"نحن ضد ضرب التلاميذ من حيث المبدأ وفي معظم المدارس لدينا اختصاصيون اجتماعيون".. بهذه العبارة الحاسمة بدأت مديرة الإرشاد النفسي بوزارة التربية والتعليم بالخرطوم، د.إخلاص عباس محمد، مُضيفةً: وإذا حدث خطأ من طالب لا يُعاقب بل يُحوَّل للاختصاصي بالمدرسة لمعرفة سبب ما قام به، ومن ثَمَّ يبدأ الاختصاصي في تعديل السلوك، وأشارت إلى أن الضرب موجود ببعض المدارس وبدورنا نقوم بزيارات مفاجئة للمدارس لمعرفة ما إذا كان قد توقف الضرب لديهم أم لا، والأمر يحتاج لشراكة مستمرة لإيقافه وليست اجتهادات فردية، ونسير نحو إيقاف الإهانة اللفظية أيضاً لأنها مؤثرة جداً عليهم، لذلك يجب أن تُمنع فهؤلاء الطلاب سيقودون البلد، نحتاج لإيقافه لحماية هذا الطفل. من ناحيتها قالت أمين أمانة الإعلام بمجلس رعاية الطفولة زهرة نور الدين، إن الأمر يمثل هاجساً والنتائج تشير إلى أنها تعدت مرحلة الظاهرة وأصبحت واقعاً ملموساً، وبعد قانون الطفل 2010م، وإثبات أن العنف ضد الأطفال يخلق آثاراً مدمرة على حياة ونمو وتطور الطفل، وجد الأمر استجابة إيجابية، ولكن تجد أن الآراء السلبية حول التدخل في المدارس يقلل من هيبة المدرِّس، ومن خلال زيارات قمنا بها لمدارس لا تستخدم عقوبة الضرب فوجئنا بالمستوى الأكاديمي المبشر للطلاب فيها، ولا بد من أن تتضافر كافة الجهود من أجل الحل الأنسب لهذا الأمر. (ليكم اللحم ولينا العضُم) ويقول مدير التدريب بوزارة التربية والتعليم د.الطيب محمد الأمين: إن مجهودات الوزارة في مسألة العقوبة البدنية تهتم بالتربية قبل التعليم وتؤدي دوراً مهماً في المجتمعات وحل المشكلات، نهتم بالأطفال وتربيتهم وتنشئتهم وفق الأهداف لأننا نتحكم في مستقبلهم، مسؤوليتنا إعداد هؤلاء الأطفال وتطويرهم ليتكيفوا مع هذا العالم. المعلم ويقضي الأطفال معه ثلث اليوم، لذلك يؤدي دوراً مهماً في السلوك والنهج السليم، لذلك كان لا بد من تطوير قدرات المعلمين وتدريبهم لأداء الرسالة على الوجه المطلوب، منوِّهاً إلى أن المعلم تواجهه تحديات ثقافية والتربية المستدامة وثورة المعلومات، وكان بالضرورة تدريب المعلمين، وقُرِّر الأمر من الوزارة لتدريبهم على مسألة البدائل للعقوبة البدنية وبدأ التدريب "2008" بورشة تنويرية ضمت المديرين والإداريين الذين يملكون زمام الأمر، وإدخالهم في القضية واستمر الأمر حتى "2009" باستهداف المديرين بالتعاون مع معهد حقوق الطفل ووزارة الرعاية، كانت الورش تتناول العقوبة والبدائل وثمار الورش كان "2010" بصدور القرار بمنع العقوبة البدنية بالمدارس، وتمليك المعلمين البدائل المناسبة، حيث كانت البداية بتدريب الموجهين التربويين بحيث يكون الموجه مسؤولاً من المعلمين ويقومون بزيارات للمدارس من "3/5" مرات بالعام الدراسي، 2012م بدائل العقوبة البدنية كانت تمثل جدلاً مثل الطرد من الحصة أو المدرسة مما يسبب أذىً نفسياً للطالب، لذلك كان البديل الأفضل التعزيز الإيجابي لأنه أقل عنفاً وثماره أفضل من البدائل الأخرى، والتربية الإيجابية والتعزيز المردود منها إنسان متكامل نفسياً وعقلياً متصالح مع أسرته والمجتمع ومتماشٍ مع القيم المطروحة عالمياً، لدينا لائحة لتقليل العنف الممارس بالمدارس وأفردنا فصلاً كاملاً