العمدة أحمد رحمة القرياتي عمدة قبيلة القريات ومقرها غرب أم درمان حيث تبدأ من المرخيات وحتى حدود شمال كردفان قال ل(السوداني) إن المنطقة خلوية وأصبحت مؤخراً معبراً للاتجار بالبشر، لافتاً إلى أنهم كقيادات قبلية بالريف الغربي قرروا الوقوف ضد عمليات تهريب البشر خاصة أنها محرمة دولياً منبهاً أبناء قبيلته لخطورة مثل هذه الجرائم. ولفت العمدة رحمة إلى أن منطقة القريات تعتبر أراضي صحراوية واسعة باتت تستغل من قبل عصابات التهريب المختلفة بل وأصبح يستغل بعض شباب المنطقة من (العاطلين) الباحثين عن الثراء للمساعدة في عبور عمليات التهريب، منبهاً إلى أن الذين ينشطون في هذا المجال ينشطون بطرق سرية ولا يمكن الكشف عنهم إلا عقب الإيقاع بهم من قبل السلطات الأمنية، مشيراً إلى أن شبابهم تورطوا في تلك العمليات بسبب جهلهم بالقوانين. وأضاف رحمة أن الأجانب الذين يتم تهريبهم كثيراً ما يتعرضون لمخاطر تتمثل في الجوع والعطش والموت بسبب الحوادث المرورية مناشداً الشرطة ضرورة تكثيف الدوريات بتلك المناطق للحد من هذه الأنشطة، مشيراً إلى أن الجرعات التوعوية التي بات يقدمها عمد تلك القبائل المنتشرة بتلك المناطق وجدت استجابة من قبل الشباب والناشطين في هذا المجال ما أسهم في انخفاضها. مزوّرون من جهته كشف العمدة عوض السيد إبراهيم من أعيان قبيلة الكبابيش، أن المتورطين في عمليات تهريب البشر والمخدرات باتوا يحملون بطاقات ويدعون تبعيتهم للحكومة ويحملون سلاحاً يُستغل في إيصال عمليات التهريب بنجاح، مشيراً إلى أن تقليص صلاحيات الإدارات الأهلية جعلها تنظر كالمتفرج ولا تقوى على فعل شيء إزاء تلك التصرفات غير القانونية، مؤكداً أن الدولة بسلطاتها الأمنية المختلفة لن تستطيع التصدي لهذه الظواهر دون إشراك الإدارات الأهلية. وأضاف العمدة عوض السيد أن مناطق الكبابيش كانت مناطق معافاة ولا تعرف عمليات التهريب وأن تاريخ البعض في تلك الجرائم بدأ منذ العام 2000م. وأوضح عوض السيد أن تنظيم تجارة البشر يبدأ من الخرطوم ويستغل أبناء تلك المناطق لمعرفتهم التامة بطبيعة المنطقة في إتمام عمليات تهريب البشر بمقابل مادي جعل منها تجارة رابحة ومغرية للشباب العاطل، وأضاف أن مناطق الكبابيش تبدأ من فتاشة غرباً وحتى شرق دارفور لافتاً إلى أن المخدرات باتت تعبر من دارفور إلى الخرطوم مروراً بمنطقتهم وكذلك البشر يتم تهريبهم من الخرطوم إلى الحدود الليبية مروراً بمناطقهم، لافتاً إلى أنهم تضرروا أضراراً بالغة من تلك العمليات التي أودت بأرواح بعض الشباب نتيجة مطاردات بينهم وبين الشرطة، موضحاً أن مناطق الكبابيش تفتقر لأقل المقومات متمثلة في الصحة والتعليم والطرق المُعبَّدة والمياه والكهرباء، الأمر الذي يجعل إنسانها أقل وعياً عن بقية المناطق التي تتوفر فيها تلك المقومات الحياتية وقال: (لو الخرطوم مسكت بلاويها نحن بنقدر نمسك أولادنا ونمنعهم). كانت هجرة عادية يقول العمدة خير السيد خليفة الشيخ مراح، عضو محكمة أم حروت الريفية، إن