مصر لم تتراجع عن الدعوى ضد إسرائيل في العدل الدولية    حملة لحذف منشورات "تمجيد المال" في الصين    أمجد فريد الطيب يكتب: سيناريوهات إنهاء الحرب في السودان    زلزال في إثيوبيا.. انهيار سد النهضة سيكون بمثابة طوفان علي السودان    ماذا بعد انتخاب رئيس تشاد؟    يس علي يس يكتب: الاستقالات.. خدمة ونس..!!    500 عربة قتالية بجنودها علي مشارف الفاشر لدحر عصابات التمرد.. أكثر من 100 من المكونات القبلية والعشائرية تواثقت    مبعوث أمريكا إلى السودان: سنستخدم العقوبات بنظام " أسلوب في صندوق كبير"    قيادي بالمؤتمر الشعبي يعلّق على"اتّفاق جوبا" ويحذّر    (ابناء باب سويقة في أختبار أهلي القرن)    عصار الكمر تبدع في تكريم عصام الدحيش    عبد الفضيل الماظ (1924) ومحمد أحمد الريح في يوليو 1971: دايراك يوم لقا بدميك اتوشح    قصة أغرب من الخيال لجزائرية أخفت حملها عن زوجها عند الطلاق!    الهلال يتعادل مع النصر بضربة جزاء في الوقت بدل الضائع    كيف دشن الطوفان نظاماً عالمياً بديلاً؟    محمد الشناوي: علي معلول لم يعد تونسياً .. والأهلي لا يخشى جمهور الترجي    مطالبة بتشديد الرقابة على المكملات الغذائية    السودان..الكشف عن أسباب انقلاب عربة قائد كتيبة البراء    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء سودانية تخطف قلوب المتابعين وهي تستعرض جمالها ب(الكاكي) الخاص بالجيش وتعلن دعمها للقوات المسلحة ومتابعون: (التحية لأخوات نسيبة)    شاهد بالصورة والفيديو.. "المعاناة تولد الإبداع" بعد انقطاع الماء والكهرباء.. سوداني ينجح في استخراج مياه الشرب مستخدماً "العجلة" كموتور كهرباء    بالفيديو.. شاهد رد سوداني يعمل "راعي" في السعودية على أهل قريته عندما أرسلوا له يطلبون منه شراء حافلة "روزا" لهم    برشلونة يسابق الزمن لحسم خليفة تشافي    البرازيل تستضيف مونديال السيدات 2027    مدير الإدارة العامة للمرور يشيد بنافذتي المتمة والقضارف لضبطهما إجراءات ترخيص عدد (2) مركبة مسروقة    منتخبنا فاقد للصلاحية؟؟    قيادي سابق ببنك السودان يطالب بصندوق تعويضي لمنهوبات المصارف    شاهد بالصورة.. (سالي عثمان) قصة إعلامية ومذيعة سودانية حسناء أهلها من (مروي الباسا) وولدت في الجزيرة ودرست بمصر    آفاق الهجوم الروسي الجديد    كيف يتم تهريب محاصيل الجزيرة من تمبول إلي أسواق محلية حلفا الجديدة ؟!    شبكة إجرامية متخصصة في تزوير المستندات والمكاتبات الرسمية الخاصة بوزارة التجارة الخارجية    إنشاء "مصفاة جديدة للذهب"... هل يغير من الوضع السياسي والاقتصادي في السودان؟    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني في الموازي ليوم الأربعاء    وسط توترات بشأن رفح.. مسؤول أميركي يعتزم إجراء محادثات بالسعودية وإسرائيل    "تسونامي" الذكاء الاصطناعي يضرب الوظائف حول العالم.. ما وضع المنطقة العربية؟    