في حوالى الساعة العاشرة والنصف من مساء أمس الأول " الجمعة"، حمل الشريط الإخباري بالتلفزيون القومي نبأً بأن رئيس الوزراء د. عبد الله حمدوك سيلقي خطاباً مهماً للأمة السودانية بعد قليل، إلا أن الخطاب تم بثه بعد مرور أكثر من ساعتين من إعلانه رغم عبارة " بعد قليل"، إلا أن ما جعله حديث الساعة الربكة التي صابحته في الثواني الأولى مما جعل المواطنين يسخطون على مكتبه الإعلامي. ماذا حدث؟ خطاب الرجل لم يستغرق الخمس دقائق كاملة، و كان أبرز ما حمله بأنه تم تشكيل لجنة تقصي حقائق برئاسة النائب العام في أحداث العنف التي وقعت في يومي العشرين والحادي والعشرين من فبراير الجاري، وحدد مدة أسبوع للجنة التحقيق لرفع تقريرها النهائي بشأن الأحداث. وأكد فيه رفضه لاستخدام العنف المفرط ضد المدنيين الذي صاحب المسيرات السلمية الأخيرة، وأن الجميع سواسية أمام القانون بلا تمييز و قال : "رغم التحديات والمشاكل المتراكمة التي تواجه السودان إلا أن العمل الجماعي هو ما سيحقق أهداف الثورة ويُخرج السودان من أزماته". وأضاف أن إعادة هيكلة وتطوير جهاز الدولة، هو هدف تضعه الحكومة على قائمة أولوياتها رغم صعوبته. إلا أنه رغم أن الوقت كان يعد بسيطاً فقد شهد الخطاب الذي بث في الساعات الأولى من صباح السبت (ربكة كبيرة) تمثلت في بث كواليس الخطاب على الهواء مباشرة؛ قبل إجازة بثه. حيث كان من المقرر أن يتم تسجيله ومن ثم بثه عبر تلفزيون السودان؛ إلا أن وكالة سونا للأنباء عبر قناتها على اليوتيوب؛ وعدد من القنوات العالمية قامت ببث كواليس الخطاب. وأظهر البث رئيس الوزراء صامتاً لمدة (17) ثانية؛ ومن ثم قال مبتسماً: (نبدأ، حتشطبوا الفات داك ولاَّ حتعملوا فيهو شنو؟، كويس "ههه"؛ طيب). "هل يفيد الاعتذار؟" ضجت الأسافير بما حدث وعده البعض فضيحة بينما رأي بعض آخر أن المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء يتعمد إخراجه بشكل غير لائق، فيما طالب آخرون المكتب بتقديم استقالته لما حدث الذي اعتبروه مهزلة. و طال النقد ايضاً التلفزيون القومي حيث أنه أول ما أعلن عن الخطاب إلا أن البث كان في قنوات أخرى وهو لحق بهم. في وقت تقدمت فيه وكالة السودان للأنباء (سونا) بالاعتذار لمشتركيها وجمهورها الكريم عن ما أسمته الخطأ غير المقصود الذي صاحب بث بيان دكتورعبد الله حمدوك رئيس مجلس الوزراء في الساعات الأولى من صباح اليوم، حول استخدام العنف المفرط ضد المتظاهرين. وقالت سونا في بيانها: "أخطأ فريقنا في بث جملة وجهها السيد رئيس الوزراء لفريق التصوير كان ينبغي إزالتها (منتجتها) قبل البث، و(سونا) إذ تكرر اعتذارها، تعد بالتحقيق الحازم في الخطأ ومحاسبة المسؤولين عنه وتؤكد لجمهورها من المشاهدين والمتصفحين لمواقعها المختلفة على الانترنت أن مداخلاتهم وتعليقاتهم وآرائهم محل عناية وتقدير". و سعت (السوداني) عدة مرات للوصول إلى أحد المسؤولين بالوكالة إلا أنهم لم يستجيبوا للاتصالات المتواصلة و من ثم أغلقوا هواتفهم. "مكتب الرئيس" اللوم الشديد كان موجها إلى المكتب الإعلامي ليس في الحادثة الأخيرة وإنما طوال فترة عمله، لكنه أيضاً لزم الصمت دون التوضيح، إلا أن المستشار الإعلامي لمكتب رئيس الوزراء داليا الروبي كتبت منشوراً على حسابها الشخصي في موقع "فيسبوك" يقول نصهُ : " انا لي خمسة شهور ساكتة، والناس البيعرفوني او زمان كانو بيقولو انهم اصحابي) عارفين اني ما كتومة ورأيي بقولو باي ثمن حتي لو خسرت حاجات كتيرة، القبح الحاصل دا مافي اي كلام ممكن يديهو حقو. انا بفتكر النقد مهم شديد و المقاومة اهم. وبفرح بصوت المواكب في شبابيك مكاتبنا عشان دي معناها الامل لسا في والناس بتعافر عشان توصل الثورة لمكانها الصح. دا بكل الاحوال ما معناهو انو التخوين والشتائم الحاصلة دي مقبولة. في فرق كبير بين الحاجات الحايمة تحت حرية التعبير والنقد البناء. الهجمات ضد النساء بالذات في العمل العام دي ما مقبولة ولو ما وقفنا وشفناها علي حقيقتها هي ممنهجة كيف، اصلو ما حنقدر نحلها. للمعلومة (مع انو عارفة ما بفرق كتير الحقيقة في الجوطة دي) انا امبارح كنت في البيت اليوم كلو عندي ظرف طاريء. (والشغل ما كان منظم من المكتب الانا فيهو)" و تحفظت المستشار الإعلامي لمكتب رئيس الوزراء داليا الروبي في حديثها مع (السوداني) بأن ما عليه التوضيح هو وزير الإعلام فيصل محمد صالح والمستشار الصحفي لمكتب رئيس الوزراء البراق النذير لأنهما كانا مسؤولين عن العمل. و حاولت (السوداني) الوصول إلى المسؤولين إلا أن محاولتها باءت بالفشل نسبة لعدم استجابتهما للاتصالات المتكررة.