في السابق كان السوق السوداني يستهلك المخدرات التقليدية أما الآن، ومع ظهور أنماط مستحدثة من المخدرات عالمياً، اتجه السوق المحلي لاستيعاب تلك الأنواع الجديدة ولعل إعلان منظمات عالمية بأن نحو (50) صنفاً جديداً من المخدرات غزت أسواق العالم، يدق ناقوس الخطر ويرفع الحس الأمني لدى الجهات المعنية بمكافحة المخدرات والمؤسسات المهمومة بالأمر للحيلولة دون وصول تلك الأنواع إلى السودان، رغم وصول أكثر من (8) أصناف منها مؤخراً، بالإضافة إلى البنقو المحلي (الحشيش) والشاشمندي الحبشي. بداية الحكاية: البداية كانت بأن معلومة توافرت لدى السلطات الأمنية بوجود مخدرات باتت تَرِد إلى السودان من اليمن وأنها تصل البلاد عن طريق التهريب مشحونة في سنابك، وأن عصابة أخرى تهرب المخدرات عبر الحدود المصرية إلى السودان. وحسب المعلومات الواردة فإن مركز تواجد تلك المخدرات هو (بورتسودان) حيث يتم تخزينها هناك ثم يتم تحريك بعضها خارج السودان عن طريق إعادة تصديرها بينما يدخل الباقي منها إلى السوق المحلي. بدأت السلطات الأمنية في التحقيق حول المعلومات الواردة ومن خلال الرصد والمتابعة كشفت المعلومات الواردة بأن متهماً أجنبياً يقيم في بورتسودان يعمل تاجراً حسب النشاط الظاهري له. عمره في الثلاثينيات ولديه شبكة من أذرع تنتشر بولاية الخرطوم ويستغلها في ترويج المخدرات، وتشير المعلومات الواردة كذلك إلى أنه يعمل في مجال استيراد المواد الغذائية بطرق غير مشروعة حيث يقوم باستجلابها عبر المواعين البحرية أو البرية. وكشفت المعلومات الواردة بأن شاباً يحمل (جردل) طحنية زنة (10) كيلو استغل مركبة عبارة عن ثلاجة فواكه في طريقها من بورتسودان إلى الخرطوم وأنه ادعى بأن الجردل بداخله (خبيز) يحمله لأسرته، استمرت مراقبة السلطات الأمنية للمتهم من بورتسودان إلى أن وصل للخرطوم وبمجرد هبوطه من العربة تم القبض عليه وعلى السائق وبتفتيش الجردل الذي كان بحوزته ضبطت السلطات (2) كيلو حبوب كبتاجون أي ما يفوق (4) آلاف حبة كبتاجون، وتصل القيمة المالية للكبتاجون إلى (200) ألف جنيه وتصل قيمة الأفيون إلى نحو (160) ألف دولار حسب أسعاره عالمياً، وكانت المفاجأة حينما عثرت السلطات داخل الجردل على لفافات بفتحها وإحالتها للمعامل اتضح أنها مخدر (الأفيون) المعروف دولياً؛ حيث تبين أن جملة المضبوط من الأفيون بلغ (8) كيلو جرامات من الأفيون الخام، وكانت تلك هي المرة الأولى التي يضبط فيها (الأفيون). لحظة السقوط.. بالتحري مع المتهم اتضح بأنه (وسيط) بين الشاب الأجنبي الذي يتزعم المافيا وبين التجار بالخرطوم، وأقر بأن (الرأس المدبر) لم يقم بتسليمه البضاعة بنفسه بل استلمها من يد سيدة لم يرها من قبل هي التي سلَّمته البضاعة من داخل سيارة؛ حيث كانت تجلس بداخلها وإلى جوارها يجلس (الزعيم)، بالتحري معه أكد بأن (الأفيون) المضبوط قادم من مصر بالطريق الصحراوي، وأكد أنه ينوي تسليم البضاعة لتاجر بالخرطوم هو الذي يقوم بتوزيعها على المروجين. تم نصب كمين محكم بواسطة قوة أمنية أمرت المتهم (الوسيط) بتسليم البضاعة للتاجر المقصود بغرض القبض عليه، وتم تحديد ساعة الصفر وإصدار أوامر قبض وتفتيش بواسطة النيابة وحضر التاجر بعربة أمجاد وأثناء عملية التسليم والتسلم أطبقت عليهم قوة الأمن وألقت القبض على التاجر وسائق العربة الأمجاد وضبطت البضاعة بحيازة التاجر والوسيط، وتم تفتيش شقة يقطنها التاجر بمنطقة الأزهري بالخرطوم وداخل الشقة ضبطت السلطات زجاجتين خمور مستوردة (فودكا)، وتمت إحالة المتهمين للتحريات حيث أقرَّ التاجر بأنه يقوم بتوزيع البضاعة للبعض بغرض ترويجها ودونت بلاغات في مواجهتهم. حسب تحليل خبراء فإن اتجاه تلك الكمية من الأفيون إلى الخرطوم يعني أنها تستهدف سوق المخدرات وأن هنالك فئات محددة هي التي تتعاطى تلك الأنواع من المخدرات، وذلك يؤكد بصورة جازمة أن هنالك شبكة من خبراء معمليين وكيميائيين متخصصين في تصنيع (الهيروين) من (الأفيون)، فما هو متعارف عليه أن الهيروين يتم تصنيعه من الأفيون كمادة أساسية للتصنيع ويصل سعر الكيلو الواحد من الأفيون الخام عالمياً إلى نحو (20) ألف دولار، ويعتبر الأفيون هو المادة الأساسية التي تدخل في تصنيع الهيروين، ويستهلك في تصنيع الكيلو الوحد من الهيروين (7) كيلوجرامات من الأفيون مع إضافة بعض المواد الكيميائية الأخرى ليتحول المنتج إلى أقوى مخدر معروف عالمياً ب(الهيروين) بشتى أنواعه (بدرة، سائل، أو حقن أو لبوس) وهي الأشكال النهائية للمنتج المخدر، ويبلغ سعر الكيلوجرام من الهيروين نحو (150) ألف دولار عالمياً -أي ما يتجاوز ال(2.5) مليون جنيه سوداني (مليار بالقديم).