شاهد بالصورة.. حسناء السوشيال ميديا "لوشي" تنعي جوان الخطيب بعبارات مؤثرة: (حمودي دا حته من قلبي وياريت لو بتعرفوه زي ما أنا بعرفه ولا بتشوفوه بعيوني.. البعملو في السر مازي الظاهر ليكم)    حتي لا يصبح جوان الخطيبي قدوة    5 طرق للتخلص من "إدمان" الخلوي في السرير    انعقاد ورشة عمل لتأهيل القطاع الصناعي في السودان بالقاهرة    أسامه عبدالماجد: هدية الى جبريل و(القحاتة)    "المايونيز" وراء التسمم الجماعي بأحد مطاعم الرياض    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    باحث مصري: قصة موسى والبحر خاطئة والنبي إدريس هو أوزوريس    الفيلم السوداني وداعا جوليا يفتتح مهرجان مالمو للسينما في السويد    بنقرة واحدة صار بإمكانك تحويل أي نص إلى فيديو.. تعرف إلى Vidu    أصحاب هواتف آيفون يواجهون مشاكل مع حساب آبل    كيف يُسهم الشخير في فقدان الأسنان؟    هنيدي ومحمد رمضان ويوسف الشريف في عزاء والدة كريم عبد العزيز    أسترازينيكا تبدأ سحب لقاح كوفيد-19 عالمياً    تنكُر يوقع هارباً في قبضة الشرطة بفلوريدا – صورة    معتصم اقرع: حرمة الموت وحقوق الجسد الحي    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    العقاد والمسيح والحب    أمس حبيت راسك!    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رئيس وزراء الفترة انتقالية د.محمد عبد الله حمدوك ل(النيل الأزرق): تشكيل حكومة كفاءات أول امتحان لقوى الحرية والتغيير
نشر في السوداني يوم 26 - 08 - 2019

في إطلالة استثنائية لرئيس وزراء الفترة الانتقالية د.محمد عبد الله حمدوك على قناة النيل الأزرق تحدث الرجل بهدوء، مطفئا الكثير من نيران الحيرة لدى الشارع العام حيال برنامج الفترة الانتقالية والتحديات التي تواجهها وورطة الاقتصاد الذي كان سببا في العصف بالإنقاذيين المتأسلمين عبر ثورة ديسمبر المجيدة.. الحوار أداره بهدوء مماثل فيصل محمد صالح، ليكون الحوار مثار الجدل والنقاش في مجالس المدينة.
كيف تلقيت خبر تكليفك أنت والأسرة؟
وافقنا على هذا الاختيار تلبية لنداء الوطن، الذي في سبيله تهون كل الصعاب، ونعلم تماما عظم المسؤولية وحجم التحديات.
لكنني أعلم أيضا أنه في تاريخ المعاصر لم نحقق أي وفاق واصطفاف سوداني عريض سوى الآن، فأكتوبر وأبريل، الثورة كانت في المركز، لكن هذه الثورة بعمقها وثرائها شملت كل البلاد والمنافي، بدليل المناظر المدهشة لقطار عطبرة ومسيرة دارفور إلى الخرطوم ومن مناطق أخرى كثيرة. هذا الزخم تهون أمامه أي تضحيات.
وأنا لم أحضر لتحمل هذه المسؤولية كفرد بل لكي أساهم مع شعبنا للعبور إلى بر الأمان.. وأعتقد أنا مسؤول مع فريق ومع مكونات شعبنا عن العبور إلى مجتمع تعددي ديمقراطي ندير خلافتنا فيه بشكل حضاري.
كيف ستنتظم علاقتك بقوى الحرية والتغيير؟
قوى الحرية والتغيير اتفقت على برنامج حد أدنى، لذا فالحكومة القادمة حكومة برنامج وطلبت تنفيذه.. عليه سنظل نتشاور معهم بشكل منتظم في هذا التنفيذ. لكن بذات القدر نطلب منهم ترك مساحة في تنفيذ البرنامج بحرية، أي في كل القضايا نتشاور معهم لكن نريدهم في نهاية المسألة أن يسألونا عن تنفيذنا.
تنفيذك للبرنامج ألا يصطدم مع تعدد الخلفيات والأيدولوجيات لمكونات الحرية والتغيير كتحالف؟
هذا صحيح.. قوى الحرية والتغيير تحالف عريض ويضم تنوعا كبيرا من الطيف السياسي واختلافا في الأفكار والرؤى. لكن أعتقد أننا لا نتحدث عن 25 عاما بل برنامج حد أدنى ل 3 سنوات ممكن التنفيذ، وهو البوصلة في العلاقة بيننا، ولا أعتقد أن هناك قضايا فكرية وأيدولوجية كبيرة ستزحم هذا البرنامج بخلافات عميقة، وطبيعة مثل هذه التحالفات وجود الاختلافات لكن الاتفاق على برنامج حد أدنى يقلل من ذلك، بالتالي لا خوف حيال أي مشاكل فكرية.
