وزير الصحة بولاية الخرطوم بروف مأمون حميدة قال أمام المجلس التشريعي بولاية الخرطوم إن المرضى ال(44) الذين تم حقن بعض منهم بعقار (الأفاستين) وآخرين بعقار (كيناكور) لم يصابوا بالتهاب، وهذا العقار غير مسجل في مجلس الصيدلة والسموم، وأشار إلى أن بعض المرضى تم إعطاؤهم العقارين لكن مصادر الالتهاب هي عقار (لافاستين) في جو غير نظيف، وتوقع حميدة رجوع النظر ل(80)% منهم في فترة 3 أسابيع، إلا أنه حمل مسئولية هؤلاء المرضى لمستشفى مكة، وأشار حميدة إلى إجراء عمليات ل(34) مريضاً بعد ظهور الالتهاب، وتتمثل في قص السائل الزجاجي للعين وسحب الصديد ليتم بعدها إعطاؤهم أدوية مضادة للبكتريا داخل العين بواسطة (دِرِب)، مشيراً إلى وجود تحسّن في درجة الالتهاب إلا أن كل المرضى فقدوا البصر بدرجة كبيرة وبعضهم بدأ في اليوم الثاني والثالث للعملية يرى النور وآخرين يرون تحرك اليد وهذه علامات معروف بها لدرجة التقدم في النظر. تسجيل العقار وقال حميدة في تقرير أمام تشريعي الخرطوم أمس، إن الأفاستين دواء جديد وهو في الأساس يستخدم لعلاج سرطانات القولون البروستات المخ، ولكن وجد أنه مفيد جداً في العيون وللشعيرات في مرضى السكري، كما أن له أثر سريع وقوي لعلاج الجلاكوما، وأضاف "رغم أنه مستخدم عالمياً، لكن مشكلته الأساسية في عملية التحضير التي تعتبر معقدة، ويأتي في فتيل عبوته (4) سيسي، وسعره (12) مليون جنيه، لكن المريض يحتاج لواحد على عشرة من السيسي"، وقال "المشكلة أن ال(4) سيسي يتم توزيعها على (40) حقنة، وقال إنه في الطب معروف أنه كلما كان المفاصل كثيرة في التحضير تزيد فرصة الالتهاب وهذا ما تم"، وأضاف "من الواجب إذا تم استخدام الفتيل لمريضين أو ثلاثة يجب التخلص، ونحن تأكدنا أن هذا ما لم يحدث بالمستشفى". ويواصل الوزير: "أما طريقة أخذ الدواء لكل مريض من العبوة يتم بإبرة داخل الفتيل ويتم سحب الدواء لكل مريض ثم إلى حقن صغيرة تشبه حقنة الأنسولين، لأن الحقن يكون داخل العين، وهذه الطريقة المعقدة والضرورية لتقسيم العقار تعرضه للتلوث البكتيري رغم أن الطريقة معمول بها في كل العالم، وقال حميدة "يمكن للشركة المصنعة أن توفر الدواء في عبوات صغيرة لكنها ستكون عالية التكلفة وترحيلها صعب"، مشيراً إلى أن هذه الطريقة معمول بها في كل العالم لكن الاحتياطات تختلف من بلد لآخر، مؤكداً أن لجنة الصيدلة أكدت أن الشركة التي صنعت الدواء معروفة، وهذا الدواء لا تصنعه أي شركة أخرى، لافتاً إلى أن اللجنة الخاصة التي كلفتها الوزارة قالت إن الدواء تم استيراده بإذن خاص من مجلس الصيدلة والسموم ومستشفى مكة هي المستخدم الأول له، وتم تسجيله في السودان قريباً بشهادة تسجيل من المجلس القومي للأدوية بقرار رقم (132016) وتأكد للجنة أن الشركة المورّدة للعقار تعمل وفق دستور الأدوية البريطاني فيما يلي التخزين ودرجة الحرارة والمراقبة اللازمة لعدم تخطي درجة البرودة (2-8)، ووضعت اللجنة يدها على باقي العقار في (الفتيل) وتم أخذه لزراعته لمعرفة إن كان بداخله بكتيريا أم لا؟، وأكدت اللجنة أن الدواء صالح للاستخدام وأن سبب الالتهاب لا يمكن أن يُعزا للدواء. قبل وصول الوفد اللجنة الخاصة بمراجعة التعقيم بالمستشفى تأكدت أن أخذ الدواء من العبوة تم بطريقة معقدة وتحتاج لمراجعة وتزيد من احتمال الالتهابات الباكتيرية وتم التحضير في مكان التعقيم، وهذه من المشاكل التي تمت في التعقيم، ولفتت إلى أن غرفة التعقيم نفسها غير معقمة، ورأت اللجنة أن يتم التحضير في غرفة العمليات لمزيد من التحوط الاحترازي، وقال حميدة إن عينات الكشف الباكتيري التي أخذت من غرفة العمليات أثبتت عدم وجود باكتيريا لكن للأسف إدارة المستشفى