ويعد دخول قوات جيش جنوب السودان إلى مناطق بولاية غرب كردفان خرقاً واضحاً للحدود بين الدولتين وبحسب مراقبين يعتبر أيضاً عدم وفاء بالوعود التي التزمت بها دولة الجنوب في اتفاقية التعاون واعتبر المراقبون أن ما حدث يعد استفزازاً للقوات السودانية وكان والي غرب كردفان أبو القاسم الأمين بركة قام بزيارة تفقدية للأوضاع الأمنية بمحلية الميرم عقب اعتداء قوات الجيش الشعبي بدولة جنوب السودان على المنطقة، وقال الوالي إن مجتمع الميرم ظل يعاني من الأوضاع غير الآمنة لفترات طويلة، جراء الاعتداءات المتكررة لقوات الجيش الشعبي لدولة جنوب السودان على الرعاة والمواطنين والرحّل مؤكداً التزام حكومته وتمسكها بقرار رئيس الجمهورية عمر البشير القاضي بإيقاف إطلاق النار لمدة ستة أشهر، واستمع الوالي إلى تنوير من المواطنين الذين أكدوا أن الاعتداء تم داخل الحدود السودانية بولاية غرب كردفان في وقت أعرب فيه المواطنون عن تمسكهم بالسلام وضبط النفس في هذه المرحلة، التي تشهد فيها البلاد إيقاف إطلاق النار حفاظاً على الأمن والاستقرار بالمنطقة. الثأر وتقول مصادر مطلعة إن الجيش الجنوبي درج على شن هجمات على مواطني جنوب الميرم والمناطق الواقعة شمال بحر العرب، لافتاً إلى أن الاحتكاكات دائماً ما تحدث بين الجنوبيين والعرب الرحل من أبناء المسيرية وأن أسباب تلك الحوادث تعود إلى محاولات نهب الماشية المتكررة من قبل الجيش الجنوبي أو بسبب مشاجرات تقع بين الطرفين لأسباب شح المياه أو للثأر وأنه كثيراً ما تحدث احتكاكات حينما يسعى كل طرف للثأر، ولفت المصدر إلى أن الاحتكاكات التي تحدث بين العرب الرحل والجنوبيين على الحدود يسعى العمد والنظار دوماً لحلها سعياً منهم بأن يسود الوئام والأمن في تلك المناطق بسبب المصالح المشتركة بين الطرفين في تلك المناطق الحدودية، وأكد ذات المصدر أن القوات النظامية والأمنية السودانية قادرة تماماً على حسم تلك التفلتات إلا أنها لم تتدخل حتى الآن في كل الحوادث التي وقعت بسبب التزام الحكومة بقرار إيقاف إطلاق النار. خروقات الجيش الشعبي لم تتوقف على ولاية غرب كردفان فحسب بل امتدت لتشمل مناطق بعدد من الولايات الحدودية المتاخمة، ففي مناطق باو والكرمك وقيسان بولاية النيل الأزرق تقع بعض حوادث النهب للرعاة ونهب المواد التموينية من بعض المتاجر إلا أن مثل تلك الاعتداءات تعزى إلى محاولات النهب والحصول على المأكل والمشرب. حوادث مماثلة وقعت بمنطقة ود دكونة الواقعة بالحدود الجنوبية مع ولاية النيل الأبيض راح ضحيتها مواطن وأُصيب آخرون، ورغم أن هنالك فرقاً للبحث وتقصي الحقائق قد أرسلت لمعرفة ملابسات الحادث إلا أن المعلومات الواردة تشير إلى أن الحادث وقع داخل الأراضي الجنوبية ووقع ليلاً مما يرجح احتمال أن القوات الجنوبية ظنت أنهم مهربون فأطلقت النار عليهم وأكدت المعلومات الواردة أن هنالك قوات حكومية تنتشر بمناطق التبون والكيلو (4) وتقوم بدورها تجاه حفظ الأمن بتلك المناطق الحدودية. فلاش باك بدأت ظاهرة اعتداء قوات الجيش الجنوبي على الأراضي السودانية تطفو على السطح عقب انفصال الجنوب بأقل من نحو عام ففي العام 2012م طالبت الحكومة السودانية مجلس الأمن الدولي والأممالمتحدة بإدانة وجود قوات تابعة لدولة جنوب السودان شمال خط 1956م داخل الأراضي السودانية في نحو «9» مناطق على طول ثلاث ولايات، ودافعت الحكومة آنذاك عن حقها في استخدام الغارات الجوية ضد تلك القوات في وقت سلم فيه المندوب الدائم للسودان لدى الأممالمتحدة وقتها شكوى لرئيس مجلس الأمن والأمين العام للأمم المتحدة حول وجود قوات الحركة الشعبية التابعة لدولة جنوب السودان في مناطق جنوب دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق، وطالبت الشكوى مجلس الأمن بإدانة وجود هذه القوات باعتبارها اعتدت على أراضي السودان، وأشارت الشكوى إلى أن تلك القوات توجد في منطقة سماحة بولاية جنوب دارفور التي تقع على بُعد (30) كيلومتراً شمال خط الحدود 56 المتفق عليه، ومنطقة الميرم والتي تقع على بُعد (14) كيلومتراً شمال خط 56، ومناطق كافيا كنجي وسيري ملاقا، وكفن دبي وعدد من المناطق الأخرى التي تقع على بُعد يتراوح بين (5) و(20) كيلومتراً إلى الشمال من خط 56 المتفق عليه، وتسبب ذلك انذاك في وقوع العديد من الحوادث والاحتكاكات وسقوط القتلى والجرحى وسط الرعاة والرحل من السودانيين الذين ينتشرون بتلك المناطق. اضطرابات داخلية يرى الخبير الاستراتيجي اللواء مهندس ركن (م) أمين إسماعيل مجذوب أن هنالك عاملاً مهماً يؤثر في مسار العلاقات بين الدولتين وهو العلاقات الحميمة التي كانت تربط الشعبين قبل الانفصال ولذلك يحدث التداخل والتجاوزات باعتبار أن العلاقات السابقة هي الأساس الذي يحكم الشعبين، ولكن ذلك لا يقلل من أهمية حماية الحدود وتغطيتها أمنياً خاصة لمنع وقوع جرائم التهريب والجرائم العابرة للحدود وتجارة السلاح ومنع تكرار الاعتداءات على المواطنين والرعاة والرحل بتلك المناطق على حد قول مجذوب، والذي اعتبر أن ظروف الجنوب الآن وما يعانونه من اضطرابات أمنية داخلية هي التي تدفعهم إلى اختراق الأراضي السودانية في محاولة للحصول على الغذاء والاحتياجات الخاصة ولو عن طريق النهب والسلب ومخالفة القانون. على الرغم من أن القوات الحكومية الآن ملتزمة بقرار القيادة السياسية بإيقاف إطلاق النار لستة أشهر، إلا أنه في حال الدفاع عن النفس ومصالح المواطنين فمن حق القوات النظامية استخدام القوة للدفاع عن شعبها.