كثيرون يتخوفون من بقائكم بالخارج بالتالي منبتّين عن الواقع؟
هذا سؤال جميل، أنا لم أغادر السودان وظل معنا في جوارحنا أينما ذهبنا.. لكن بشكل عملي مباشر أنا غبت عن إفريقيا القارة لفترة قصيرة جدا هي فترة الدراسة، وبمجرد الانتهاء منها في جامعة مانشستر عدت إلى إفريقيا بداية بزيمبابوي التي كانت موضوع بحث الدكتوراه وعلمت خمسة أعوام في منظمات متعددة، والعمل الدولية وبرنامج الأمم المتحدة وفي غرب إفريقيا ببنك التنمية الإفريقي، ثم في المفوضية الاقتصادية للأمم المتحدة، ومن ثم إلى جنوب إفريقيا، طيلة تلك الفترة لم أنقطع عن السودان.. لكن أريد أن أشير إلى تجربة متميزة وفريدة قدتها في السودان بعد توفيع اتفاق السلام الشامل في 2005م، وقتها كنت المدير الإقليمي لإفريقيا والشرق الأوسط لمنظمة إيديا (معهد الديمقراطية والمساعدة الانتخابية) وفتحنا مكتبا في السودان، وظل هذا المكتب لحوالي 5- 6 سنوات يعمل بشكل مباشر مع الأحزاب السياسية في السودان كلها، برامجها وتدريبها، وساهمت هذه التجربة في تقديمي إلى القيادة السياسية في السودان بكل ألوانها.. وبعد انتقالي إلى المفوضية الاقتصادية ظللنا نعمل مع السودان في قضايا ذات طبيعة فنية، مثل التخطيط والإحصاء والتجربة الخارجية والبعد الإقليمي، وظللت أشكل حضورا كاملا مع قضايا السودان وتحدياته.
وارتبط ذلك ببداياتي منذ تخرجت، وذهبت إلى الحقل لأعمل في جنوب كردفان بكادوقلي، والمالية بالأبيض، ولم أغادر السودان.
أنت اقتصادي لكنك ستواجه قضايا سياسية وأمنية واجتماعية.. كيف ستتعامل معها؟
كما ذكرت في مانشستر تفتحت أعيننا على الاقتصاد المؤسسي وزادت بشكل أفضل في التجربة، حيث كنت قائدا للفريق الذي أسس أول سياسة لبنك التنمية الإفريقي حول الحوكمة. والحوكمة الاقتصادية لا معنى لها اذا لم ترتبط بالحوكمة السياسية، لأن الاقتصاد لا يعمل في فراغ، بل يحتاج إلى بيئة سياسية حاضنة ويكون هناك تناغم وانسجام، أي خلل في المعادلة لا يقود إلى نجاح.
وفي السودان هذا أكثر ما نحتاجه، فأي شيء تريد عمله في الاقتصاد، يحتاج إلى رأي عام داعم وأن تفهم بشكل دقيق الاقتصاد السياسي لأي سياسة اقتصادية سواء رفع الدعم أو دعم الزراعة، بالتالي أي سياسة اقتصادية تحتاج إلى بيئة سياسية حاضنة، ورأي عام داعم لها، بالتالي التناغم بين السياسة والاقتصاد مهم.. وتجربتي العملية في (ايديا) ربما تثير التساؤل كيف لي أن أعمل فيها بحكم أنني اقتصادي.. لكن أول علاقة لي بها كانت عندما كنت أعمل في بنك التنمية الإفريقي، وايديا منظمة حكومية مملوكة ل 25 دولة ومقرها السويد، وأحضر سنويا اجتماعاتهم ونهتم بالاقتصاد المؤسسي والتنمية وعلاقات الديمقراطية، وطلبوا مني أن أفتح أول مكتب في بروتوريا كأول مكتب في إفريقيا وهو ما ساهم في تعريفي بقضايا النزاعات والديمقراطية، وتجربة السودان كانت واحدة أيضا من خلال بناء قدرات الأحزاب السياسية، وتجارب أخرى في غرب إفريقيا وفي الجنوب الإفريقي، وفي شرق إفريقيا.
هل هناك تشابه بين أوضاع تلك الدول والسودان؟
بكل تأكيد، رغم كل تنوع إفريقيا، إلا أن ثمة الكثير المشترك، بدءا بالإرث الاستعماري المشترك، والتاريخ المشترك. لكن مع كل هذا المشترك فإن كل بلد متفرد. لكن نستطيع أن نستفيد من تجارب الآخرين والتجارب التي تعاملت فيها شخصيا بشكل لصيق لمعالجة قضايانا.. وأذكر عددا محدودا من التجارب كالتجربة الإثيوبية، رواندا، جنوب إفريقيا، غانا بتسوانا، موريشص، هذه بلدان حققت نموا واستقرارا سياسيا وشكلا من أشكال التبادل السلمي للسلطة يمكننا التعلم منه.