تأخرت في الإعلان عن الالتهابات لإدارة المؤسسات الخاصة وقامت بتعقيم غرفة العمليات قبل وصول فريق المراقبة، لكن إدارة المستشفى قالت إنها تعقم الغرفة بعد كل عملية، مشيراً إلى إرسال عينات من الصديد بعد فتح العين ونظافتها ووجد أنها تحمل نوعين من الماكروبات، ولم يكن مستغرباً، وكلاهما بكتيريا تنتقل من إنسان لآخر وهي موجوده في الجهاز الهضمي، وقال إن العينة المأخوذة من إبرة أخذ الدواء بها باكتيريا. وأوضح أن الإصابة كانت بنسبة 100% للمرضى المعالجين بالإبرة وتم الاستنتاج أن الإبرة هي الملوثة بالباكتريا. وأضاف "بعد مساءلة المساعدة الطبية التي جهزت الحقن نشك أن الاختصاصي المسئول قد أشرف على تحضير الدواء، إذ قامت به المساعدة وحدها، والتي قالت إنه كان معها شخص يساعدها". وانتقد حميدة هذا السلوك لأن عملية التحضير تحتاج لفريق، فيما أكدت المستشفى أن العالم الخارجي يستخدم نفس الطريقة ولكن الخبراء السودانيين قد وضعوا موجهات تحسين استعمال الدواء للاحتياط اللازم، وترى اللجنة أن هذا البروتوكول لم يتم تطبيقه. الاختصاصي الذي قام بحقن المرضى هو باكستاني الجنسية يعمل بالمستشفى منذ 3 سنوات، وتسجيله في المجلس الطبي انتهى، إلا أن المستشفى جددت له بعد إجراء تلك العمليات، رغم ذلك فإن اللجنة لا ترى أن هذا هو سبب حدوث هذه الالتهابات لأنه يُجري هذه العمليات منذ أن التحق بالمستشفى. لجنة مستقلة لجنة استشاري العيون كانت برئاسة كبير استشاريي العيون ومدير جامعة النيلين كمال هاشم وعضوية الساعوري، قامت بالكشف الكامل على كل المرضى للتأكد من أن العلاجات التي قدمت لهم كانت الأمثل وتحديد المشكلة التي أصابت العين واحتمالات عودة النظر، وقامت بعملها في 10 ساعات وأمَّنت على أن ما تمَّ في علاج المضاعفات هو الأمثل، وأرجعت اللجنة حالة المرضى وكشف النظر ولاحظت عودته جزئياً لكثير من المرضى، وتتوقع عودة الجزء الأكبر للنظر في 6 أسابيع. و"نتوقع البصر في أكثر من 80% من المرضى"، وقال "كل يوم يتحسن البصر". مسئولية قانونية وقال إن المستشفى أجرت (34) ألف عملية، بتكلفة (3) ملايين وفي الخارج (5) ملايين، مشيراً إلى إجراء (166) عملية في اليوم، ووعد بالجلوس مع الإدارة لمعالجة الأمر، وقال إن المستشفى بها 91 اختصاصي 7 منهم أجانب و70 نائب اختصاصي العملية، وقال إن المستشفى تتحمل المسئولية قانونياً، ووجهت الوزارة المستشفى لإعادة تأهيل غرفة العمليات وفصل المرضى لتجنب الانتقال البكتيري من مريض لآخر، وإعادة النظر في كيفية تحضير عقار الأفاستين بطريقة تضمن خلوه من التلوث البكتيري وذلك باستخدام غرفة التحضير التي تعمل بالشفط، مضيفاً أنها مكلفة لكن أصبحت ضرورة. خلفية كل المرضى الذين حقنوا بعقار الأفاستين بعد خروجهم من المنزل أصيبوا بصداع حاد وألم مبرح في العين التي تم حقنها وتدهور كامل في النظر، وتمت ملاحظة ذلك عند متابعة المرضى في اليوم الثاني بعد الحقن واتضح للطبيب المعالج وجود التهابات حادة في العين وتم استدعاء كل المرضى ال44 للمستشفى واتضح أن 43 مريضاً يعانون من التهابات العين الحادة كلهم حُقِنُوا بالأفاستين وال(10) مرضى الذين تم حقنهم بعقار (الكيناكورت) لم يصابوا بأي التهاب، مما يعني أن الالتهابات لها علاقة إما بالدواء أو بطريقة الحقن أو بطريقة تركيب الأفاستين، عليه فإن أصابع الاتهام تشير إلى أن الحالة الإكلينيكية للالتهابات مقرونه باستعمال هذا العقار الأفاستين. حميدة قال إن الوزارة كانت متابعة بدقة وتمت زيارات متكررة لمسئولي الوزارة لموقع الحدث وتم الاجتماع مع الجراح والكادر الطبي الذي أجرى العملية، واتضح أن المرضى أصيبوا بالتهاب صديدي حاد في العين المتأثرة.