تجارة البشر في السابق كانت تعتبر هجرة عادية نسبة لانعدام الثقافة القانونية وثقافة الهجرة، مشيراً إلى أن تلك الهجرات تبدأ من الخرطوم وتعبر مناطقهم وأن أغلب الذين يتم تهريبهم هم من الإثيوبيين والأريتريين والصوماليين ومؤخراً دخلت دول مثل الباكستان والبنغلاديش. وأوضح العمدة خير السيد أن الخرطوم تعاني من حرية زائدة خلقت بيئة خصبة للأجانب للتنقل بحرية، مشيراً إلى ظاهرة ابتزاز المواطنين السودانيين من قبل سماسرة خدم المنازل، مشيراً إلى أن ذلك القصور يعود لإدارة شؤون الأجانب والتي لا تقوم بمتابعة الأجانب بعد منحهم أذونات دخول للبلاد، مشدداً على ضرورة تقييد تحركات الأجانب وتقنين وجودهم، موضحاً أن تورط أبناء مناطقهم في عمليات تهريب البشر لا يخرج عن نطاق جهل أولئك الشباب ونقص ثقافتهم فيما يتعلق بالمخالفات القانونية، مطالباً بضرورة السيطرة على الأجانب، مشيراً إلى أن هنالك مناطق بالخرطوم تأوي أجانب باتوا الآن يطالبون بتقنين تلك المناطق لصالحهم ويضغطون على الدولة. من جانبه أشار المستشار القانوني عاطف حسن العبيد، إلى أن هنالك شركات استثمارية وهمية يتم تأسيسها من قبل أجانب بغرض استجلاب عمالة أجنبية لصالح مصانع وهمية، وبالفعل يتم السماح لهم بإدخال تلك العمالة إلا أنه يتضح أن هنالك أغراضاً أخرى يتم استجلاب تلك العمالة لأجلها، مشيراً إلى قضية المستثمرين الباكستانيين الذين أسسوا أكثر من (6) شركات وكل شركة أحضرت ما لا يقل عن (600) عامل أجنبي تم استقدامهم من الخارج يتم استئجار منازل وشقق لهم ويتم تهريبهم للخارج عبر ليبيا إلى أوروبا، مشيراً إلى أنهم شرعوا في عدة بلاغات في التحقيقات الجنائية والآن البلاغات تسير بصورة طبيعية. وأضاف المستشار عاطف أن تلك الشركات يقوم بتأسيسها شباب لا تتجاوز أعمارهم الثلاثين عاماً ويكون شريكهم سودانياً يتنازل عن أسهمه بمجرد تسجيل الشركة، مشدداً على ضرورة متابعة مثل تلك الشركات لافتاً إلى أن تسجيل تلك الشركات يتم بطريقة قانونية وتكون هنالك مصانع حقيقية إلا أن سعتها التشغيلية لا تتجاوز العشرة عمال إلا أنه يُستجلب لها ما لا يقل عن خمسمائة عامل أجنبي، مشيراً إلى أن هنالك تقصيراً من الجهات التنفيذية كالجمارك والمكافحة والجوازات التي يجب أن تتابع كل أجنبي تمنحه إذن دخول، وقطع بأنهم الآن بصدد تدوين (3) بلاغات في التحقيقات الجنائية وأنهم يملكون من المستندات ما يثبت تورط تلك الشركات ومخالفاتها القانونية وأنه سيتم تقديمهم للمحاكمة، ونفى اتهامه لأي جهة نافذة يرجح تورطها في تسهيلات لأولئك الأجانب، مشيراً إلى أن الإجراءات المتخذة من قبل الجوازات سليمة وتتم وفق القانون. ابتزاز ولفت عاطف إلى أن هنالك جرائم أخرى تقع على الضحايا الذين يتم استقدامهم، وأبرز تلك الجرائم استغلالهم في عمليات دعارة بجانب تصويرهم في أوضاع مخلة بالآداب، مشيراً إلى أنه عندما تم مداهمة مقر أجانب عُثِرَ على مخدرات بجانب أكثر من (400) جواز لأجانب من الجنسية من بنغلاديش