*ميرغني صالح والياً سابقاً ورئيساً سابقاً للمجلس التشريعي للولاية الشمالية خاض صراعات عنيفة تابعها الجميع انتهت بأحداث دارماتيكية، والآن والياً لولاية القضارف، ألا تعتقد أنه تم إبعادك إلى أقصى الشرق؟ غادرت الشمالية إلى القضارف والياً وكنت حينها مزارعاً يفلح الأرض ويشارك الناس أفراحهم وأتراحهم فقط، حضوري للقضارف ليس إبعاداً بل هي أقدار وأحمد الله أنني أتيت إلى القضارف وعرفت أهلها وهي مرحلة سأقضيها هنا ولابد من العودة للشمالية. * كيف وجدت القضارف لحظة دخولك إليها؟ = صراحة كنت أتخيل أن أجد ولاية ذات غطاء نباتي كثيف ولكن وجدت تصحراً أشبه بتصحر الولاية الشمالية، وكنت متشوقاً لرؤية القدمبلية لما درسناه عن هذه المنطقة في المدارس، ولكن صُدمت صراحة بواقع هذه المنطقة الزراعية الكبرى. أضف إلى ذلك ضعف البنيات التحتية في ولاية مثل القضارف حيث لا توجد وزارات مشيدة ولا سكن للدستوريين ولا حتى مبنى للمجلس التشريعي، وحتى الطرق القومية فلا تتجاوز طريقين عابرين. ولكن سعدت جداً بإنسان القضارف فهو النموذج الحقيقي للتماسك الاجتماعي والكرم والانسجام. *هل عانيت في أيامك الأولى من مطر القضارف وخريفها القوي؟ =الأمر كان عادياً بالنسبة لي فقد عملت في مناطق مشابهة للقضارف في مناخها، ولكن عانى الأبناء من الرعد والبرق والأمطار في القضارف في الأيام الأولى. * هل هنالك شوق للنيل والنخيل؟ = حنين شديد وشوق جارف. *خطابك الأول قبل عامين من الآن حددت فيه خطة عملك كوالٍ، مركزاً مجهوداتك حول ملف مياه القضارف والذي يمثل واحداً من مجموع البرنامج الانتخابي لرئيس الجمهورية، كيف يسير العمل فيه وما صحة ما يدور من حديث عن تعثر في التنفيذ؟ = قضية مياه القضارف قضية أساسية للحكومة المركزية والولائية، وقد وجدنا مجهودات ومحاولات ودراسات من الحكومات السابقة عملنا على مراجعتها وتعديلها عبر وحدة تنفيذ السدود والشركة الصينية فيما يلي الخط الناقل والشبكة الداخلية للمدينة، وعملنا على زيادة المواسير وتحويل مواقع الخزانات وإضافة زيادة رأسية لحوالي 34 متر من التصميم القديم، وعقدنا ورشة عمل ضمت المختصين والقيادات والأعيان بالولاية لتحقيق الإجماع حول المشروع، نعم.. فصل الخريف وضعف التمويل وبطء توفر السيولة أثرت على سير التنفيذ في بعض مراحل المشروع، ولكن لم تؤثر إطلاقاً في الجدول الزمني المصصم للمشروع مع الأخذ في الاعتبار أن التعاقدات تمددت من 526 كيلو إلى 590 كيلو زيادة إضافية وزيادة مواسير 4 بوصة وبالرغم من كل ذلك فالوضع الآن يمضي بصورة جيدة والقسم الأول من توصيل الشبكة شارف على الانتهاء، وسيكتمل القسم الثاني قبل 31 مارس وربما يمتد العمل خارج توقيت التعاقد المحدد بنهاية مارس، وتقديرنا له لا يتجاوز الثلاثة أسابيع خارج التعاقد. * تداعيات صاحبت تصميم المنهولات لخطوط الشبكة الداخلية، وإنهاء لعقد الاستشاري، ماذا وراء ذلك؟ = لا شيء، هنالك اختلاف بسيط في وجهات النظر حول التفاصيل الصغيرة الموجودة في عمل المشروع، وكان لنا ملاحظات في طريقة المتابعة للاستشاري لإنفاذ العمل ونحن كحكومة صاحبَ عملنا القصور في توفير وسائل الحركة والسكن للاستشاري واستطعنا تلافي هذا القصور ولكن لاحظنا استمرار الاستشاري في استبدال متكرر للمهندس المنفذ في أكثر من مرحلة لمشروع ضخم طوله 116 كيلو متر وأنابيب قطرها ما بين 110 مل و800 مل في مدينة تختلف تضاريسها ما بين الجبال والمنخفضات ومطلوب فيها تنفيذ خط دائري يتيح للجميع الشرب في وقت واحد، لذلك زادت التعقيدات في التصميم والتنفيذ ولا يوجد بيننا وبين الاستشاري إشكاليات ولقد انتهى عقده معنا ولم نُجدِّد التعاقد، والآن نُجري اتصالات مع ثلاث شركات استشارية سيتم التعاقد مع إحداها في مقبل الأيام القادمة. * الخط الناقل من سدي عطبره وسيتيت توقف فيه العمل هذه الأيام، ما هي الأسباب؟ الخط الناقل يشمل طرمبات وأحواض ترسيب ومحطة دافعة وخزانات، وكان من المقرر أن يكتمل في هذا الشهر ولكن هنالك بعض الصعوبات في التعامل والسداد مع الصناديق العربية فتوقف العمل لفترة نتيجة لإيقاف الشركة الصينية لأعمالها بسبب توقف انسياب الدفعيات، والسيد الرئيس المشير عمر حسن أحمد البشير في اجتماع مجلس الوزراء الاستثنائي، والذي أقيم بالسد، التزم بالسداد وإجراء تسويات لعودة العمل في الخط الناقل خلال الأيام القادمة. الآن هنالك عمليات لتصنيع وترحيل الطرمبات من الصين ربما تحتاج لثلاثة أشهر، ونتوقع الانتهاء من الخط الناقل في شهر مايو القادم. * تلكؤ صندوق إعمار وتنمية الشرق في تنفيذ مشاريعه بالقضارف بات واضحاً في الطرق والمدارس والمستشفيات والخط الناقل؟ = لا أعتقد أن هنالك تلكؤ من الصندوق، فهنالك نظام أساسي يقيّده والشركة التي كُلِّفت بتنفيذ المستشفيات الأربعة بالفاو والمفازة والحواتة ودوكة والمدارس الفنية الأربع تعثرت، وهذا التعثر هو السبب ونتيجة لتأهيل الشركات الذي يتم ما بين شركة كويتية وشركة سودانية، وضعف إمكانيات الشركة السودانية بالنظر لإمكانيات الشركة الكويتية حدث الفشل في المقاولات والتنفيذ لإكمال هذه المشروعات، من جانبنا حاولنا وضع المعالجات وكان أمامنا خيارين؛ إما أن نذهب للتحكيم أو نُجري إحلالاً وإبدالاً مع الشركة السودانية التي فشلت في عملها وقدرنا أن مسألة التحكيم ستمضي إلى سنوات فكان الاتفاق مع إدارة الصندوق على الإحلال والإبدال في الشركات السودانية وبدأنا بالشركة المنفذة لمدارس ومستشفيات دوكة وباسندة والتي لم يتجاوز الأداء فيها 20%، وهذا يمثل نسبة تأخير 60% وبذات النهج في بقية المشروعات للشركات الأخرى، والتي بنهاية فبراير تكون قد استنفدت كل الفرص المتاحة لها وسنقوم بإحلال وإبدال ليمضي العمل في المفازة والحواتة والفاو، أما طريق القضارف سمسم فقد توقف فيه العمل لفترة لعدم الالتزام بالسداد للبنك الممول للطريق، وفي نهاية 2015م تمت التسوية مع الصناديق وانساب التمويل وكان من المفترض تسليم الطريق في ديسمبر 2016م ولكن حدث توقف في العمل بالنسبة لتمويل الشركة الصينية، أما الشركة المصرية فعملها مستمر، والوضع الآن فيه تحسن؛ فقد اكتملت الردميات والكباري بنسبة 65% وتمت سفلتة 20 كيلو ونتوقع عودة الشركة الصينية بعد تسوية الأمر مع الصناديق، ونتوقع تسليم الطريق في نهاية العام الحالي. *وقَّعتم عقد تنفيذ طريق الحواتة المفازة الفاو وكان من المفترض أن يبدأ فيه العمل قبل أربعة أشهر وحتى الآن لا جديد؟ = العمل سينطلق في الأسبوع القادم. هنالك إجراءات خاصة بعملية التمويل ما بين وزارة المالية الاتحادية والبنك الممول للمشروع فيما يخص خطابات الضمان، وقد شارفت هذه الإجراءات على الانتهاء، وعقب صدور خطابات الضمان سيتم التعاقد النهائي ما بين الشركة الصينية المنفذة والهيئة القومية للطرق لتنفيذ المرحلة الأولى من الطريق بطول 50 كيلو في هذا العام حتى نتمكن من إدراج المرحلة الثانية في موازنة 2018م، وهذا الطريق مهم جداً للولاية. * نفتح ملف حدود الولاية مع الجارة إثيوبيا، هذا الموسم مر بدون احتكاكات ولقد زرتم الأقاليم الإثيوبية، فما الذي تم في هذا الملف؟ = عملنا على الإعمار للحدود بدلاً عن تأمينها وقد زرت الحدود، وحددنا خمسين موقعاً حدودياً لتنميته وإعماره وإحداث وجود سكاني مستمر لحراسة الأراضي في مسافة تبلغ 275 كيلو تعاني الفراغ السكاني وقلة عدد المزارعين، فكان لابد من التعمير وزيادة الكثافة السكانية، ثانياً قمنا بزيارة الأقاليم الإثيوبية المجاورة وبدأناها بزيارة إقليم الأمهرا وطرحنا رؤيتنا في ملف الحدود بقوة، وأوضحنا حجم التعديات من قبل الملشيات الإثيوبية على الأراضي السودانية. ولإيقاف أي تعديات أخرى على أراضينا قمنا بعمل إنذارات وإيقاف أي عملية إيجار للأرض للمزارعين الإثيوبيين، وأنشأنا جمعيات تعاونية زراعية. ولأول مرة عبرنا إلى شرق العطبراوي وزرعنا الأراضي السودانية التي كانت تحت سيطرة المزارعين الإثيوببين، وكل العقودات التي تمت مع المزارعين الإثيوبيين في أراضينا في الفشقة تم فيها التعديل بأن يتم التعاقد مع وزارة الزراعة والري مع المزارعين الإثيوبيين، وينتهي التعاقد بنهاية 31/ ديسمبر؛ كل ذلك لإيقاف أي عمليات إيجار فردية لأنها إحدى أسباب التغول من قبل المزارعين الإثيوبيين. وعندما شاركنا في مؤتمر تنمية الحدود بالدمازين طرقنا بقوة وبإصرار على استرداد كل الأراضي التي تزرع من قبل الإثيوبيين والمعروفة بحدود اتفاق 2004م، وقمنا بزيارة إقليم التقراي أيضاً لذات الغرض. *لكن رشح في الصحف أنكم استعدتم 50 ألف فدان فقط من جملة 2 مليون فدان، وحتى مجهوداتكم هذه تتم خارج إطار وزارة الخارجية السودانية؟ = ملف الحدود هو ملف اتحادي وهنالك تنسيق تام مع وزارة الخارجية ولكن (الصلاة فيها السر والجهر وما كل شي بتقال). زيارتنا لإقليمي الأمهرا والتقراي كانت ناجحة وهنالك جدية تامة من الأشقاء الإثيوبيين وحرص على تمتين العلاقات وتحسينها. وفي زيارتي لمدينة مقلي بإقليم التقراي عقدنا جلسات مطولة ووصلنا لتفاهمات لمعالجة هذه التعديات واسترداد الأراضي بالفشقة. * هل حددتم المساحات المعتدى عليها؟ = لم تحدد مساحات بل نملك قائمة بأسماء المزارعين السودانيين الذين كانوا يزرعون في هذه الأراضي بالفشقة الكبرى في العام 2004م، وأي وجود إثيوبي خارج حدود 2004م اتفقنا على أن يتم الانسحاب منه، وقد كان الجانب الإثيوبي جادَّاً في التزامه لأننا عند عودتنا إلى السودان وجدنا محافظ الحمرة في انتظارنا على الحدود، وشكلت لجنة يترأسها معتمد الفشقة ومحافظ الحمرة قامت بزيارة مواقع التعديات واستعادة الأراضي وعمل اللجنة يجري الآن. * الواقع الزراعي في القضارف يوصف بالمنقوص في ظل غياب الجسم الشرعي الممثل للمزارعين؟ =أتفق معك في أن غياب الجسم النقابي للمزارعين ترك أثره، ولكن التواصل والتشاور بيننا مستمر، ورواد المزارعين وصغار المزارعين يشاركون الحكومة في تنفيذ رؤاها وبرامجها، الزراعة في القضارف تحتاج لقفزة ترتكز على محاور مهمة أولها تنفيذ نظام الري التكميلي لضمان تقليل المخاطر وتوزيع المياه في المواسم التي يقل فيها منسوب الأمطار، ونعمل على تنفيذ هذا البرنامج مع المزارعين داخل مشاريعهم بحصاد المياه مما يوفر المياه ويتيح زراعة بستانية بالمشاريع، وثانياً نحتاج لتغيير التركيبة المحصولية في ولاية مطرية تمارس النشاط الزراعي لموسم واحد مع ملاحظة أن غالبية الأرض تزرع بالذرة، نعم هنالك محاولات لتغيير التركيبة المحصولية بإدخال زراعة زهرة الشمس، والسيد وجدي ميرغني أعاد الثقة لزراعة القطن المطري مع ملاحظة أن زراعة وحصاد الزهرة والقطن تستخدم فيه ذات الآليات المستخدمة في زراعة الذرة، ونعمل على معالجة غلاء أسعار تقاوي الزهرة والقطن المطري بتنسيق مع هيئة البحوث الزراعية لتوطين إنتاج التقاوي للمحاصيل المختلفة، وحتى لمحاصيل البقوليات الصيفية. * مر عامان بهدوء ودون صراع على حكمكم لولاية اشتهرت بالصراع السياسي خلال السنوات الماضية، ومع اقتراب التشكيل الحكومي عادت الاجتماعات والتيارات من جديد؟ = الولاية الآن مستقرة سياسياً ولا يوجد بها صراعات، ولقد حرصنا على إنهاء الصراعات وأسبابها وتحقيق الاستقرار ونعمل على منع أسباب الصراعات، والجميع يعلم أن المناصب والمواقع محدودة ولكن سنراعي كل الجوانب التي تحقق الاستقرار. *قراركم بإيقاف الإجازة بدون مرتب وُصِف بغير الشرعي، وتسبب في استقالة عدد من العاملين، لماذا اتخذتم هذا القرار ضد حق كفله القانون؟ = نعم هو حق بالقانون ولكنه يخضع لتقدير رئيس الوحدة، السبب الذي جعلني أصدر هذا القرار هو أنني قمت بزيارة مفاجئة لمستشفى القضارف وعندما دخلت مستشفى الأطفال وجدت طبيبة واحدة تشرف على ثلاثة عنابر، وفي كل سرير طفلين مريضين، وأن حجم الدخول اليومي للأطفال يتجاوز 114 طفل، ووجدت أقساماً أخرى بدون أطباء، وعندما سألت عن الأطباء العموميين وجدت أن هنالك 35 طبيباً عمومياً في إجازة بدون راتب، والمرضى متكدسون في العنابر، ما وجدته أشبه بالفوضى والإجازة بدون راتب أثَّرت كثيراً في أداء الحكومة؛ ليس في المجال الصحي فحسب فذات الأمر ينطبق على بقية مؤسسات الولاية، لذلك كان لابد من التدخل فأصدرت قراراً منع الإجازة بدون راتب ومنحتُ سلطة تصديقها للوالي في حالات محددة تشمل مرافقة الزوج ورعاية الوالدين والأطفال في الحالات الإنسانية فقط، والدراسات العليا إذا كانت ذات مردود إيجابي للولاية، والآن القرار جنينا ثماره واستطعنا سد الفجوات من غياب الكادر، أما الاستقالات فهي لم تتجاوز الثلاث استقالات، وعموماً متى ما وصلنا لاستقرار في الأداء سنعمل على إلغاء هذا القرار. *أيامك الأولى شهدت مناوشات ما بين الحكومة وتشريعي القضارف، كيف هي العلاقة الآن؟ = صراحة المجلس التشريعي يؤدي دوره بصورة ممتازة ولكن هنالك بعض النواب الذين عرفوا بأن لهم خبرة سياسية وتجارب سابقة كانوا يتوقعون مواقع قيادية داخل المجلس باختلاف الدوافع، ورغماً عن ذلك فالمجلس مستقر مقارنة بمجالس الولايات الأخرى، وهو الأفضل ولا يتنازل عن حقه في الرقابة والتشريع وهنالك تنسيق تام بيننا، ومناوشات هؤلاء أصبحت محصورة جداً ولدينا الحلول لها، و(صدرنا واسع ما بنتضايق)، وعموماً بعد فترة سيحدث تغيير في رئاسة اللجان بالمجلس التشريعي ونتمنى أن تُرضي هذه التغييرات بعض الأخوة الذين يفتكرون أنهم أولى بها من غيرهم.