في تجربة إثيوبيا فإنني تعاملت على مدار 10 سنوات مع ملس زيناوي كشخص فريد في التعامل مع الواقع المعقد، حيث كنت جزءا من فريقه الذي أنجز التجربة الإثيوبية لبلد فقير لكن كانت هناك قيادة لديها رؤية ومشروع وطني، وقدرة على رص القضايا الكلية من الاقتصاد الكلي والقطاعي، ومشروع مجتمعي التف حوله المجتمع.
لتستطيع إثيوبيا أن تحقق نموا فريدا كأعلى نمو من 10 بلدان في العالم، هذه التجربة متاحة لنا للاستفادة مما حدث فيها، وهي مسألة نظرية.
أنت مقبل على مواجهة وضع معقد سياسيا وأمنيا واقتصاديا وحروب، فمن أين ستبدأ؟
بكل تأكيد هذا الانتقال فيه قضايا كثيرة معقدة وتحديات كبيرة، في تاريخنا المعاصر شهدنا تجربتين انتقاليتين 1964م و1985م، لكن هذا الانتقال مختلف عنهما تماما في تمايزه وتعقيداته وقضاياه.
في أكتوبر وأبريل كانت حرب الجنوب، الآن في كل مناطق القطر وتحديات كبيرة، وأدرنا اقتصاد حرب خلال 20-30 عاما، وأهدرنا موارد كثيرة جدا، بالتالي تصبح من الضرورة بمكان الأولوية القصوى أن يبدأ برنامج الفترة الانتقالية بإيقاف الحرب وخلق وإيجاد سلام مستدام، يضع حدا لمعاناة أهلنا في النزوح واللجوء، خصوصا وأن الظرف مهيأ لأن هناك إرادة لدى الأطراف، فالجبهة الثورية والحركات جزء أصيل من الثورة، وتتوفر إرادة بين الطرفين للعبور بالبلاد.. وأول الأولويات تشكيل مفوضية السلام التي ستشرع مباشرة في إمكانية تحقيق هذه المطلب.. كل ذلك يرتبط بقضايا أخرى كمكافحة ومحاربة الأزمة الاقتصادية الطاحنة، لأننا نطمح لبناء اقتصاد وطني مبني على الإنتاج لا الهبات والمعونات وهذا يمكن التفصيل فيه.
هل نحن على شفا انهيار اقتصادي أم نحن نواجه أزمة يمكن بقليل من التدبر العبور منها؟
نحن في أزمة اقتصادية دون شك، لكنها أزمة ممكنة الحل، يجب أن تتوفر لها العديد من الشروط أبرزها البيئة السياسية، فضلا عن شرط السياسات الحكيمة التي تخاطب جذور الأزمة، وأبرزها النجاح في إيقاف الحرب، إذ لا يمكن الاستمرار في اقتصاد حرب ونطمح في خلق أولويات تساعد في التنمية والصرف على الصحة والتعليم التي نصرف عليها أقل من 10%، في وقت تقول فيه كل تجارب الدول التي نمت وحققت طفرة في النمو إنها بدأت بالعنصر البشري، ولتكون أولوياتنا بشكل صحيح يجب إيقاف الحرب، وإيقاف توجيه 70%-80% من الميزانية لاقتصاد الحرب في الأمن والدفاع.. هذا إذا حدث يمكننا وضع اللبنات الأساسية للمضي في الطريق الصحيح، ويرتبط ذلك بإدارة الموارد وتوجيه الطاقات للإنتاج بحيث نحقق إنتاجا لاقتصاد قائم على التصدير وقطاعات أساسية في هذا الاقتصاد مثل القطاع الزراعي، لكن تظل قضايا الاقتصاد الكلي مهمة لدعم ذلك.. ونحن من أكبر أزماتنا أزمة الثقة في النظام المصرفي وإذا لم نعالج ذلك لن نستطيع أن نحقق نجاحا، ويرتبط ذلك بإدارة العملة الوطنية وسعر الصرف وغيرها وكل ذلك يدخل تحت الإدارة الحكيمة وهو ما يتطلب بعض الأمور الأخرى لتنجح.
