وضعية الحماية المؤقتة هي وضعية تمنحها دائرة الهجرة بوزارة الأمن القومي الأمريكية لمواطني الدول الموجودين بأرض الولاياتالمتحدةالأمريكية، ويتعذر عليهم العودة بسلام إلى بلدانهم لثلاثة أسباب: أولها بسبب وجود صراعات وحروب أهلية، وهو ما كان ينطبق على تصنيف السودان حتى صدور القرار؛ وثانيها لأسباب بيئية كالكوارث الطبيعية مثل السيول والفيضانات والزلازل؛ وثالثها أسباب فوق اعتيادية وهي الأمور المتروكة لتقدير ضابط الهجرة. وطبقاً لمعلومات (السوداني)، فإن الولاياتالمتحدةالأمريكية تمنح في الوقت الراهن، حالة الحماية المؤقتة لمواطني عدد من الدول أبرزها السلفادور، وهايتي، وهندوراس، ونيبال، ونيكاراغوا والصومال، وسوريا، واليمن، وجنوب السودان، والسودان قبل أن يتم إلغاء الأمر بموجب قرار وزيرة الأمن بالإنابة إلين ديوك. وبحسب موقع دائرة الهجرة الأمريكية، فإنه يجوز لوزير الأمن الداخلي أن يحدد بلداً من أجل الحماية المؤقتة بسبب ظروف ذلك البلد التي تمنع مواطني البلد من العودة بصورة آمنة أو في ظروف معينة، حيث يتعذر على البلد أن يعالج عودة رعاياه على نحو كافٍ. المقاصد صدور القرار بإلغاء وضعية الحماية المؤقتة للمواطنين السودانيين على الأراضي الأمريكية يعني تغيير تصنيف الحكومة الأمريكية للسودان عقب إشارتها للتحسن الذي طرأ بعد المتابعة اللصيقة التي تحقَّقت بفضل عملية الحوار بين الجانبين منذ 2015م، خصوصاً أن القرار أشار بشكل واضح لمراجعته دوائر ووزارات ذات صلة بالملف السوداني قبل اتخاذه. المفاجأة بدَتْ سعيدة في دوائر الخرطوم الرسمية لجهة مدلولاتها ومضامينها بعد مضي عامين على انطلاق عمليات التفاعل الإيجابي بين الخرطوموواشنطن. واعتبر مقربون من الدوائر الرسمية أن الأمر يعد مؤشراً إيجابياً لما تبذله الدبلوماسية السودانية من جهود في سبيل إعادة المياه إلى مجاريها مع سيدة العالم؛ فيما كانت التعاسة تُخيِّم على بعض المواطنين السودانيين الموجودين على الأراضي الأمريكية خصوصاً أن معظمهم غادروا أرض النيل إلى بلاد العم سام ساخطين على سياسات الدولة الأمر الذي جعلهم محسوبين بشكل أو بآخر على المعارضين لنظام الحكم في الخرطوم والمنتسبين لأحزاب المعارضة. وبذلك أصبح القرار الأمريكي بمثابة سكين على رقاب ما يقارب ال 1039 مواطناً سودانياً طبقاً لما أوردته تقارير إعلامية. وطبقاً للخبير في الشأن الأمريكي بابكر فيصل، في حديثه ل(السوداني) أمس، فإن مواطني السودان في أمريكا كانوا يُمنَحون وضعية الحماية المؤقتة منذ 4 نوفمبر 1997م، ويتم التجديد سنوياً لهم بعد مراجعة تصنيف السودان كل فترة، وفقاً للتقييم الدوري، كاشفاً عن أن آخر تقييم للتصنيف كان في مايو 2016م وتم تجديده حتى نوفمبر 2017م؛ الأمر الذي كان يعني أن المواطنين السودانيين ممن وصلوا إلى أراضي الولاياتالمتحدة كانوا يتمتعون بموجب هذه الحماية المؤقتة بحق الإقامة القانونية وحق العمل والتنقل لمدة عام قابلة للتجديد. التوقيت توقيت اتخاذ القرار الأمريكي بإلغاء الحماية المؤقتة للمواطنين السودانيين، وإمهالهم عملياً حتى نوفمبر 2018م لتوفيق أوضاعهم، بدا مثيراً للدهشة وكأنما تهدف الإدارة الأمريكية لتأكيد كرمها تجاه زيارات وزير الخارجية بروفيسور إبراهيم غندور وإعادته كل مرة حاملاً إحساساً بالزهو، ففي زيارته الأولى للولايات المتحدة عقب تنصيبه وزيراً للخارجية عاد غندور بقرارَين مهمين للخرطوم، تمثّلا في الإشادة بدور السودان في مكافحة الإرهاب، والسماح بفك التحويلات البنكية. هذه المرة يبدو أن واشنطن لم تشأ إعادة الرجل خاوي الوفاض، فما إن غادر إلى نيويورك لجلسات الجمعية العامة للأمم المتحدة، حتى تبعه صدور قرار إلغاء الحماية الذي يعني تغيير تصنيف الخرطوم من دولة حروب وصراعات إلى دولة مستقرة. عموماً للوهلة الأولى لا يبدو أن هناك ارتباطاً بين قرار دائرة الهجرة وبين قرار رفع العقوبات الذي تنتظره الخرطوم بفارغ الصبر، بيد أن ثمة تحليلات ترى أن القرار يرتبط ارتباطاً وثيقاً بوجهة النظر الأمريكية في العقوبات. ويربط بابكر فيصل بينهما من خلال أن أحد أهم المسارات الخمسة في خارطة طريق الحوار السوداني الأمريكي تتعلق بتحقيق السلام وإيقاف الحرب سواء في دارفور أو المنطقتين، وأضاف: "بالتالي صدور القرار بإلغاء وضعية الحماية يعني زوال أسباب التصنيف ما يعني أن السودان في تقدير الإدارة الأمريكية يشهد تحسناً كبيراً على أرض الواقع، وهو ما يُعَدُّ مُقدِّمةً لرفع العقوبات". تحليلات أخرى تذهب إلى أن القرار الأمريكي لا يتعلق بأي حال من الأحوال برفع العقوبات. وينظر أنصار هذا الرأي بتشاؤم للمشهد مستندين على نزعات الرئيس الأمريكي ترمب وتوجهاته في إغلاق الأبواب الأمريكية في وجه المهاجرين.