وزير الخارجية المصري سامح شكري كان متوقعاً وصوله عصر أمس الأول السبت إلى الخرطوم لحضور اجتماعات لجنة المشاورات السياسية بين البلدين باعتبارها إحدى اللجان المنبثقة عن اللجنة العليا المشتركة بين البلدين على المستوى الرئاسي التي عقدت لأول مرة في القاهرة في 5 أكتوبر 2016م، وكان من المقرر أن تبحث لجنة المشاورات السياسية العلاقات الثنائية بين البلدين، فضلاً عن الموضوعات الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، بالإضافة للتباحث حول ما يعرف بميثاق الشرف الإعلامي بين البلدين بعد فترة من التصعيد الإعلامي بالأخص من الجانب المصري بلغ حد توجيه إساءات لأجهزة وشخوص رفيعي المستوى. وطبقاً لتحليلات مصرية فإن الزيارة تأتي في ظل التحركات المصرية تجاه دولة جنوب السودان، ما يتعارض مع مصالح أديس أبابا المقربة من الخرطوم، باعتبار أن القاهرةوأديس أبابا تتنافسان في منطقة القرن الإفريقي. ونقلت تقارير إعلامية سابقة عن المتخصصة في الشؤون الإفريقية بمركز الأهرام، أماني الطويل، فإن أديس نجحت في الاستفراد بالمنطقة منذ 2013م عبر نجاحها في التحالف مع الخرطوم في تحالف ثنائي مدعوم من الدوحة، وأضافت أن زيارة شكري تأتي في توقيت حرج لجهة أن القاهرة تواجه أعباء إضافية تتطلب صبرا سياسيا واحتواء لهذا النوع من التحالفات التي لا تستند لأي أسباب موضوعية. واعتبرت الطويل أن القرار السوداني حول تأشيرات دخول المصريين إلى أراضيه، تصعيداً ينتهجه السودان ضد مصر في الفترة الأخيرة وينبني على سوء تفهم نظرة للتحركات المصرية بدول حوض النيل وضرورتها للأمن والاستقرار ولأن هذه التحركات الإقليمية هي عودة لنقط ارتكاز إقليمية لمصر لها طابع تاريخي واستراتيجي. التفسيرات الرسمية: بعيداً عن اجتهادات المحللين قريباً من دوائر صنع القرار الرسمي بالقاهرة، أكدت عضو لجنة العلاقات الخارجية بالبرلمان المصري أنيسة عصام حسونة في حديثها ل(السوداني) أمس، رفضها لربط تأجيل الزيارة وعدم تحديد موعد بديل بقرار الخرطوم في فرض تأشيرات على المصريين لدخول أراضيها، قاطعة باعتزاز الشعب المصري والدوائر الرسمية المصرية بالسودان شعباً وعلاقات، مراهنة على أن الوشائج التاريخية والعلاقات الممتدة لها دورها في حسم أي سوء تفاهم ينشأ هنا وهناك مما يجعله عابراً وغير مؤثر. واعتبرت عضو لجنة العلاقات الخارجية أن ما حال دون تحديد زمن بديل للزيارة يرتبط بوجود التزامات أخرى لوزير الخارجية المصري، وأضافت: "كذلك ما حدث الآن في مصر من تفجيرات شغل كل الدوائر المصرية بالتالي هناك فقط التغييرات التي تحدث على الأرض ولا شيء غير ذلك". التعامل بالمثل: الملحق الإعلامي بالقاهرة راشد عبد الرحيم، يذهب في حديثه ل(السوداني) أمس، إلى أن مبرر التأجيل حقيقي ويرتبط بالأحوال الجوية، كاشفاً عن أن الطائرة بالفعل ظلت متوقفة لثلاث ساعات بالمطار، وأضاف: "التأجيل الذي حدث طبيعي وأي مواعيد تم إلغاؤها لا تتم اعتباطاً بل عبر مكاتبات ومراسلات". واستبعد راشد أن يكون للجانب المصري الرسمي أي احتجاج على قرار التأشيرات، وأضاف: "القرار صدر قبل فترة وتم تطبيقه يوم الأربعاء الماضي، وتم إخطار السفارة المصرية بالخرطوم بذلك منذ صدور". واعتبر عبد الرحيم أن الأصل في الأشياء وجود تشيرات بين الدول وعدم وجود تأشيرات هو الاستثناء، وأضاف: "على المستوى الرسمي هناك اتفاق الحريات الأربع بين الجانبين المصري والسوداني، إلا أن القاهرة لم تطبقه بسبب ظروفها، وظل السودان السودان متعاملاً مع الأمر ومقدراً لظروف القاهرة". وقطع المحلق الإعلامي بأن السودان كان يؤمل على أن تكون هناك خطوة متقدمة من الجانب المصري في هذا الملف ولم يحدث ذلك، وأضاف: "الآن تقديرات الخرطوم تغيرت واتخذت هذا القرار". وكشف عبد الرحيم عن استيعاب الجانب المصري لخطوة الخرطوم وأحقيته فيها، وأضاف: "تم التطرق إليه عبر الإعلام المصري"، مؤكداً استيعاب الجانب المصري لحجم التأثير الإعلامي السلبي على علاقات البلدين، وأضاف: "الدليل على إدراك مصر لحساسية الإعلام وتأثيره برزت في أجندة الزيارة وإعلان الوزير المصري أنه سيناقش ميثاق شرف إعلامي، ما يعني إدراكاً مصرياً لأن الإعلام له أثر سلبي على العلاقات بين البلدين، أي أن الجانب الرسمي غير راضٍ عن الأداء الإعلامي". من جانبها اعتبرت أنيسة حسونة أن خطوة الخرطوم في موضوع التأشيرات مبررة، لأن الوضع في المنطقة العربية يفرض على كل دولة رسم سياستها الخاصة في حماية أمنها، وللخرطوم مطلق السيادة في ذلك الأمر مثلما للقاهرة، واستبعدت أن يحدث تداخل بين الملفات بما يؤثر على الحريات الأربع.