وباكستان كما تم ضبط صور فاضحة في جوالاتهم وأفلام إباحية، وتم العثور على متعلقات جنسية بداخل منازلهم تستغل في العمليات الجنسية والدعارة تتمثل في الواقي الذكري وأيضاً الحبوب المخدرة مما يشير إلى وقوع ممارسات لا أخلاقية وأحياناً يتم تصوير الضحية بأوضاع مخلة وابتزازها. تصدٍّ للعمليات الخبير الجنائي ومدير الشؤون العامة بشرطة ولاية الخرطوم اللواء شرطة سر الختم عثمان يقول إن شرطة ولاية الخرطوم في إطار بسط الأمن والاستقرار تعمل على نشر التوعية ودك أوكار عصابات البشر والتصدي للجريمة بشتى أنواعها، مشيراً إلى خطورة عمليات تهريب البشر، مشيراً إلى أنه رغم طول الحدود إلا أن الشرطة السودانية قادرة على السيطرة على تلك الجريمة ومحاصرتها وعدم السماح بتمددها، مشيراً إلى أن هذه الجريمة تحيط بها عدة جرائم لا أخلاقية وغير إنسانية تقع على الضحايا. وأضاف اللواء سر الختم أنه لا يمكن القول إن الجريمة تمددت وأصبحت ظاهرة بل نقول إنها موجودة لحد ما نسبة لظروف متعددة منها الصراعات بدول الجوار ومشكلات النزوح وإفرازات هذا النزوح والتي دعمت هذا المسلك إلى حد ما، وأكد السيطرة على هذه الجريمة بفضل الجهود التي ظلت تبذلها الشرطة وشرطة ولاية الخرطوم من خلال أساليب متطورة لمحاصرتها. امتداد التأثير على دول أخرى وفي السياق، أعلن خبير الشؤون الدولية ومدير الإدارة العامة للتعاون الدولي اللواء شرطة عماد خلف الله، أن وزارة الداخلية شكلت لجنة فنية شرطية مختصة برئاسة ضابط برتبة الفريق لتنسيق الجهود الشرطية لمكافحة ظاهرة الاتجار بالبشر وتنسيق الجهود الوطنية المحلية مع الجهود الإقليمية والدولية حيث تعمل هذه الآلية كنقطة اتصال للتعاون الدولي، وكذلك فإن هنالك العديد من البرامج التدريبية الداخلية والخارجية لبناء القدرات الشرطية في هذا المجال. وأوضح اللواء عماد في تصريح ل(السوداني) أن ظاهرة البشر تعتبر من الجرائم المنظمة والعابرة للحدود والخطيرة حيث شغلت الرأي العام العالمي مؤخراً وتأثرت بها عدد من الدول المصدرة والمستقبلة للمهاجرين، مشيراً إلى أن هنالك عصابات منظمة تقوم بهذه الجرائم تستخدم كثيراً من الوسائل الفنية في تهريب البشر واستغلالهم وارتكاب جرائم خطيرة في حقهم أثناء ترحيلهم من دول المصدر، ومروراً بدول المعبر وانتهاءً بدول المقصد. وتعتبر أوروبا دول المقصد ويقصدها العابرون من دول العالم وخاصة إفريقيا، مشيراً إلى أن المنظمات الدولية أصدرت اتفاقيات ومعاهدات للحد من هذه الجرائم والتي اعتبرت من أخطر الجرائم المنصوص عليها في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان 1948م والمواثيق الإنسانية ذات الصلة، ولفت إلى أن السودان موقع على اتفاقيات ومعاهدات ولديه من القوانين والتشريعات الوطنية ما يمكنه من محاربة هذه الظاهرة كما أن لديه آليات تعمل في تنسيق تام كالجوازات والأمنية والسجل المدني والمباحث الجنائية وشرطة ولاية الخرطوم وشرطة الولايات الأخرى وخاصة الولايات الحدودية.