بعام 2016م وهو العقاب واستخدام الألفاظ النابية ومراعاة الجانب السلبي، لأنه يسبب التسرب من الحصص والمدرسة، أيضاً معاملة التلاميذ وتحسين قدراتهم، أما الطلاب المميزون فيحفزون، مع مراعاة تحديد فاعلية الثواب والعقاب بالمدارس، ومراعاة أن الطلاب يأتون من بيئات اجتماعية مختلفة يجب مراعاة الفروق الفردية بالثواب والعقاب بالمدارس، ويُمنع منعاً باتاً العقاب الجماعي والشتم والإهانة ويُمنع المعلم من عقاب الطلاب في حالة الغضب والانفعال وممنوع طرد أي تلميذ أو إبعاده أو حرمانه بسبب الرسوم الدراسية، ونحتاج لتعديل المفهوم لأولياء الأمور والمدارس فهنالك آباء يقولون للمعلمين "ليكم اللحم ولينا العضم"، هذا تشجيع لضرب الأبناء بالمدارس، لذلك تبصير المجتمع بأهمية استخدام التربية الإيجابية يتطلب عملاً من كل الفئات ذات الصلة. سلوك إجرامي وعن أصالة العقاب البدني بالمدارس منذ زمن قديم أشارت د.ملاك حامد مركز التدريب بالوزارة، مؤكدة أن العقاب البدني متوارث ولا يتغيّر بقوانين، ويجب تغيير المفاهيم العامة، ونحتاج بدائل تربوية من الفكر الإسلامي ولا نُريد إلغاء العقاب ولكن يكون بصورة أخرى، وأن التعليم تدريب للقدرات الذهنية والتربية تنوير للضمير الداخلي، الذكاء العقلي دون تربية مدمر ويدمر، والتربية بدون تعليم تؤدي للاستقامة الأخلاقية ولكن لا تثبت، نحتاج قاعدة للتغيير الإيجابي والاعتقادات وتغيير مفاهيم، لأن هنالك ملفات بالعقل الباطن البعض يسيطر عليها روح الانتقام الخفي، ترجع للتربية منذ الصغر، نحتاج للملفات الإيجابية والابتعاد عن العناد السالب لأن الأفكار تتحول لأفعال وتصبح عادات لديهم، وهذا سلوك غير مرغوب، الخطأ (لازم) يحصل في مرحلة النمو وفقط يحتاج للمعالجة لأن السلوك الخاطئ ومعالجته بصورة عنيفة يُنتج "سلوكاً إجرامياً". هروب تلاميذ لكن المفكر الإسلامي د.يوسف الكودة أشار إلى نقطة مهمة حين قال إن الضرب بالبيت أسوأ حيث يضرب الطفل لأسباب بسيطة لا تحتاج لعقاب بل توضيح فقط، والتوبيخ يجعل الكلمات تعيش بالذاكرة طوال العمر، والمعلم ليس سهلاً ولا نُقلّل من شأنه، فقط يجب أن تكون هنالك معاينات مختلفة لهم، ويجب أن يراه الطالب في أحسن حالاته، لأنه يستفيد منه أكثر من والده، ويجب أن تهتم الدولة بالمعلم، والدولة الفاشلة هي التي تجعل وزارة التعليم في مؤخرة الوزارات، قانون الدولة أو الوزارة ليس كل شيء، نحتاج لتكوين رأي عام ونشاط دعوي وثقافي، لأن ثقافة تحل محل ثقافة. الناشط الحقوقي ياسر سليم اعتبر قانون 2010 إنجازاً في مجال الطفولة والذي أجازه البرلمان في 29 ديسمبر 2009م، وجعل هذا القانون مصلحة الطفل فوق كل شيء وحظر العنف ضد الأطفال، وأن العنف الذي قد يُمارس داخل المؤسسات التعليمية يؤثر سلباً على شخصية الطفل وثقته بنفسه، ومقدرته على التحصيل والتعليم وغالباً ما يكون العنف سبباً رئيساً وراء هروب الطفل من المدرسة وترك الدراسة نهائياً والى غير ذلك من الآثار النفسية والاجتماعية والانتهاكات لحقوقه في الحياة والعيش والكرامة، مضيفاً أن السودان قد اتجه إلى تطبيق شعار "التعليم دون خوف"، واستخدام البدائل التربوية للعقاب البدني والاتجاه نحو التعزيز الإيجابي في ظل منع العقاب البدني.