كيف يمكن معالجة ارتفاع تكلفة الإنتاج الذي تسبب في هروب الكثيرين من الاستثمار في الزراعة؟
القطاع الزراعي بكل القطاعات الفرعية الحيواني والنباتي والمطري والمروي يتعرض لإهمال ومردوم بكمية من الضرائب التي أنهكته وزيادة تكلفة الإنتاج ترتبط بالضرائب.. هناك دراسة عن الضرائب للصادر فيها أكثر من 17 ضريبة، فكيف لاقتصاد منهك بهذا يمكن أن يقف على قديمه، لا خيار سوى دعم هذا القطاع لأنه عظم الظهر في الاقتصاد، ونحلم بتنمية مرتبطة بالتصنيع والتصنيع نرتبط بالزراعة الذي يتيح مدخلات إنتاج، كالأسمدة والبذور المحسنة والتكنولوجي "التركترات والمبيدات"، نحن حتى الآن المزارع التقليدي لدينا يستخدم في الألفية الثالثة الطورية والسلوكة، ويجب معالجة ذلك عبر التحديث والميكنة.. بذات القدر عند حدوث الإنتاج هناك موضوع القيمة المضافة إذ لا أحد في العالم يصدر أنعاما حية، نحن نصدر أربعة منتجات في هذا الأمر، فالجلد فقط يمكن أن يكون بذات قيمة الهدي، نحتاج إلى اتخاذ قرار بعدم تصدير منتج خام إذا كان صمغا عربيا، أو حيوانا أو قطنا، ونحن أغنياء ويجب أن نصنع ولا نصدر خام.
فالقيمة المضافة إذا صنعت فإن المنتج يزيد 200% 300%، التصنيع يخلق مساحة لإيجاد عمالة بإمكانيات عالية وبالتالي يمكن أن تستهلك وتخلق دورة في الاقتصاد وتعالج مشكلة البطالة، ولا بد أن يكون هذا الأمر هاديا لنا.. إثيوبيا قبل 5 سنوات اتخذت قرارا بعدم تصدير أي خام.. ذلك يساعد في الصناعة الوطنية وبمرور الزمن ستنافس إقليميا ودوليا.
هناك تخوف من ارتباط الإصلاح الاقتصادي بالإصلاح الهيكلي والروشتة الدولية في رفع الدعم وتقليل الإنفاق الحكومي ومزيد من الخصخصة، هل هي موجهات في عملك وبرنامجك؟
لا.. هذه ليست الموجهات.. هذه روشتات صندوق النقد والبنك الدولي كمؤسسات نحن أعضاء فيها ونحتاج إليها، لكن هذه المؤسسات يجب أن تفهم أننا كسودانيين لا يوجد شخص يفهم اقتصادنا وواقعنا السياسي والاقتصادي والاجتماعي أكثر منا، لا خبير مهما كانت قدراته في التحليل أحسن منا، وخبراؤنا مسلحون بالعلم ونستطيع أن نصل إلى وصفة لمعالجة قضايانا نجبر المؤسستين للتعامل معنا بفهمنا.. وأي شخص يريد مساعدتنا يجب أن يساعدنا وفق ما نريد بتحديد أولوياتنا ونرحب بعد ذلك بالأصدقاء والشركاء وفق رؤيتنا.
هناك تجارب مثل ماليزيا حيث رفض مهاتير تطبيق الروشتة إبان الأزمة الاقتصادية في التسعينيات، وكانت البلد الوحيد الذي لم تضربه الأزمة.. وإثيوبيا في كل مفاوضات البند الرابع مع الصندوق والبنك، باستمرار كان هناك جدل الخصخصة. الإثيوبيون يرفضون ذلك.
وتظل إثيوبيا حتى اليوم أكبر بلد في إفريقيا تتمتع بأعلى مستوى من القروض والمعونات من هاتين المؤسستين. المسألة تحتاج إلى جدية وقدرة على التعامل معها بصرامة، وبرنامج وطني منسجم ومتماسك وجاد في تنفيذه.. وهذا يرتبط بدوائر الاقتصاد السياسي وموافقة جمهور الشعب السوداني، بالتالي هذا الأمر ليس فزاعة، ولا يجب أن نخاف من التعامل مع الصندوق والبنك فقط نحتاج إلى خلق انطباع يؤثر في المناخ الدولي لإقناعه بأن بلادنا مهيأة للاستثمار الاجنبي ويمكن ذلك.
