لم تفارق البال أو الخاطر صور واحداث ومواقف وحكايات ثورة ديسمبر المجيدة وما حققته من انتصار وتغيير للمسار باقتلاع نظام توطد و(توهط) كاتما على انفاسنا حد الاضطهاد، ما زالت مشاهد تلك الثورة شاخصة امام اعيننا وكأنها من نسج الخيال، ما تزال الانفاس تعلو وتهبط بمجرد أن طفنا بخيالنا وذاكراتنا على تلك الاحداث المأساوية التي تعرضنا لها خلال معركتنا ضد الظلم والطغيان من النظام البائد، ما زلنا نشتم رائحة البمبان التي الفناها وكأن دخانه ينتشر من حولنا ويعم المكان، ما زالت الغصة تعترض حلوقنا عندما يجول بخاطرنا طيف من استشهدوا امام اعيننا برصاص (الكجر) ومشاهد الاعتقال والتعذيب التي كانت تتم امامنا من ضرب واهانة كأنما اقترفوا جرما شنيعا، لن ننسى مشاهد القهر و(المرمطة) التي تعرضت لها (كنداكات) ومهيرات السودان وهن يتقدمن صفوف المواكب. بالرغم من كل الآلام والمواجع حصدنا ثمار ثورنا واتكأنا تحت ظلال شجرتها الوريفة التي رويت بدماء الشهداء، وما زالت تلك الشعارات تخترق طبلة اذاننا بدويها (يا نجيب حقهم يا نموت زيهم) و(شهدائنا ما ماتوا عايشين مع الثوار). في هذا اليوم السعيد 19 ديسمبر اطبع قبلة حب ووفاء على جبين كل ام قدمت ابنها شهيدا فداء للوطن، و احني قامتي اجلالا وتقديرا لكل شباب الثورة الابطال الاشاوس الذين تقدموا الصفوف ولم يرهبهم صوت الرصاص ولا غطرسة العسكر ولا سياط الجلاد الظالم أو قيود الاعتقال. انهم يستحقون الاحتفاء والثناء فهم الذين حملوا مصابيح العدالة واضاءوا بها عتمة الظلم الحالكة التي نسج خيوطها نظام الطغيان، لم يتراجعوا أو يتخاذلوا وهم يقدمون شهيدا اثر شهيد بل كانت اصواتهم تعلو بالهتاف (سلمية سلمية ضد الحرامية). ستظل ذكرى 19 ديسمبر المجيدة خالدة في الاذهان بكل تفاصيلها التي فرضت بقوتها وتحديها أن يحترمها الجميع، سيظل شهداء تلك الثورة نبراسا ونورا يشع بالامل والتفاؤل وارواحهم الطاهرة تحلق بيننا ونحن نردد على الدوام (شهداءنا ما ماتوا.. عايشيين مع الثوار). سنتكاتف جميعا لبلوغ مقصدنا وغايتنا بلا توان أو تهاون حتى نحقق كل مطالبنا وستظل نارها مشتعلة تهدي كل ضال ومتعنت والثورة مستمرة بفضل ثوارها وكنداكاتها الذين زينوا جيدها. سنبدأ خطواتنا الاولى بتغيير انفسنا اولا للافضل حتى نستطيع قيادة دفة التغيير بطي صفحات الخلافات والحروبات وأن يكون هناك سعي جاد لتحقيق السلام لانه لا تنمية ولا إعمار من دونه وان نحقق شعارنا (حرية، سلام وعدالة) فعلا على ارض الواقع. بدون قيد..