد منهم، وحتى عهد قريب كان المسيحيون يخرجون إلى الاماكن التي دفن فيها شهداؤهم ويجعلونها مزارات تؤرخ لهم وتعظم الاستشهاد وكما يقولون إن المسيحية هي ديانة الشهادة والاستشهاد حتى الفداء الذي يجسده موت السيد المسيح. هذا ومن اقوال البابا المعظم مثلث الرحمات الانبا شنودة، أن الاستشهاد دليل عمق الايمان وعمق المحبة لله، المحبة التي يبذل فيها الانسان نفسه، كما يدل على عمق الايمان بالحياة الاخرى بيد انه لولا الايمان بالله والحياة الاخرى ما كان للانسان أن يبذل حياته، فالاستشهاد هو شهادة للدين كما يعتبر قدوة للاجيال. واذا عدنا للشهور القبطية نجد انها تبدأ بشهر " توت " والاسم مشتق من الاله تحوت اله المعرفة، وهو حكيم مصري عاش في عهد الفرعون " مينا الاول" وهو مخترع الكتابة ومقسم الزمن، وهو الذي اختار بداية السنة المصرية متزامنا مع موسم الفيضان وفقا لما شاهده من أن "نجمة الشعري اليمينية" تبرق في السماء وبوضوح في هذا الوقت من العام، وذلك يعني أن السنة القبطية سنة نجمية وليست شمسية، الشيء الذي يجعلها اكثر دقة من السنة الشمسية التي احتاجت فيما احتاجت للتعديل " الغريغوري ". لعيد النيروز طقوسه عند الاقدمين، ومنها اعداد مائدة تحتوي علي سبعة اشياء ،على أن تبدأ بحرف السين منها سمك، سبيكة الذهب، سماق، او اي فاكهة مجففة تبدأ بحرف السين وكذا انواع الخضروات، وهذا العيد لم يكن مقتصرا على اقباط مصر بل عرفه الفرس والاكراد والبشتون كما ذكرنا، وهناك اسطورة تسمى "شعلة كاوا" وهي مشتقة من اسم حداد كردي قاد ثورة ضد الملك الظالم " زوحاك " واشعل النار على ابراج قصره ابتهاجا بالنصر، لذلك تعتبر النار رمزا لعيد النوروز عندهم. و إلى لقاء وكل عام وانتم بخير