إثيوبيا خدمتها ظروف سياسية وموقعها، هل نحن نملك ذلك للمساومة؟
نحن موقعنا الاستراتيجي هو في تقديري أفضل من إثيوبيا، نطل على البحر الاحمر، ونحن جسر بين إفريقيا والعالم، ولنا تعدد وثراء حيث نجاور 9 دول إبان السودان القديم في عالم مليء بالصراعات.. نستطيع المساهمة في خلق سلام إقليمي ونساهم مع الجيران وبلدان المنطقة في خلق مناخ إقليمي مستقر إذا أحسنّا إدارة هذه العلاقات ونستفيد من موقعنا. كل القوى العظمى موجودة في البحر الأحمر ولنا ساحل وإثيوبيا ليس لديها ساحل. نحن موقعنا ودورنا أفضل بما لا يقاس لأي بلد إفريقي من الإمكانات المهولة للعب أي دور نريده.
من أبرز التحديات المتوقعة للحكومة الانتقالية مسألتا الفساد ومقاومة (جيوب الدولة العميقة) التي ستقاوم أي عملية إصلاحية؟
بكل تأكيد الفساد يُحارب بالتطبيق الصارم للقوانين، ويمكن الرجوع للتجربة الإثيوبية، فالوزير يمكن أن يسجن لا توجد مجاملة، بالتأكيد الفساد لن يقف مكتوف الأيدي وسيسعى للمقاومة، ولكن في المقابل أنت تحتاج بجانب التطبيق الصارم للقانون إلى قضاء مستقل من تأثير السياسة والجهاز التنفيذي، وجزء من البرامج المطروحة تعزيز استقلالية القضاء وإعادته لسيرته الأولى، وثانيا أجهزة الإعلام والصحافة تلعب دورا رئيسيا في محاربة الفساد خاصة الصحافة الاستقصائية التي تلعب دورا كبيرا في كشف الفساد وتمليك المعلومات للرأي العام ولجهة الاختصاص، ونطمح أيضا في بعث تقاليد السودان العريقة في احتقار الرشوة والمحسوبية عبر العمل المجتمعي والإعلامي.
السودان في وضع صعب ويقع في منتصف (حرب محاور) منذ فترة، وهي واحدة من معضلات وضع وتخطيط السياسة الخارجية خاصة وأنه يريد أن يستثمر فيها لمصلحة الاقتصاد السودان؟
هذا الانتقال متميز ولديه مزايا وتحديات غير مسبوقة في العام 1964 و1985 حيث كانت الاختلافات بشكل أساسي داخلية والعامل الخارجي كان بسيطا، وهو أمر مختلف هذه المرة فحتى الاتفاق الذي تم التوصل إليه تم بوساطة خارجية، ونحن نشيد بالأشقاء الذين ساعدونا في العبور لهذه المرحلة الاتحاد الإفريقي وإثيوبيا ومصر وجنوب السودان ودول الجوار، وبكل تأكيد ستكون البوصلة خلال الفترة الانتقالية هي خلق سياسة خارجية متزنة تراعي في المقام الأول والأخير مصلحة السودان ونحن نطمح في تعاون إقليمي يخرج السودان من مرحلة العزلة والعقوبات لسودان مزدهر متصالح مع نفسه ومحيطه الإقليمي والدولي، وبالتأكيد السياسة الخارجية ستلعب دورا في رسم صورة مختلفة للبلد وخلق رأي عام عالمي بأن السودان يختلف عن العقود الماضية، واندماج السودان في المنظومة الدولية يساهم في السلم والأمن الدوليين الخ… بنفس القدر تلعب هذه السياسة الخارجية دورا كبيرا في حشد الموارد والاستثمار والتبشير بأن السودان بيئة خصبة وملائمة للاستثمار.
على المستوى العملي الأمر لن يكون بهذه السهولة وستكون هناك ضغوط على السودان للانحياز لمحور بعينه؟
ما من شك في ذلك، وقضايا السياسة الخارجية تنطوي على تعقيدات كثيرة وهناك شد وجذب واستقطاب محاور لكن ما نحتاجه هو عبور كل ذلك بحصافة وهذا لا يمنع التعامل مع الشركاء والأصدقاء دون إملاءات وشروط والفيصل الأساسي هو المصالح المشتركة، بشكل عام لا أعتقد أن إدارة هذه التعقيدات مسألة صعبة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.